الدوحة – قنا
ناقشت الجلسة الثانية لمؤتمر المجلس الاستشاري لقانون البحار التابع للمنظمة الهيدروغرافية الدولية، في دورته الثانية عشرة التي انطلقت أعمالها اليوم بالدوحة، اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والتحديات المعاصرة لإدارة المحيطات.
وترأس الجلسة، التي عقدت تحت عنوان “اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وتحديات إدارة المحيطات”، البروفيسور لورينزو شيانو دي بيبي، حيث ركز المشاركون على مدى فعالية الاتفاقية في مكافحة الجرائم البيئية البحرية، وتقييم المطالبات البحرية، وترسيم الحدود البحرية وفق مبادئ القانون الدولي البحري.
كما تم استعراض التحديات الجديدة التي تفرضها التطورات التكنولوجية والبيئية، بما في ذلك استغلال أعماق البحار، والتلوث البحري، والأنشطة في المناطق القطبية.
وأكد البروفيسور ويلفريد غريمس من كلية الحرب البحرية الأمريكية، أن التطورات السريعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، والسفن المستقلة، والأجهزة الذكية المنتشرة في المحيطات تفرض تحديات على الأطر القانونية والتنظيمية القائمة، مشيرا إلى الحاجة الملحة لتحديث تعريف “السفينة” ومسؤوليات دولة العلم، بما يتوافق مع التطورات التقنية الحديثة.
وأضاف أن استخدام أنظمة مثل “سيل درون” لجمع البيانات البحرية يعزز الوعي بالمجال البحري، لكنه يطرح تساؤلات حول طبيعة هذه الأجهزة وتشغيلها من قبل شركات خاصة لصالح جهات عسكرية، مؤكدا أن الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التعلم الآلي والرؤية الحاسوبية ومعالجة اللغة الطبيعية، يتطلب مراجعة الإطار القانوني لضمان ملاءمته للبيئة الرقمية الجديدة للمحيطات.
من جانبه، أوضح القائد خوسيه كوردوفا من البحرية الإكوادورية، أن بلاده تمثل نموذجا ناجحا في تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، من خلال إنشاء وتحديد حدود محمية بحرية حول جزر غالاباغوس، بما يعكس التزام الإكوادور بحماية البيئة البحرية وصون التنوع البيولوجي.
وأضاف أن الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة، والمتعلق بالحياة تحت الماء، يشكل الإطار العالمي لجهود حماية المحيطات، لكنه يواجه تحديات متزايدة مثل تغير المناخ والتلوث والاستغلال المفرط للموارد البحرية.
وأكد كوردوفا أن الاتفاقية توفر الأساس القانوني للتعاون الدولي في إدارة المناطق البحرية، إذ تمنح الدول الساحلية حقوقا سيادية في مناطقها الاقتصادية الخالصة، وتلزمها بالمحافظة على النظم البيئية ومنع الاستغلال المفرط للموارد البحرية، مشيرا إلى أن تجربة الإكوادور تمثل نموذجا عمليا للتوازن بين التنمية المستدامة وحماية البيئة البحرية.
كما أكدت البروفيسورة إيلاريا تاني من جامعة ميلانو، أن الاتفاقية تشكل الإطار القانوني الدولي الشامل الذي ينظم جميع الأنشطة المتعلقة بالمحيطات واستخدام مواردها، مشيرة إلى أن أحكامها مرنة بما يسمح بتطوير التزامات الدول من خلال اتفاقات تنفيذية وأطر تعاون جديدة تراعي التطورات البيئية والعلمية.
وشددت على أهمية تعزيز التعاون الدولي وبناء القدرات القانونية والمؤسسية في الدول النامية لضمان تطبيق فعال لمبادئ القانون البحري الدولي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
بدورها، أكدت البروفيسورة رندة الفخري من الجامعة اللبنانية، أهمية الدراسات المتعلقة بالسلوكيات البحرية والبيئات الساحلية، مشيرة إلى أن فهم الديناميات الاجتماعية والبيئية للمجتمعات الساحلية يمثل أساسا لتطوير سياسات مستدامة وفعالة.
وأضافت أن إدارة المخاطر البحرية وحماية الموارد الساحلية لا تعتمد فقط على الجوانب التقنية أو القانونية، بل تشمل البعد الإنساني والاجتماعي، بما في ذلك القدرة على الصمود والتكيف لدى المجتمعات المحلية، مؤكدة دور النساء والفئات الضعيفة في تعزيز استدامة المجتمعات الساحلية.
وتعقد الدورة الثانية عشرة للمجلس الاستشاري لقانون البحار بالدوحة على مدار يومين، بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين والمتخصصين في القانون والبيئة البحرية، لمناقشة سبل تطوير الإطار القانوني العالمي للمحيطات وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال الحيوي، بما يسهم في صياغة سياسات أكثر استدامة وعدالة للأجيال القادمة.