عاد تهديد «داعش» إلى واجهة الأحداث في الشرق الأوسط. ففي تركيا، أفاد وزير الداخلية علي يرلي قارا، قبل يومين، عن القبض على ما لا يقل عن 160 شخصاً متهمين بالانتماء إلى تنظيم «داعش» في مناطق عدة من البلاد. وقد أُوقفوا في 38 محافظة بما فيها إسطنبول.
وأفاد الوزير التركي عن ضبط أسلحة غير مرخصة ووثائق «داعشية» ومواد رقمية خلال المداهمات. وكانت محاربة «داعش» مادة رئيسية في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، الجمعة الماضي، مع قائد القيادة المركزية للقوات الأميركية براد كوبر ومع توم باراك، مبعوث الرئيس دونالد ترمب الخاص إلى سوريا. وجاء في بيان القيادة المركزية: «القضاء على تهديد التنظيم في البلاد سيقلل من خطر وقوع هجمات على الأراضي الأميركية، ويسهم في تحقيق رؤية الرئيس دونالد ترمب لشرق أوسط مزدهر وسوريا مستقرة».
وفي ألمانيا، انطلقت الاثنين، في مدينة مانهايم، محاكمة ثلاثة شبان بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي إسلاموي. ووفق الادعاء العام في مدينة كارسروه، فإن اثنين من الثلاثة أعربا عن تعاطفهما مع «داعش» كشفا عن التخطيط لعملية إرهابية تستهدف «الكفار».
واللافت، أن سن الثلاثة، حين خططوا لعمياتهم تراوح ما بين 14 و22 عاماً. وبيَّنت لائحة الاتهام، أن اثنين من الثلاثة هما أخوان لبنانيان حاصلان على الجنسية الألمانية والأخ الأصغر لا يزيد عمره على 15 عاماً، بينما الثالث مواطن تركي – ألماني. والثلاثة يواجهون تهمة التآمر لارتكاب جريمة قتل، إضافة إلى التآمر للحصول على أسلحة هجومية وذخائر حربية. ويفيد التحقيق بأن الأخوين يحملان آيديولوجية دينية متشددة ويظهران «تعاطفاً بالغاً» مع تنظيم «داعش».
أما في فرنسا، فقد أُلقي القبض نهاية أغسطس (آب) الماضي، في مدينة لومان، جنوب غربي البلاد، على شاب لم تكشف عن هويته عمره 17 عاماً، كان يخطط لعمليات إرهابية تستهدف سفارات في باريس ومباني حكومية وعامة. وقد وُجهت إليه اتهامات خطيرة وأودع السجن لإتمام التحقيق قبل أن يمثُل أمام المحكمة المتخصصة بالمسائل الإرهابية. وجاء القبض على المتهم الأخير ليعيد إلى الأذهان أن الخطر الإرهابي ما زال قائماً في فرنسا كما في بلدان أوروبية أخرى.
بيد أن الحدث في باريس، راهناً، هو انطلاق محاكمة ثلاث نسوة من «العائدات»، أي اللواتي التحقن بأزواجهن في سوريا والعراق إبان ما يسمى «الخلافة الإسلامية»، وفررن بعدها عبر تركيا وعدن إلى فرنسا. والثلاث هن جينيفر كلان (34 عاماً) وهي ابنة شقيقة الأخوين جان-ميشيل وفابيان كلان، وهما من كبار مسؤولي الدعاية في تنظيم «داعش». ويُعتقد أنهما قُتلا في سوريا. والثانية هي كريستين ألين (67 عاماً) وهي حماة الأولى. وتمثُل السيدتان الأوليان موقوفتين، أما الثالثة وهي مايالين دوهار، فإنها زوجة شقيق زوجها. والمتهمة الرئيسية، في الواقع هي جنيفر كلان لعلاقة القرابة بينها وبين جان ميشيل وفابيان كلان اللذين لعبا دوراً بارزاً في العمليات الإرهابية التي ضربت باريس في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2015. وأحد الأخوين تبنى، بصوته، مسؤولية «داعش» في باريس التي أوقعت 130 قتيلاً و413 جريحاً، وهي الأكثر دموية التي عرفتها العاصمة الفرنسية منذ الحرب العالمية الثانية.
يحاكم الثلاث أمام المحكمة الجنائية الخاصة بالإرهاب في باريس، بتهم بالغة الخطورة، أبرزها الانتماء إلى «جماعة إجرامية إرهابية». وسوف تتواصل الجلسات حتى 26 سبتمبر (أيلول) الحالي. ويُذكر أن مغادرتهن إلى سوريا جاءت في إطار مسار آيديولوجي سلفي – جهادي امتد لعشر سنوات، حسب ما ورد في قرار الاتهام. وتواجه المتهمات الثلاث عقوبة قد تصل إلى 30 سنة سجناً. وجاء في قرار الإحالة إلى المحكمة أن الثلاث «بقين لفترة طويلة داخل مجموعات جهادية»، وأنهن اتخذن قرار الالتحاق بـ«داعش» عن دراية تامة بعد إعلان الخلافة، وتمتعن، إلى جانب عائلاتهن، بـ«رواتب وسكن» من التنظيم.
ويعكس مسار الثلاث أن الانحدار إلى الفكر الإسلاموي المتشدد هو بشكل ما، شأن عائلي. والدليل القرابة الوثيقة القائمة بين النسوة الثلاث اللائي انتمين إلى «داعش»، عن إدراك كامل لما يقمن به، حسب ما أكدته النيابة العامة، عند التحاقهن بأزواجهن. جاءت عملية التوقيف بعد سنتين من التنقل والفرار إثر سقوط الرقة، حيث كانت النساء الثلاث يتنقلن مع مقاتلي «داعش» على طول نهر الفرات، مع فقدان التنظيم أراضيه بسبب الهجمات الكردية. وقد انتقلت الثلاث إلى تركيا. إلا أنهن وقعن لاحقاً في قبضة الأمن التركي، وقد أُلقي القبض عليهن في عام 2019 في إقليم كيليس، المحاذي لسوريا. وبعد مرور شهرين، أي في شهر سبتمبر عام 2019، عمدت أنقرة إلى ترحيلهن إلى فرنسا، وكنّ برفقة تسعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و13 عاماً. حيث وجهت إليهن تهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي فور وصولهن. ووجهت لـجنيفر كلان ومايالين دوهار تهم إضافية، منها الإخلال بواجباتهن بصفتهن أمهات، من خلال اصطحاب أطفالهن إلى منطقة حرب للالتحاق بجماعة إرهابية؛ ما عرّضهم لـ«خطر جسدي ونفسي كبير» و«صدمة عميقة».
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}