لوضعية النوم آثارٌ عميقة، ليس فقط على جودة النوم، بل على الصحة على المدى الطويل. في الواقع، في أسوأ الحالات، قد تؤدي وضعية نوم سيئة إلى الوفاة تدريجياً، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «التليغراف».
وعلى الرغم من تأثير وضعية النوم على حالاتٍ مثل الخرف وأمراض القلب، فإن الأبحاث محدودة وتميل إلى التركيز على الآلام والأوجاع. لكن ألم الظهر ليس سوى أحد آثار وضعية النوم غير المناسبة.
وأشارت الدكتورة كات ليديرل، عالمة نوم ومؤلفة كتاب «Sleep Sense»، في هذا المجال، إلى أن عوامل نمط الحياة خلال النهار عادةً ما تكون سبباً لمشكلات وضعية النوم ليلاً.
وقالت: «ما تفعله خلال النهار عادةً ما يُحفِّز الألم وعدم الراحة اللذين تشعر بهما عند النوم في وضعياتٍ مُعينة. ومن أكثر العوامل المُساهمة في ذلك شيوعاً نمط الحياة الخامل، لذلك من المهم الحركة بانتظام خلال النهار».
المخاطر الصحية لوضعية نومك… وكيفية التعامل معها
النوم على الجانب
يُعد النوم على الجانب الوضعية الأكثر شيوعاً، ولكنْ هناك آثار صحية قد يتعرَّض لها بعض الأشخاص تبعاً لطريقة النوم.
يُنصح النساء الحوامل وأي شخص يعاني من ارتجاع المريء أو مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) أو مشكلات أخرى في الأمعاء بالنوم على الجانب الأيسر، وشرحت سامي مارغو، متخصصة العلاج الطبيعي المعتمدة وخبيرة النوم، ومؤلفة كتاب «دليل النوم الجيد»: «المعدة تكون في مستوى أدنى من المريء».
من ناحية أخرى، يُنصح الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب بمحاولة النوم على الجانب الأيمن؛ لتخفيف الضغط على القلب.
وتشير الدراسات إلى أنه عندما يستلقي الشخص على جانبه الأيسر، يتغير وضع قلبه بفعل الجاذبية. وهذا يُسبب تغيرات في النشاط الكهربائي للقلب. تُثبّت الأنسجة والهياكل الموجودة بين الرئتين القلب في مكانه عند النوم على جانبك الأيمن.
قد يؤثر وضع النوم أيضاً على صحة الدماغ. في أثناء النوم، يقوم الجهاز اللمفاوي في الدماغ بـ«غسل» الفضلات السامة بعيداً عن الدماغ. وتشير الأدلة إلى أن هذه العملية تعمل بشكل أفضل عند النوم على الجانب الأيمن.
وأشارت ليديرل إلى أنه «قد يكون هذا الأمر مثيراً للاهتمام للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالخرف أو ألزهايمر أو أي نوع من الأمراض العصبية التنكسية».
كما أوضحت مارغو، أنه قد تحدث مشكلات في وضعية النوم لدى مَن ينامون على جانبهم، وذلك حسب شكل الجسم. وقالت: «النساء ذوات قوام الساعة الرملية اللواتي ينمن على مرتبة ناعمة ستغدو أجسامهن مثل الموزة، مما يسبب إجهاداً للعمود الفقري والوركين. بينما قد يعاني الرجال الذين ينامون على الجانب من ألم متزايد في أكتافهم مع تقدمهم في السن وضعف عضلاتهم».
كما يمكن أن يسبب النوم على الجانب التجاعيد وترهل الثدي؛ لأن جلد الوجه قد يضغط على الفراش، ويمكن للجاذبية أن تسحب أنسجة الثدي وتمدد الجلد.
بحثت دراسة أجرتها جامعة بكين للغابات وكلية تشنتشو المهنية التقنية عام 2022 في العلاقة بين وضعية النوم وجودتها. واستخدمت أجهزة استشعار مرنة قابلة للارتداء لمراقبة وضعية النوم وتكرار التقلبات. وخلصت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين لا يعانون من اضطرابات النوم والذين يفضلون النوم على الجانب ينامون بشكل أفضل من أولئك الذين يفضلون النوم على ظهورهم، وأن كثرة التقلب في أثناء النوم تقلل من جودة النوم.
وبحثت دراسة أخرى نُشرت عام 2021 في العلاقة بين وضعية النوم وآلام الظهر وجودة النوم.
وأفادت الدراسة بأن الأوضاع التي يكون فيها العمود الفقري ملتوياً يمكن أن تسبب تلفاً دقيقاً في الأنسجة وتشنجات عضلية.
وقارنت الدراسة الأوضاع الشائعة مثل الاستلقاء (النوم على الظهر)، والاستلقاء الجانبي الاستفزازي (حيث يلتوي النائم عند الورك مع وضع إحدى ساقيه فوق الأخرى)، والاستلقاء الجانبي المحمي (حيث يضع النائم يده بين الفخذين ويعبر ذراعه الأخرى فوق الصدر)، والنوم على البطن (النوم على البطن).
وخلصت الدراسة إلى أنه في حين أنه من غير المعروف ما إذا كانت وضعية النوم عامل خطر للإصابة بآلام الظهر الحادة أو المتكررة، فإن المشاركين الذين يعانون من أعراض وتيبس في الصباح قضوا وقتاً أطول من الليل في أوضاع نوم استفزازية (أي ملتوية عند الورك).
ولتخفيف بعض المشكلات المرتبطة بالنوم على الجانب، توصي مارغو باستخدام وسادة سميكة لمحاذاة الرأس والرقبة مع العمود الفقري، ووضع وسادة بين ركبتيك لدعم الوركين وتقليل الضغط على أسفل الظهر.
النوم على الظهر
من أكثر المشكلات الصحية شيوعاً المرتبطة بالنوم على الظهر انقطاع النفس النومي، وهي حالة ترتخي فيها الأنسجة الرخوة في مؤخرة الحلق وتُسبب ضيقاً في مجرى الهواء، مما يُسبب الشخير وانقطاع التنفس.
وأوضحت ليديرل أن «لهذا الأمر آثاراً على الصحة العامة، وغالباً ما يرتبط بالسمنة. فهو يعوق استمرارية وجودة النوم. وقد يؤدي إلى التعب، وهو ما قد يُشكِّل مشكلةً للسائقين. كما أن له آثاراً صحيةً جسديةً. فقلة النوم تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب وغيرهما من الأمراض المصاحبة. ويفتح انقطاع النَفَس النومي البابَ أمام جميع هذه الحالات الأخرى».
إحدى طرق تخفيف هذه المشكلة هي النوم في وضعية مرتفعة.
ومع ذلك، يُعد النوم على الظهر الخيار الأمثل لمَن يعانون من آلام الظهر والرقبة.
وقالت مارغو: «الوضعية الأمثل لتقويم العمود الفقري هي الاستلقاء على الظهر مع وضع وسادة تحت الركبتين لتليين الظهر. تحافظ هذه الوضعية على المنحنيات الطبيعية للعمود الفقري، كما تُقلل من التجاعيد.»
كما أشارت إلى أن النوم على الظهر قد يكون وضعاً جيداً للتدرب عليه مع التقدم في السن، خصوصاً لمَن لا يعانون من انقطاع النَفَس النومي، حيث يعانون من آلام ظهر أقل، كما أن النوم على الظهر ضروري أيضاً للمرضى بعد العمليات الجراحية.
النوم على البطن
في حين أن النوم على البطن قد يُقلل من الشخير لأنه يُساعد على إبقاء مجاري الهواء مفتوحة أكثر من النوم على الظهر، فإنه الوضع الأكثر شيوعاً لزيادة آلام الرقبة والظهر.
وأوضحت مارغو قائلةً: «إن لفّ رقبتك جانباً يُسبب ضغطاً عليها، كما أن النوم على البطن قد يُقوّس عمودك الفقري. والضغط المباشر على الوجه قد يُسهم في ظهور التجاعيد مع مرور الوقت».
للمساعدة في تخفيف آلام الوضعية، يُنصح من ينامون على جبهة باستخدام وسادة رقيقة، أو عدم استخدام أي وسادة على الإطلاق؛ للحفاظ على وضعية رقبتهم في وضعية أكثر توازناً، ووضع وسادة أسفل الحوض للمساعدة في دعم أسفل الظهر.
أفضل الطرق لتغيير وضعية نومك
إذا كنت ترغب في تغيير وضعية نومك المعتادة، درّب نفسك تدريجياً. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في الانتقال من وضعية النوم على الظهر إلى النوم على الجانب، استلقِ على جانبك المفضل لمدة 5 دقائق في الليلة الأولى، ثم انقلب على ظهرك. في الليلة التالية، زد المدة إلى 6 دقائق، ثم 7 دقائق، وهكذا. ابدأ ببطء وزد المدة حتى تعتاد على الوضعية.
“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}