السودان – الفاشر
نيويورك – قنا
أدان أعضاء مجلس الأمن الدولي، هجوم قوات الدعم السريع على مدينة /الفاشر/ شمال دارفور بالسودان، وأثره على المدنيين، معربين عن قلقهم البالغ إزاء تصاعد العنف في المدينة.
وطالب أعضاء مجلس الأمن، في بيان صحفي عقب اجتماعهم اليوم، قوات الدعم السريع برفع الحصار عن /الفاشر/، وذلك استنادا إلى قرار مجلس الأمن رقم 2736، والذي يدعو إلى الوقف الفوري للقتال وتهدئة الأوضاع في /الفاشر/ وما حولها.
كما أدان أعضاء المجلس الفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد السكان المدنيين، بما في ذلك عمليات الإعدام بإجراءات موجزة والاعتقالات التعسفية، مطالبين بمحاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات.
وحث أعضاء مجلس الأمن، خلال جلستهم، على الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يهدف إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار، مطالبين بدعم جهود السلام الدائم، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وفي كلمته أمام المجلس أعرب فاسيلي نيبينزيا السفير الروسي لدى الأمم المتحدة عن القلق إزاء التقارير الواردة عن انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق، مضيفا أن العنف ضد المدنيين غير مقبول.
وأوضح قائلا: إن الفظائع المرتكبة ضد السكان المدنيين في الفاشر والصور المنتشرة على الإنترنت بهذا الشأن، صادمة، مشيرا إلى فظائع مماثلة وقعت في السابق في الجنينة والجزيرة في السودان.
من جانبها قالت دوروثي شيا السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، إن قوات الدعم السريع وحلفاءها “ارتكبوا إبادة جماعية”، مضيفة أن قتلهم الممنهج للرجال والفتيان، “حتى الرضع، واستهدافهم المتعمد للنساء والأطفال له دوافع عرقية.
وأضافت أن الولايات المتحدة تدين “هذه الفظائع البغيضة بعبارات لا لبس فيها”، مشددة على ضرورة محاسبة المسؤولين عنها، بما في ذلك من خلال العقوبات.
وأكدت أنه يجب على مجلس الأمن استخدام جميع الأدوات المتاحة لتيسير التوصل إلى السلام في البلاد، داعية الأطراف المتحاربة في السودان إلى وقف الأعمال العدائية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع أنحاء البلاد وحماية المدنيين.
من ناحيته أكد غانغ شوانغ نائب السفير الصيني لدى الأمم المتحدة، على أولوية وقف إطلاق النار في السودان، مشيرا إلى قرار مجلس الأمن رقم 2736 الذي يطالب قوات الدعم السريع برفع حصارها عن /الفاشر/، ويدعو كل الأطراف إلى وقف الأعمال العدائية فورا وضمان حماية المدنيين.
وقال إن بلاده تدين بشدة الفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع، وتطالبها بأن توقف فورا جميع أعمال العنف وتمتنع عن تخطي الخطوط الحمراء للقانون الدولي الإنساني، داعيا كل أطراف الصراع إلى منح الأولوية لمصلحة السودان وشعبه، والإنصات لمناشدات المجتمع الدولي والامتثال الصارم لقرارات مجلس الأمن، والوقف الفوري والكامل لجميع الأعمال العدائية.
من جانبه، أعرب جيروم بونافون سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، عن إدانة بلاده الشديدة لتوسيع وتكثيف هجوم قوات الدعم السريع في /الفاشر/، مضيفا أن التقارير الواردة من المدينة تذكر بالفظائع الجماعية التي ارتكبت في دارفور قبل 20 عاما.
كما أدان الهجوم على المستشفى السعودي للولادة، حيث تشير التقارير الأولية لمنظمة الصحة العالمية إلى مقتل نحو 460 شخصا، مشددا على ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
وأكد بونافون عدم وجود حل عسكري للصراع في السودان، داعيا جميع الجهات الخارجية الفاعلة إلى وقف إمداد الأطراف ماليا وعسكريا، كما دعا الأطراف إلى الالتزام بحظر الأسلحة في دارفور، الذي جدده المجلس بالإجماع في ديسمبر الماضي.
من ناحيته قال جيمس كاريوكي نائب ممثل المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن بلاده إلى جانب الجزائر وسيراليون والصومال وغيانا والدانمارك، دعت إلى تقديم موعد هذا الاجتماع إلى اليوم بدلا من موعده المقرر الشهر المقبل، وذلك للشعور بقلق بالغ إزاء تصاعد العنف في /الفاشر/ وعواقبه الوخيمة على السكان المدنيين”.
ودعا جيمس كاريوكي قوات الدعم السريع إلى الامتثال التام لالتزاماتها بموجب القانون الدولي بحماية المدنيين، مع ضرورة التوقف عن جميع الهجمات على عمال الإغاثة والبنية التحتية المدنية.
كما حث الأطراف على التعاون الكامل مع الأمم المتحدة والجهات الإنسانية الأخرى، ورفع القيود المفروضة على الحركة، وتقديم ضمانات أمنية للسماح بالوصول دون عوائق إلى /الفاشر/ وما حولها.
وفي سياق متصل قال عمار بن جامع السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة، في كلمة ألقاها نيابة عن الدول الإفريقية الثلاث في المجلس (سيراليون والصومال والجزائر) بالإضافة إلى غيانا، إن السيناريو الذي خشي منه الجميع ودعوا إلى تفاديه، أصبح واقعا مروعا بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، مضيفا أن ذلك يمثل خطوة خطيرة نحو تجزئة السودان.
وتحدث بن جامع عن مقاطع الفيديو المروعة التي تظهر أعمال العنف ضد المدنيين، والتقارير التي تفيد بمقتل 460 مريضا ومرافقيهم بيد قوات الدعم السريع في مستشفى للولادة.
وأضاف أن /الفاشر/، تدعو إلى تحقيق العدالة، والرد القوي من المجتمع الدولي، مشددا على ضرورة ألا يبقى مجلس الأمن صامتا أمام هذه الفظائع وضرورة مساءلة قوات الدعم السريع على الانتهاكات والفظائع التي ترتكبها.
من ناحيته قال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، إن /الفاشر/ انحدرت إلى جحيم أشد ظلمة، مع ورود تقارير موثوقة عن عمليات إعدام واسعة النطاق بعد دخول مقاتلي قوات الدعم السريع إلى المدينة.
وأضاف فليتشر أن القتل لم يقتصر على دارفور، مشيرا إلى حوادث أخرى وقعت في عدة مناطق في السودان بما فيها منطقة كردفان، موضحا أن أزمة السودان في جوهرها هي أزمة حماية، وكذلك أزمة جوع.
وأكد أن أطفال السودان يواجهون مخاطر جسيمة بشكل خاص، حيث يتم تجنيد عدد لا يحصى من الأطفال قسرا لقتل بعضهم البعض، مشيرا إلى أن ما يقرب من واحد من كل خمسة مدنيين قتِلوا في الفاشر هذا الشهر كان من الأطفال.
ودعا إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف الفظائع ضد المدنيين، ووصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون عوائق في جميع أنحاء السودان، ومزيد من التمويل.
وفي سياق متصل قالت مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا:” إن خطر الفظائع الجماعية، والعنف المُستهدف عرقيا، والمزيد من انتهاكات القانون الدولي الإنساني – بما في ذلك العنف الجنسي – لا يزال مرتفعا بشكل مُقلق في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في /الفاشر/”.
وأكدت بوبي، في كلمتها أمام مجلس الأمن، أن مكتب حقوق الإنسان وثّق تقارير عن عمليات قتل جماعي وإعدامات بإجراءات موجزة خلال عمليات تفتيش من منزل إلى منزل، ومع محاولة المدنيين الفرار من المدينة.
ورجحت المسؤولة الأممية أن تكون منطقة كردفان “ساحة التركيز العسكري التالية للأطراف المتحاربة”، مشيرة إلى تقارير عن فظائع واسعة النطاق ارتكبتها قوات الدعم السريع في /بارا/، شمال كردفان، عقب الاستيلاء عليها مؤخرا، بما في ذلك “أعمال انتقامية ضد من يُسمونهم متعاونين، والتي غالبا ما تكون ذات دوافع عرقية”، وإعدامات بإجراءات موجزة لخمسة من متطوعي الهلال الأحمر.
وأكدت بوبي على ضرورة الوقف الفوري للقتال، والحوار المستمر، مشددة على أن الدعم الخارجي يمكن الصراع، مع استمرار تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان، “مما يُسهم في تفاقم الوضع المتأزم أصلا”.
وقالت بوبي إن مجلس الأمن الدولي لم يتخذ إجراءات حاسمة لمنع تدهور الوضع، على الرغم من التحذيرات التي صدرت منذ أشهر بشأن الكارثة المُتكشفة في الفاشر، ودعت المجلس إلى استخدام جميع الأدوات المتاحة له للمطالبة بالسلام في السودان.
