مع اقتراب فصل الصيف من نهايته، تشهد قمم منطقة عسير السعودية ومدنها وأريافها أمطاراً غزيرة منذ أيام، بلغت ذروتها السبت، فيما يشبه تلويحة وداع للصيف، وللسياح الذين استمتعوا بأجوائها المعتدلة، وطقسها الذي يختتم آخر أيام شهر أغسطس (آب) بموجات من المطر الغزير الذي يكسر قواعد المألوف من لهيب الصيف ودرجاته العالية.
ويختار السياح من السعوديين والزوار من خارج المملكة الاتجاه إلى المرتفعات الباردة لقضاء أجواء صيفية ماتعة في ظل ارتفاع درجات الحرارة في معظم مناطق المملكة، وفي مرتفعات منطقة عسير، حيث تعتدل الأجواء وتهطل الأمطار الصيفية، ويخيّم الضباب على قمم الجبال، يقضي المصطافون ما بقي من إجازة الصيف في كنف الطبيعة الخضراء والمرتفعات المبلولة بزخات المطر.
وقال المركز الوطني للأرصاد إن درجات الحرارة في السعودية ودول الخليج خلال فصل الصيف تُعد مرتفعة بطبيعتها، لكنها هذا العام أقل مقارنة بما سُجل في الأعوام الماضية.
وأظهرت السجلات المناخية التاريخية لدى المركز أن صيف هذا العام لم يشهد تجاوزاً للدرجات القياسية السابقة، ورغم تسجيل درجات مرتفعة خلال هذا العام في عدد من مناطق السعودية، لكنها أقل؛ إذ لم تصل إلى 53 أو 52 درجة مئوية في الظل، وإن لامست 50 درجة في بعض المناطق.
ويختلف الحال، في مرتفعات السعودية، مع هطول أمطار صيفية متفرقة، زيّنت الأجواء، وأضافت إلى جولات المصطافين متعة مضاعفة، وتوقع المركز الوطني للأرصاد، الأحد، استمرار هطول أمطار رعدية غزيرة تؤدي إلى جريان السيول مصحوبة بزخات من البرد ورياح نشطة على عسير، ومناطق أخرى، وتكوّن الضباب على مرتفعات تلك المناطق.
وجهة سياحية بامتياز
في مايو (أيار) 2025، أطلقت وزارة السياحة حملة «لون صيفك» ضمن برنامج «صيف السعودية»، لتشجيع السعوديين والمقيمين على زيارة الوجهات الجبلية، مثل أبها والطائف وعسير والباحة، مع هدف طموح بجذب أكثر من 41 مليون زائر، وتحقيق إنفاق يتجاوز 73 مليار ريال.
وتتمتع منطقة عسير، ومدينتها الرئيسية (أبها)، بكثير من الوجهات التي تتيح الاستمتاع بالتجارب السياحية والجولات في كنف الطبيعة، ورصدت «الشرق الأوسط» خلال جولتها في الأسبوع الأخير من موسم الصيف، وقبل انطلاق العام الدراسي الجديد، مجموعة من المصطافين المستمتعين بالأجواء الماطرة.
وإلى جانب السياحة الطبيعية، تتمتع المناطق التي تحتضن المرتفعات الباردة، بمزارات ثقافية وتاريخية مهمة، وقال صانع المحتوى السياحي أحمد الفلاحي الذي قضى هذا الصيف نحو 40 يوماً في مرتفعات عسير، مستمتعاً بأجوائها الصيفية المطيرة، إنه حرص على زيارة الكثير من مشاريع رواد أعمال شباب، الذين استثمروا في إمكانات المنطقة الطبيعية، وأطلقوا العنان لأفكارهم من خلال تحويل مشاريع مثل تربية النحل وزراعة الفراولة إلى وجهات سياحية فريدة في المنطقة.
يقول الفلاحي إن مشاريع مثل أكواخ العسل في محافظة رجال ألمع بعسير، ومزارع الورد والفراولة في مرتفعات سعودية مختلفة، تعود لأسر سعودية ريفية منتجة، أعادت إنتاج أعمالها البسيطة، بطريقة عصرية، وأضافت بعداً سياحياً جديداً ومميزاً، ويضيف: «في الوقت الذي تساعد فيه الأجواء خلال وقت الصيف على زيادة معدل الإنتاج وجودته، تساعد الأجواء نفسها، على استقطاب الزوار والسياح إلى هذه المشاريع، التي توفر جلسات لاستقبال الزوار في فترة الصيف، وتنظيم جولات يستمتع خلالها الزوار برحلة داخل التفاصيل، تشمل تناول المنتجات، والوقوف على آلية العمل، والاستمتاع بالطبيعة».
ويشير الفلاحي في حديثه إلى أن هذه المشاريع تنتمي إلى منظومة السياحة الريفية، ويقول: «هو مفهوم جديد في تجارب السياحة في السعودية، يراهن على ما تحظى به كثير من المناطق، وبخاصة المرتفعات الباردة من طبيعة جغرافية وثقافية، تجعل منها وجهات سياحية بامتياز، تبدأ من زيارة المدرجات الزراعية الخضراء التي تمثل جوهرة الحياة الريفية، وإلى جانب المساحات الخضراء التي تكسو المرتفعات، تسيل شلالات الماء الصغيرة من أعالي الجبال بعد أن تغدق عليها زخات المطر من وابل السحاب، ويؤم المصطافون تلك الشلالات العذبة التي تحوّل الجبال الصماء إلى رياض غناء، عامرة بالحياة».
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}