يشعر بعض الأشخاص بالغرابة عند تحقيق أي إنجاز، وكأنهم لا يستحقون النجاح. وصاغت مصطلح «ظاهرة المحتال» عام 1978 عالمتا النفس الأميركيتان بولين كلانس وسوزان إيمز، اللتان لاحظتا أن طالباتهما يساورهن الشك في قدراتهن. وقد وجد استطلاع أُجري عام 2021 أن ما يصل إلى 82 في المائة من الناس قد عانوا مما يُعرف بمتلازمة المحتال -ذلك الشعور المزعج بأنك خدعت الجميع ليعتقدوا أنك تعرف ما تفعله، وفقاً لصحيفة «الغارديان».
قالت الدكتورة جيسامي هيبرد، عالمة النفس ومؤلفة كتاب «علاج المحتال»: «متلازمة المحتال شائعة جداً بين مرضاي. ويبدو أنها أسوأ بين الأشخاص ذوي الإنجازات العالية والكفاءة، الذين يبدون ناجحين للغاية وذوي خبرة». في الواقع، تحدثت ميشيل أوباما، وديفيد بوي، ومايا أنجيلو جميعاً عن شعورهم بأنهم لا يستحقون نجاحهم.
أفادت هيبرد بأن هذا الشعور لا يرتبط فقط بمكان العمل، بل قد يحس الناس بأنهم غير كفئين عند تربية الأبناء، وفي علاقاتهم الاجتماعية أيضاً، حيث إن وسائل التواصل الاجتماعي كلها عوامل تُولّد مشاعر عدم الكفاءة، والخوف العميق من كشف أمرهم. يمكن أن تؤدي متلازمة المحتال إلى القلق، والاكتئاب، وتؤثر على قدرتنا على المخاطرة، وتُصعّب التقدم.
فماذا تفعل إذا لم تستطع التخلص من شعورك بأنك على بُعد رسالة بريد إلكتروني سيئة الصياغة؟ كيف يمكنك التغلب على الخوف من أن يوماً سيئاً يعني انهيار كل شيء؟
تتبع مخاوفك
أفادت هيبرد: «غالباً ما يتوقع الأشخاص المصابون بمتلازمة المحتال حدوث أسوأ السيناريوهات، ويرفضون الفرص لاعتقادهم أن الأمور قد تسوء، ثم يُكشف أمرهم… لقد مررت بهذه التجربة مؤخراً، عندما حاولت إقناع نفسي بالتخلي عن خطاب عام، لأنني كنت قلقة من أن الأمور ستسوء».
للتغلب على ذلك، تشجع هيبرد عملاءها على تدوين توقعاتهم المقلقة، ثم تتبع ما يحدث بالفعل -وهو أمر تقوم به بنفسها. قالت: «عندما تبدأ بفعل هذا، تدرك أن الأسوأ لا يحدث، بل في الواقع عادةً ما تسير الأمور على ما يرام… تزداد ثقتك بنفسك عندما تدرك أن هذا مجرد وهم، وأنه غير واقعي».
الغوص في المجهول
أفادت أماندا برينكلي، مدربة الأعمال والمعالجة النفسية: «غالباً ما يعتقد أولئك الذين يشعرون بأنهم محتالون أن عليهم دائماً أن يكونوا الخبراء، أو أن يكونوا على أهبة الاستعداد. في حين أن الجهل قوة عظمى، وليس ضعفاً».
وتابعت أنه من الممكن تدريب الدماغ على التأقلم مع عدم اليقين، والاستمتاع بالغوص في المجهول. وأضافت: «ليس عليك أن تأتي بكل قوتك، عالماً بكل شيء. ذكّر نفسك بأنه من المقبول تماماً قول (لا أعرف)… ومن الجيد طرح الأسئلة؛ وقد يُشعرك طلب المساعدة بالتمكين. في الواقع، قد تجد أن الناس يستجيبون بشكل أفضل للمتعلم الفضولي، بدلاً من الخبير الذي يدعي المعرفة الكاملة».
احتفل بإنجازاتك
أوضحت هيبرد: «يميل المصابون بمتلازمة المحتال إلى القسوة على أنفسهم عندما لا تسير الأمور على ما يرام، ويقللون من شأن أي نجاح يحققونه… ولهذا السبب لا يشعرون أبداً بالرضا الكافي، ويشعرون بالانفصال عن إنجازاتهم».
وللتغلب على هذا، تطلب هيبرد من عملائها تدوين ثلاثة أشياء أنجزوها بشكل جيد كل يوم. وتقول: «أطلب منهم قراءتها بصوت عالٍ في جلساتنا، ويجدون الأمر صعباً للغاية في البداية. يشعر الناس براحة أكبر عند إعادة تذكر الأشياء التي لم يكونوا راضين عنها. ولكن مع مرور الوقت يصبح الاحتفال بالإنجازات بهذه الطريقة أكثر طبيعية، ويمكنك موازنة الأفكار السلبية بأفكار إيجابية».
تعلم تقبّل الإطراء
أوضحت هيبرد: «يجد من يعانون من متلازمة المحتال صعوبة بالغة في تقبّل الإطراءات وتذكرها، ويتجاهلون نجاحاتهم… علينا أن نتعلم قبول المديح حين نستحقه. قد يبدو هذا الأمر غير مريح، أو غير طبيعي في البداية -حاول أن تبدأ ببساطة بقول (شكراً لك) عندما يُثني عليك أحدهم، أو يُنسب إليك الفضل».
الخطوة التالية هي البدء في مدح نفسك. قالت هيبرد: «تذكر أن تُخبر نفسك عندما تعتقد أنك قد أحسنت صنعاً… ثم يمكنك البدء في إخبار الآخرين بالأشياء التي أنجزتها، أو تعلمتها».
تقبّل إخفاقاتك
أفادت برينكلي: «هناك ميل هذه الأيام -وخاصةً عبر الإنترنت- إلى مشاركة أفضل ما في وظائفنا، أو عائلاتنا، وصداقاتنا فقط، وهذا قد يزيد من شعورنا بمتلازمة المحتال سوءاً… نحن بارعون جداً في التظاهر بأن الأمور سهلة، لكننا لا نشارك مشاعر التوتر، أو عدم الكفاءة طوال الطريق، أو كل الجهد الذي بذلناه للوصول إلى النتيجة النهائية».
أشارت برينكلي إلى أنه بتقبّل إخفاقاتنا، وأخطائنا -وبمشاركة عثراتنا، وحتى مكافأة أنفسنا والآخرين على فرصة التعلم- نفقد الإحساس بأننا غير كفئين، أو محتالين.
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}