الدوحة – قنا

 ترأست قطر،اليوم، الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، في خطوة تعكس تنامي دور قطر في مجال الحفاظ على التراث العربي.


وتسلمت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي رئيس اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، رئاسة الدورة السابعة والعشرين من سعادة الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم /ألكسو/، وذلك خلال افتتاح المؤتمر الذي تستضيفه متاحف قطر، بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم /ألكسو/، على مدى ثلاثة أيام، تحت شعار “استدامة التراث الثقافي: التحديات والاستراتيجيات المستقبلية” بحضور عدد من كبار الضيوف ومسؤولين وخبراء في مجال الآثار يمثلون 22 دولة عربية.


وشددت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، في كلمتها خلال الافتتاح، على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي العربي كركيزة من ركائز الهوية الوطنية والتنمية الثقافية المستدامة، مشيرة إلى أن حماية التراث ليست مسؤولية المؤسسات المتخصصة وحدها، بل هي واجب جماعي ينبع من الإيمان بحق الإنسان العربي في رواية قصته ونقلها للأجيال القادمة.


وثمنت الدور الريادي لسعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، التي جعلت الثقافة والتراث قلب التنمية الوطنية وجسرًا للإبداع، مؤكدة أن الثقافة أصبحت قوة حية تربط الماضي بالحاضر وتؤسس لرؤى جديدة في الحوار والابتكار على المستويين الإقليمي والعالمي.


وأوضحت سعادتها أن مؤتمر هذا العام، المنعقد تحت شعار “استدامة التراث الثقافي: التحديات والاستراتيجيات المستقبلية”، يأتي في لحظة دقيقة تستدعي إعادة تعريف مفهوم حماية التراث، الذي لا يقتصر على الحفظ المادي من التآكل والإهمال، بل يشمل صون الذاكرة والموروث الثقافي كقوة فاعلة في وجدان الشعوب وبناء مستقبل الأجيال.


وشددت على أن دولة قطر قطعت شوطًا مهمًا في دمج حماية التراث ضمن سياساتها الوطنية، عبر التعاون بين اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، ومتاحف قطر، والألكسو، لتطوير مبادرات وطنية تحمي التراث المادي وغير المادي، وتواجه التحديات البيئية والبشرية التي تهدد المواقع الأثرية.


ونوهت بما تعرض له التراث العربي في عدد من الدول الشقيقة من تدمير وتجريف، مؤكدة دعم قطر للجهود العربية المشتركة لصون التراث وحماية كرامة الإنسان العربي، مؤكدة على التضامن مع الشعبين الفلسطيني والسوداني في مواجهة التحديات الراهنة.


وتخللت مراسم تسلم دولة قطر رئاسة الدورة الحالية للمؤتمر، إصدار /إعلان الدوحة للشباب 2025/، بما يجسد رؤى وتطلعات الجيل الجديد من الباحثين العرب نحو مستقبل أكثر استدامة للتراث الثقافي، حيث يمثل الإعلان دعوة مفتوحة لتوحيد الجهود بين المؤسسات الثقافية والأكاديمية في الوطن العربي، للتأكيد على دور الشباب في قيادة العمل الثقافي المستقبلي بروح الابتكار والمسؤولية.


ومن جانبه، قال السيد محمد سعد الرميحي، الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر، في كلمته، إن استضافة المؤتمر، تحت شعار “استدامة التراث الثقافي: التحديات والاستراتيجيات المستقبلية”، يجسد التزامنا المشترك بحماية الإرث الثقافي الزاخر لوطننا العربي، وضمان استمراره للأجيال القادمة.


وأضاف أن استضافة متاحف قطر لهذا المؤتمر، تتزامن مع احتفالها بمرور عشرين عاماً على تأسيسها، وأنه من خلال إطلاقها لحملة “أمة التطور”، على مدى ثمانية عشر شهراً، فإنها تكرم المسيرة الثقافية الحيوية لدولة قطر، مع تجديد الالتزام  بتشكيل مشهد ثقافي نابض بالحياة والإبداع، بما ينسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030.


وجدد الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر الالتزام بمواصلة بناء مشهد ثقافي نابض بالحياة، يواكب التطلعات الوطنيةَ وينسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030، واصفاً المؤتمر بأنه “منصة محفزة للحوار البناء وتبادل المعرفة والخبرات، وفضاء لابتكار الحلول في مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية والتكنولوجية التي تلامس الواقع الثقافي المشترك”.


وقال الرميحي إن /إعلان الدوحة للشباب 2025/ يسلط  الضوء على إسهامات الشباب الباحثين، تأكيداً على دورهم المحوري في صياغة مستقبل يستند إلى الأصالة وروح المسؤولية الجماعية.


بدوره، أكد سعادة الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم /الألكسو/، في كلمته، أن الدورة الحالية للمؤتمر تنسجم مع المرحلة الراهنة، في ظل التحديات التي تواجه التراث، من تغيرات مناخية، وتعديات بشرية، ما يتطلب تأسيس مفهوم للوعي بهذه المخاطر، وتحقيق استدامة التراث، ليكون ذلك جزءاً من التنمية الشاملة.


ونوه بجهود دولة قطر في الحفاظ على التراث العربي، استضافتها لهذا المؤتمر، ممثلة في متاحف قطر، حيث تأتي أعمال هذه النسخة في شكل متطور تواكب المستجدات العالمية في مجال صون التراث، وتحقيق الاستدامة.


وقال إن أهمية المؤتمر تكمن أيضاً في كونه مناسبة مهمة في تناول التجارب العربية الناجحة في صون التراث، تحقيقاً للبعد المعرفي. مشيراً إلى جهود /الألكسو/ الحثيثة في حماية التراث بصورة عامة وفي علاقته بالشباب بصورة خاصة.


ومن جانبه، لفت السيد يوسف بدر المشاري، مدير إدارة الثقافة بجامعة الدول العربية، إلى أن مشاركة الجامعة في المؤتمر يجسد التزام الدول العربية بالحفاظ على موروثها الثقافي والحضاري المشترك، ويعكس الوعي العميق بأهمية حماية التراث العربي وصونه باعتباره أساس الهوية ومصدر الفخر والانتماء.


وأعرب عن شكره لدولة قطر على استضافتها لهذا الحدث، ما يعكس حرصها الدائم على دعم العمل الثقافي العربي المشترك، منوهاً بجهود منظمة /الألكسو/ في حماية التراث العربي ودعمه على مختلف المستويات، سواء من خلال البرامج والمبادرات أو من خلال دعمها الدائم للمشروعات الوطنية والإقليمية.


وأكد حرص جامعة الدول العربية على حماية التراث العربي، من خلال تبنّي قرارات تهدف إلى حماية الممتلكات الثقافية، ودعم تسجيل المواقع العربية على قائمة التراث العالمي، وغيرها من الجهود الرامية إلى صون التراث العربي المشترك وحماية آثاره التي تمثل ذاكرة الأمة وهويتها الحاضرة.


وحول دلالة استضافة دولة قطر لأعمال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، أكدت الدكتورة فاطمة السليطي، مدير إدارة التعاون الدولي والشؤون الحكومية بمتاحف قطر، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية/قنا/ أن استضافة دولة قطر لهذا المؤتمر يأتي تأكيداً على دورها المحوري في قيادة العمل الثقافي العربي المشترك، وتجسيداً لرؤيتها في جعل الثقافة والتراث جزءاً من التنمية المستدامة.


وقالت إن دولة قطر لم تنظر إلى التراث بوصفه ماضياً يُحتفى به، بل باعتباره ركيزة لهويتها المعاصرة وجسراً نحو المستقبل، وأنه من خلال هذا المؤتمر، تؤكد الدوحة مكانتها كمنصة للحوار العربي في مجالات الثقافة والآثار، وكوجهة تحتضن العقول والخبرات التي تعمل من أجل حماية الذاكرة العربية المشتركة وتعزيز حضورها عالمياً.


وتابعت إن المؤتمر يركز خلال الدورة السابعة والعشرين على “استدامة التراث الثقافي: التحديات والاستراتيجيات المستقبلية”، ولذلك تتناول جلساته ومحاوره عدداً من القضايا الحيوية، من أبرزها، استراتيجيات حماية التراث في ظل التحوّلات العمرانية والبيئية، ودور المجتمعات المحلية والشراكات الدولية في صون التراث، بالإضافة إلى التقنيات الحديثة والرقمنة في توثيق وإدارة المواقع الأثرية، علاوة على رصد تجارب الدول العربية في تحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على الهوية الثقافية، ما يجعل المؤتمر فرصة ثمينة للقاء الخبراء وصناع القرار والمختصين، لتبادل التجارب ووضع رؤى مشتركة تعزز العمل العربي الجماعي في مجال حماية التراث.


ومن جانبه، قال الدكتور حميد بن سيف النوفلي، مدير إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم /الألكسو/، في تصريح مماثل لـ/قنا/ إن المشاركة العربية الكبيرة في المؤتمر، و التي وصلت إلى مشاركة 22 دولة بنسبة 100 بالمئة، تعكس الالتزام المشترك للدول العربية بحماية وصون التراث الثقافي، لافتاً إلى أن المؤتمر يأتي في وقت تتسارع فيه التحديات البيئية والاجتماعية التي تهدد المواقع التراثية، مما يجعل التعاون العربي ضرورة لا غنى عنها.


ونوه بمبادرة إطلاق منتدى الشباب الذي عُقد لأول مرة في الدوحة، قبيل انطلاق المؤتمر، حيث أتاح المنتدى المجال للشباب للتعبير عن أفكارهم وتطلعاتهم، وتحويلها إلى مشاريع وبرامج عملية تخدم التراث العربي، مشيراً إلى أن المشاركة العربية في المؤتمر، تؤكد أهمية التمثيل الشامل وروح التعاون بين الدول العربية في حماية التراث المشترك.


وثمن مدير إدارة الثقافة بـ /الألكسو/ دعم دولة قطر المتواصل لهذه المبادرات الثقافية، ما يعكس حرصها على تعزيز العمل العربي المشترك في مجال التراث وصون الهوية الحضارية في الوطن العربي.


أما الدكتور خالد راشد البلوشي، خبير ثقافي أول في اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، فأكد في تصريح مماثل لـ/قنا/ أن استضافة دولة قطر لأعمال المؤتمر، تأتي تتويجاً للجهود المتميزة التي تبذلها في مجال صون التراث الثقافي المادي وغير المادي، والذي يعد جزءاً أصيلاً من الهوية الثقافية والحضارية للدولة.. وبين أن انعقاد المؤتمر يجسّد ثمرة جهود كبيرة ومميزة على مستوى الوطن العربي في مجال حماية التراث، ويؤكد المكانة الريادية التي تحظى بها دولة قطر في دعم العمل الثقافي العربي المشترك، موضحاً أن مشاركة الشباب في المؤتمر أضفت بعداً جديداً ومهماً فيما يتعلق بمفهوم الاستدامة في مجال التراث الثقافي، لما تمثله هذه الفئة من طاقة متجددة قادرة على مواصلة المسيرة وحمل رسالة الحفاظ على التراث للأجيال القادمة.


وقال إنه لا يخفى على أحد أن هناك تحديات كبيرة تواجه التراث الثقافي في جانبيه المادي وغير المادي، تتمثل في التحولات الرقمية السريعة، وانتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي، وما قد يرافقها من مخاطر على التوثيق والحفظ، ما يستدعي أهمية غرس الاتجاهات الإيجابية لدى الشباب نحو المحافظة على التراث، وتمكينهم من مواكبة التطور الرقمي في مجال التوثيق والحماية، مع العمل على إعداد استراتيجية شاملة تضمن استدامة التراث الثقافي وتعزز دوره في التنمية الثقافية والحضارية لمجتمعاتنا العربية.


وشهدت أعمال المؤتمر في يومه الأول، عدة جلسات، قدم خلالها عدد من المسؤولين والباحثين والخبراء من مختلف الدول العربية، أوراق عمل تناولت التجارب العربية الناجحة في صون التراث، والحفاظ عليه، وهى الجلسات التي أسهمت بدورها في إثراء النقاش، وفتح آفاق للتعاون وتبادل الخبرات في مجالات حماية واستدامة التراث.


ويشكل مؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي منبراً رئيسياً للتحاور العلمي، وتبادل السياسات، والتخطيط الاستراتيجي في الإدارة المستدامة للتراث، حيث يلتقي فيه صنّاع السياسات والخبراء والأكاديميون لمعالجة التحديات المشتركة وتوطيد التعاون الإقليمي في هذا المجال.


وتأتي استضافة متاحف قطر لهذا الحدث، في إطار التزامها بدعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز الوعي بأهمية التراث الثقافي العربي، وحماية الموروث الإنساني المشترك، وبناء القدرات الوطنية في مجالات البحث الأثري والمحافظة على التراث.


ويهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على أهمية استدامة التراث الثقافي في ظل التغيُّرات البيئية والتكنولوجية والاجتماعية التي يشهدها العالم، مع العمل على تطوير استراتيجيات مستقبلية قائمة على الأساليب العلمية والممارسات المبتكرة، كما يسعى إلى تعزيز مكانة التراث كمصدر إلهام ومعرفة، ومحرك أساسي للتنمية المُستدامة.


ويركز المؤتمر على عدد من الأهداف المحورية، من أبرزها: معالجة التحديات البيئية والمُناخية والبشرية التي تؤثر على المواقع الأثرية والتراثية في العالم العربي، والإسهام في وضع رؤى واستراتيجيات طويلة المدى تضمن استدامة التراث الثقافي، ودعم التعاون العربي في مجال صون التراث وتبادل الخبرات بين المؤسسات الثقافية، وضمان بقاء التراث الثقافي علامة على الهوية والتاريخ، ومصدرًا للإلهام والإبداع للأجيال الحالية والمستقبلية.


واستبق المؤتمر هذا العام، انعقاد منتدى الشباب العربي الأول، تحت عنوان “تمكين الشباب العربي من أجل تراث مستدام”، يوم الأحد الماضي، بالتعاون بين متاحف قطر والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم /الألكسو/، بمشاركة مسؤولين وخبراء ومختصين في مجال الآثار يمثلون 22 دولة عربية.

شاركها.
Exit mobile version