الانتخابات التركية

الدوحة – قنا

أجمع محللون سياسيون أتراك على أن انتخابات الرئاسة التركية المقررة غدا /الأحد/، ستكون الأقوى والأكثر حدة وتنافسا بين المرشحين الثلاثة، وهم الرئيس رجب طيب أردوغان المرشح عن “تحالف الشعب”، وكمال كليجدار أوغلو المرشح عن “تحالف الأمة”، وسنان أوغان المرشح عن تحالف “أتا” /الأجداد/، وذلك بعد انسحاب المرشح محرم إنجه.

وقال المحللون، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن كل الاحتمالات قائمة في هذه الانتخابات، وإنه لا ثقة في نتائج استطلاعات الرأي التي تخرج في الوقت الحالي، خاصة أن معظم الجهات القائمة عليها تخدم أجندات معينة.

وتباينت توقعات المحللين بشأن نتائج الانتخابات، حيث يرى البعض أنها لن تحسم من الجولة الأولى، وستكون هناك جولة إعادة، بينما يقول آخرون إن الرئيس رجب طيب أردوغان مرشح حزب العدالة والتنمية و”تحالف الشعب” قادر على حسم نتائج الانتخابات لصالحه من الجولة الأولى بفارق ضئيل عن أقرب منافسيه كمال كليجدار أوغلو مرشح “تحالف الأمة” المعارض بقيادة حزب الشعب الجمهوري.

وأشاروا إلى وجود دور لأطراف خارجية سواء دول أو منظمات، وأن عوامل عديدة سيكون لها تأثيراتها على النتائج، وربما ترجح كفة طرف على الطرف الآخر، لكن يبقى القرار في النهاية للناخب التركي إذ قد لا يلتزم الناخب في الانتخابات الرئاسية بالتوجهات الحزبية التي ينتمي لها، وربما يخرج كثير من الناخبين عن إطار انتمائهم الضيق للحزب ويصوتون وفقا لتفضيلاتهم الشخصية وليس لتفضيلات الحزب.

فمن جانبه، رجح بلال سلايمة، الباحث في السياسة الخارجية بمركز /سيتا/ للدراسات في أنقرة، عدم حسم انتخابات الرئاسة التركية من الجولة الأولى وامتدادها إلى جولة ثانية، وذلك بسبب توزع الأصوات بين مرشحين أساسيين، وهما الرئيس رجب طيب أردوغان، وكمال كيلجدار أوغلو مرشح “تحالف الأمة” المعارض، ومن بعدهما المرشح الأخير سنان أوغان.

وأكد سلايمة، لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن انضمام حزب الشعوب الديمقراطي إلى جبهة المعارضة وهم أحزاب الطاولة السداسية، يدعم هذه الجبهة، ويزيد من حظوظ مرشحها كمال كليجدار أوغلو، خاصة أن حزب الشعوب الديمقراطي لديه قاعدة انتخابية كبيرة.

وأوضح الباحث في السياسة الخارجية بمركز /سيتا/ للدراسات أن كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق في تركيا في شهر فبراير الماضي مثلت اختبارا حقيقيا للحكومة التركية، وقد تستخدمها لصالحها من خلال ردة فعل سريعة وإيجابية، وتكسب من خلالها الناخب التركي، معتبرا أن ردة فعل الحكومة التركية تجاه تلك الكارثة كانت جيدة، وكان لها صداها الإيجابي لدى الناخب التركي.

وتوقع سلايمة أن تشهد هذه الانتخابات إقبالا كبيرا بسبب حجم الاستقطابات التي سبقتها، وأهمية ذلك الصراع الانتخابي تحديدا في تاريخ تركيا، موضحا أن الناخبين الشباب سوف يكونون كتلة مؤثرة ستحسم هذه الانتخابات بشكل كبير.

وعن دور الأحزاب الصغيرة في تلك الانتخابات، قال: إن النظام الانتخابي الحالي الذي يقوم على حسم المعركة الانتخابية من خلال انتخاب رئيس الجمهورية بما يزيد عن 50 بالمئة من الأصوات أعطى دورا أكبر للأحزاب الصغيرة لأن كلا التحالفين سواء تحالف المعارضة أو تحالف الحزب الحاكم يبحث الآن عن نسبة واحد أو اثنين بالمئة قد تكون حاسمة في هذه الانتخابات، وبالتالي حتى الأحزاب الصغيرة التي ليس لديها كتلة انتخابية كبيرة أصبح لها وزن في هذه الانتخابات.

من جانبه، قال السيد يوسف كاتب أوغلو المحلل السياسي عضو حزب العدالة والتنمية: إن الانتخابات الرئاسية ستكون حاسمة وفاصلة وليست كسابقاتها، كما أنها تحمل أهدافا كبيرة للغاية، مشيرا إلى أنه على الرغم من كل هذه التحالفات والتكتلات، سوف يتم حسم الانتخابات من الجولة الأولى لصالح الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي بات رقما صعبا، كما أن رصيده عند الناخب التركي يفرض نفسه بقوة نظير الإنجازات التي حققها، مؤكدا أن هناك تزايدا في شعبية أردوغان، وهذا يرجح كفته في هذه الانتخابات.

وقال أوغلو، في تصريحاته لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن هناك دعما خارجيا للمعارضة التركية وذلك لأن النموذج التركي بقيادة أردوغان بات يزعج الخارج كثيرا، وأصبحت تركيا دولة إقليمية كبرى، وأصبح لها شأن كبير في السياسة الخارجية والإقليمية.

وأضاف أن تحالف المعارضة لن يستطيع الحصول على أكثر من 50 بالمئة في هذه الانتخابات بسبب الانشقاقات، كما أن الأحزاب الصغيرة التي انضمت لأحزاب الطاولة السداسية المعارضة هي أحزاب هامشية لا وزن انتخابي لها، وبعضها لم يتم اختباره انتخابيا من قبل، فضلا عن أن “تحالف الشعب” المتمثل في حزب العدالة والتنمية والأحزاب المتحالفة معه زاد قوة بانضمام حزب الرفاه من جديد، بقيادة فاتح أربكان إلى هذا التحالف، إضافة إلى وجود حزب الحركة القومية، وانضمام حزب الحركة الكبرى، ثم انضمام حزب اليسار الديمقراطي، وهي أحزاب من شأنها أن تزيد شعبية وقوة تحالف الشعب، والذي من المتوقع أن يجتاز نسبة الـ 50 بالمئة.

 

من جانبه، أكد يوسف كاتب أوغلو، المحلل السياسي التركي، أن كارثة الزلزال التي حلت بتركيا كان لها تأثيراتها الإنسانية والاقتصادية، حيث أثرت على 11 ولاية و13 مليون ساكن في تلك الولايات، فضلا عن تجاوز تكلفة الأضرار الناجمة عن الزلزال وتأثيراته 104 مليارات دولار، إلى جانب الكثير من التبعات الإنسانية.

وأوضح أوغلو، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن تركيا شهدت حالة استنفار مطلق لتقديم كل أنواع الدعم للمتضررين من الزلزال، وهذا له صدى لدى سكان هذه المناطق المتضررة، والتي تصوت دائما لصالح حزب العدالة والتنمية، باستثناء بعض المناطق مثل إقليم /هطاي/ و/ديار بكر/ التي تصوت لحزب الشعب الجمهوري.

وأضاف أن التحدي الكبير كان في قرار الرئيس رجب طيب أردوغان بعدم تأجيل الانتخابات رغم أزمة الزلزال، وهو ما يؤشر إلى مدى ثقته وقوته، حيث إنه لا يريد خلق الذرائع، ما سيكون له صدى إيجابي عند الناخب التركي.

وشدد على أن هذه الانتخابات ستشهد إقبالا كبيرا على التصويت، وأن نسبة المشاركة سوف تفوق 85 بالمئة، متوقعا أن تكون هناك محاولات لإظهار المظلومية من جانب المعارضة، التي أيقنت أن هناك تقدما لتحالف الشعب من واقع نتائج الاستطلاعات التي تجرى، وقد تكون هناك محاولات لافتعال أزمات، لكنه قال إن هذه الانتخابات ليست الأولى في تركيا، وهناك آليات تضمن نزاهة الانتخابات.

من جانبه، قال الدكتور علي باكير الخبير في الشأن التركي أستاذ العلاقات الدولية والأمن والدفاع بمركز ابن خلدون في جامعة قطر: إن انتخابات الرئاسة التركية بها 3 مرشحين والانطباع العام السائد أنه كلما زاد عدد المرشحين كلما بات احتمال حسم الانتخابات من الجولة الأولى أصعب، وهو ما يجعل هناك احتمالية للذهاب إلى جولة ثانية في تلك الانتخابات، مشيرا إلى أن كل طرف من الأطراف المتنافسة يسعى جاهدا لحسم الانتخابات لصالحه من الجولة الأولى، والحصول على نسبة 50 بالمئة + 1 من الأصوات.

وأضاف الدكتور باكير، في تصريحاته لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن وجود 3 مرشحين باتجاهات سياسية مختلفة يؤشر إلى أن عددا كبيرا من الأصوات سوف يتوزع بين هؤلاء المرشحين الثلاثة.

وأوضح أن الناخب التركي سوف يركز بشكل كبير على أولويات المرشحين فيما يتعلق بالسياسة الداخلية، وما يمس حياتهم اليومية بشكل مباشر بغض النظر عما يعتقده البعض من أن أجندة أحزاب المعارضة تتماهى مع التوجهات الخارجية، لا سيما الغربية، معتبرا أن هذا الأمر لن يؤثر بشكل كبير على الناخب التركي.

وقال إن هناك تحالفا غير معلن بين حزب الشعوب الديمقراطي وأحزاب الطاولة السداسية المعارضة، والهدف من عدم إعلان هذا التحالف بشكل رسمي يرجع إلى سببين رئيسيين أولهما حرمان حزب العدالة والتنمية وحلفائه من ورقة انتقاد المعارضة والطاولة السداسية، والسبب الثاني هو الحفاظ على تماسك أحزاب الطاولة السداسية، خاصة أن أحد أحزاب الطاولة السداسية وهو حزب “الجيد” يعارض بقوة أي تحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي.

وأكد أن الكتلة الكردية هي كتلة كبيرة وغالبا ما تقوم بالتصويت معا، بمعنى أن أصواتها غير مشتتة مثل أصوات القوميين والإسلاميين واليساريين، وغالبا ما تركز على العنصر القومي الكردي، وهناك ضمن الكتلة الكردية الكبيرة بعض الأحزاب الكردية الصغيرة ذات التوجه المحافظ أو الإسلامي، وهي عادة لا تصوت لليسار، ولكن يجري العمل من جانب أحزاب المعارضة وحزب الشعوب الديمقراطي، على أن تقوم هذه الكتلة الكردية بالتصويت لمرشح الطاولة السداسية كمال كليجدار أوغلو.

وأضاف أن ما يعزز هذه الفرضية هو عدم ترشح أي شخصية كردية في انتخابات الرئاسة الحالية بخلاف الانتخابات السابقة، وبالتالي من المرجح أن تذهب أصوات هذه الكتلة إلى مرشح الطاولة السداسية، وهو الأمر الذي قد يرفع حظوظ أوغلو في المنافسة بتلك الانتخابات لأن هذه الكتلة هي كتلة كبيرة، وعادة ما تصل في حجمها إلى 8 بالمئة من الأصوات، وهي نسبة بإمكانها أن تغير كثيرا من الحسابات إذا ما صح وذهبت أصواتها ككتلة واحدة هذه المرة في اتجاه دعم مرشح الطاولة السداسية.

وتابع أن هناك من يرى أن المرشح كمال كليجدار أوغلو له، مرشح مناسب للحصول على أصوات المعارضة بشكل عام، إضافة إلى حصوله على أصوات أتباع حزب الشعوب الديمقراطي.

 

وقال الدكتور علي باكير الخبير في الشأن التركي أستاذ العلاقات الدولية والأمن والدفاع بمركز ابن خلدون بجامعة قطر، في تصريحاته لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن التصويت في الانتخابات الرئاسية عادة ما يكون ضمن الإطار الحزبي، لكن ربما يحدث بعض الاستثناءات، ما يجعل هناك أهمية لكل صوت بغض النظر عن الانتماء الحزبي للناخب ولهذا يكون التنافس على أشده لاستقطاب حتى الأحزاب الصغيرة التي ربما لا يكون لها وزن على مستوى السياسة المحلية، ولكن يتم استقطابها للدخول في تحالفات أو دعم أحد مرشحي الرئاسة لتأمين أكبر عدد ممكن من الأصوات من خارج الكتلة الانتخابية التقليدية لكل المرشحين، وبالتالي فإن دور الأحزاب الصغيرة مهم في تلك الانتخابات.

وأوضح الدكتور باكير أن التجربة التاريخية تؤكد أن الكثير من استطلاعات الرأي التي تجريها بعض المؤسسات خلال فترات الانتخابات قد لا تكون دقيقة أو حتى قريبة من الواقع إلا بعض الاستثناءات، وبالتالي من الصعب الأخذ بنتائج تلك الاستطلاعات.

وأشار إلى أن بعض المؤسسات التي تجري استطلاعات الرأي تتحرك وفق أجندات سياسية، وبالتالي يصبح عملها أقرب إلى الدعاية الانتخابية منها إلى تقدير الواقع.

ورأى أن أحزاب المعارضة تراهن على الحصول على أكبر قدر من الأصوات في المناطق الساحلية، إضافة إلى المدن الرئيسية مثل إسطنبول وأنقرة، بينما يراهن حزب العدالة والتنمية على الحصول على أكبر عدد من الأصوات بالداخل التركي، وهو قلب الأناضول، إضافة إلى المدن الكبرى.

وأضاف أن نسبة الإقبال على التصويت في جميع الانتخابات التركية هي بين الأعلى في العالم، وهو ما يعد ردا على المشككين في نتائج شرعية الانتخابات أو مشروعية ما ينجم عنها من تشكيلات سياسية أو حزبية، متوقعا أن تكون هناك مشاركة عالية بغض النظر عن النسبة التي سيتم تسجيلها، مشيرا إلى أن بعض التوقعات تفيد بأن نسبة الإقبال سوف تصل إلى 90 بالمئة، ما سيكون إقبالا تاريخيا حال حدوثه.

وأشار إلى أن هذه الانتخابات تعد الأقوى والأكثر تنافسية وأهمية، موضحا أن التقديرات حول النتائج قد لا تكون دقيقة في الوقت الحالي، خاصة أن هناك متغيرات كثيرة دخلت على هذه الانتخابات للمرة الأولى بخلاف المرات السابقة، منها شكل التحالفات ودور الأحزاب الصغيرة، وشكل عملية التصويت، وبالتالي فإن نتائج هذه الانتخابات مفتوحة على كل الاحتمالات.

من جانبه، قال الدكتور سعيد الحاج الباحث في الشأن التركي: إن هناك حالة استقطاب وتحالفات كبيرة في هذه الانتخابات، وبالتالي ستكون المنافسة قوية بين المرشحين، متوقعا أن تشهد هذه الانتخابات جولة إعادة، وأنها لن تحسم من الجولة الأولى.

وأكد الحاج، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، وجود أطراف خارجية تلعب دورا في هذه الانتخابات، سواء دول أو منظمات ترغب في إزاحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن حكم تركيا، لكن السؤال المهم هو إلى أي مدى هذه الأطراف الخارجية قادرة على التأثير في الانتخابات.

وأضاف أن الانتخابات التركية في النهاية سوف تحسم بقرار الناخب التركي على الرغم من أن هذه الأطراف الخارجية ربما يكون لها تأثير على الاقتصاد التركي، أو يكون لها دور في تنسيق مواقف المعارضة، لكن في النهاية صوت الناخب هو من سيحدد الفائز في هذه الانتخابات. وقال: “شاهدنا خلال استحقاقات انتخابية سابقة أن التدخل الخارجي ضد أردوغان يأتي في النهاية لصالحه لأن الناس التفت حوله أكثر وأكثر”.

وفيما يتعلق بنتائج استطلاعات الرأي التي تخرج في تركيا، قال: إن هناك مشكلة لدى الشركات القائمة على هذه الاستطلاعات منذ سنوات طويلة، وهي أن معظم هذه الشركات مرتبطة بأحزاب سياسية، وبالتالي هي تصدر نتائج تخدم المرشح الذي تدعمه، كما أن بعض هذه الشركات ربما تكون حديثة وليس لديها الأدوات المهنية المطلوبة، فضلا عن أن الشارع التركي لا يثق كثيرا في نتائج هذه الاستطلاعات.

وأشار إلى أن تحالف الشعب الحاكم أو تحالف المعارضة لا يملك أيا منهما حتى الآن 50 بالمئة من أصوات الناخبين في تركيا، مشددا على أن تصويت الشباب في هذه الانتخابات مهم جدا، خاصة أن هناك تقديرات تقول إن 5 ملايين ناخب سوف يصوتون للمرة الأولى، وهذه الشريحة لا تعرف تركيا إلا في عهد أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وبالتالي قد يكون من الصعب عليها تقدير حجم الإنجازات في عهد أردوغان، ومن ناحية أخرى لديهم رغبة في التغيير، ولديهم مطالب مختلفة عن الأجيال السابقة، كما أنه ليس لديهم التخوفات نفسها من عودة حزب الشعب الجمهوري والمعارضة للحكم، بخلاف الشرائح الأكبر سنا منهم.

شاركها.
Exit mobile version