قالت إيران إن مجموعة العمل المالي المعروفة بـ«فاتف» وجهت دعوة إلى رئيس مركز المعلومات المالية الإيراني، لإجراء مفاوضات حضورية بعد 6 سنوات من الانقطاع، في خطوة اعتبرتها طهران بداية لمسار محتمل يهدف إلى إخراج البلاد من القائمة السوداء، وتعليق الإجراءات الدولية المضادة المفروضة عليها، لكن تفعيل هذا المسار لا يبدو بهذه السهولة.
وذكر مركز المعلومات المالية الإيراني أن الدعوة جاءت عقب استعراض طهران لإجراءاتها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بعد مصادقة «مجلس تشخيص مصلحة النظام» على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة المعروفة بـ«باليرمو».
وحسب بيان رسمي نقلته وكالة «إرنا» الحكومية، فقد وجهت الأمانة العامة لمجموعة العمل المالي دعوة إلى هادي خاني، أمين المجلس الأعلى للوقاية من الجرائم المالية ومكافحتها، للمشاركة في المفاوضات المرتقبة التي ستُعقد في العاصمة الإسبانية مدريد.
ولا تزال إيران تواجه ضغوطاً داخلية بشأن استكمال التشريعات المرتبطة بانضمامها إلى الاتفاقيتين الدوليتين اللتين تشترطهما «فاتف»، وهما اتفاقية «باليرمو» واتفاقية «مكافحة تمويل الإرهاب» المعروفة بـ«سي إف تي».
وأكدت الخارجية الإيرانية أن ملف إيداع اتفاقية «باليرمو» لدى الأمم المتحدة أصبح ضمن جدول أعمالها، في حين تجري متابعة المصادقة على «سي إف تي» التي لا تزال موضع خلاف داخلي.
وفي 5 أغسطس (آب) 2025، أبلغ سعيد إيرواني، مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، الأمين العام أنطونيو غوتيريش، بعزم الحكومة الإيرانية على إيداع وثيقة المصادقة على اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة، والتي تم توقيعها رسمياً من قبل وزير الخارجية عباس عراقجي في 30 يوليو (تموز) 2025.
ووقعت إيران الاتفاقية عام 2000، وأقرّ البرلمان الانضمام إليها في عام 2017، إلا أن اعتراضات «مجلس صيانة الدستور» أخّرت العملية لسنوات، إلى أن صادق «مجلس تشخيص مصلحة النظام» عليها في مايو (أيار) 2025، لتتحول إلى قانون نافذ.
وأعلن رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، في 21 مايو المصادقة على القانون وإحالته إلى رئيس الجمهورية لتنفيذه.
مقاومة سياسية
تُعد اتفاقية «باليرمو» واحدة من أربع اتفاقيات رئيسية تشدد عليها «فاتف»، وكانت إيران قد انضمت مسبقاً إلى اثنتين منها.
ويُفترض أن تكون المصادقة على «سي إف تي» خطوة ضرورية نحو الامتثال الكامل لمعايير «فاتف»، وبالتالي رفع العقبات أمام انفتاح إيران المالي والاقتصادي على العالم، غير أن هذا المسار يواجه مقاومة سياسية من التيار المحافظ، خاصة «مجلس تشخيص مصلحة النظام» الذي يضم شخصيات مقربة من «الحرس الثوري».
وقد يؤدي هذا المسار إلى تقييد أنشطة «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري»، ويعرّض وكلاء طهران الإقليميين لمخاطر قانونية دولية، خصوصاً «حزب الله» وعدداً من الفصائل العراقية المسلحة.
وتلقت إيران إشارات من مجموعة العمل المالي بإمكانية العودة إلى المفاوضات، إلا أنها سبق أن هددت في بيان حاد اللهجة عام 2020 بدعوة جميع أعضائها إلى تطبيق تدابير مضادة فعالة في حال لم تعتمد إيران الاتفاقيتين المطلوبتين، بما يتماشى مع التوصية رقم 19 من قواعدها.
ويخشى معارضو الحكومة من أن يؤدي تنفيذ تلك الاتفاقيات إلى كشف شبكات تمويل تعتمد عليها إيران في دعم نفوذها الإقليمي، في حين تدّعي الحكومة بأن الامتثال يفتح الأبواب أمام الاستثمار الأجنبي، ويحدّ من عزلة النظام المصرفي الإيراني.
وبينما تستعد إيران لجولة مفاوضات مع «فاتف»، ستكون قدرة الحكومة على تجاوز العقبات الداخلية العامل الحاسم، خصوصاً في ظل توجّه متصاعد داخل مؤسسات الدولة نحو ترسيخ دور «الحرس الثوري» في المهمات العابرة للحدود، بما يتجاوز الحسابات الاقتصادية المباشرة.
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}