حذَّر القائد البارز في حركة «طالبان» الأفغانية، سعيد الله سعيد، الفصائل المسلحة من «الجهاد غير المُصرَّح به»، لا سيما في باكستان، عادّاً أن مثل هذه الأعمال «تتعارض مع الشريعة وتوجيهات قيادة الإمارة».
وفي كلمة ألقاها خلال حفل تخريج دُفعة جديدة من قوات الشرطة بالعاصمة كابل، قال سعيد إن «الانضمام إلى مجموعات مختلفة لخوض القتال في الخارج لا يجعل من الشخص مُجاهداً حقيقياً»، لافتاً إلى أن إعلان الجهاد سُلطة حصرية بيد أمير الدولة، وليس من حق الأفراد أو الجماعات اتخاذ هذا القرار.
وأضاف القائد الأفغاني أن مَن يقوم بتنفيذ هجمات بشكل مستقل، أو يتنقل بين المناطق لتنفيذ عمليات مسلحة لا يُمكن اعتباره مقاتلاً وفقاً لأحكام الشريعة، مشدداً على أن «الجهاد القائم على الأهواء الشخصية أو الولاء الجماعي يُعدّ فساداً، وليس مقاومة مشروعة».
وأوضح سعيد أن القيادة الأفغانية منعت بشكل واضح الدخول غير المصرَّح به إلى الأراضي الباكستانية، مشيراً إلى أن أي تجاوز لهذا القرار «يُعد عصياناً». وحذّر قائلاً: «الجماعات التي تشن هجمات باسم الجهاد تتحدّى الشريعة وسُلطة الإمارة الأفغانية»، وفق الصحافة الأفغانية والباكستانية الأربعاء.
دعم مكافحة الإرهاب
ورحّب محللون أمنيون في باكستان بهذه التصريحات، قائلين إنها تدعم رواية البلاد في مكافحة الإرهاب، وتُعزز الاستقرار الداخلي، والموقف الدبلوماسي الخارجي لإسلام آباد.
كما أشار خبراء في مجال الدفاع إلى أن الجماعات التي تحظى بدعم من جهات هندية، وتعمل تحت مسمى «الخوارج»، تنفذ أنشطة إرهابية لا تمت بصلة إلى أي نضال ديني، ما يُسهم في تعميق حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
وفي وقتٍ سابق، وبينما كانت تركيز الرأي العام منصبَّاً على التوترات بين باكستان والهند، عملت إسلام آباد وكابل بهدوء على إعادة ضبط علاقاتهما المضطربة.
وقد أدّى ذلك إلى تعزيز التعاون بين العاصمتين؛ حيث اتخذت الحكومة الأفغانية المؤقتة سلسلة من الإجراءات غير المسبوقة، شملت لأول مرة ملاحقة العناصر التي تحرّض المواطنين الأفغان على تنفيذ هجمات إرهابية عبر الحدود.
وكان وجود حركة «طالبان» الباكستانية المحظورة، وغيرها من الجماعات التي تُشكّل تهديداً لباكستان، قد تسبب لفترة طويلة في توتير العلاقات بين البلدين الجارين، غير أن إسلام آباد رصدت للمرة الأولى تحولاً في نهج كابل، عندما زار وفد برئاسة المبعوث الخاص لأفغانستان، السفير محمد صادق خان، العاصمة الأفغانية في الأسبوع الثالث من مارس (آذار) الماضي؛ حيث تم إطلاع الوفد على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأفغانية للحد من ظاهرة الإرهاب العابر للحدود.
الإرهاب العابر للحدود
وأفادت مصادر مطلعة على المحادثات المغلقة لصحيفة «ذا إكسبريس تريبيون» بأن «حركة (طالبان) بدت جادة هذه المرة»، مؤكدة أن «طالبان» الأفغانية بدأت بالفعل حملة ضد مواطنيها الذين انضموا إلى حركة «طالبان» الباكستانية أو الذين كانوا يُخططون لذلك، وتم اعتقال عدد منهم وتقديمهم للمحاكمة، لا سيما الذين شاركوا في عمليات تجنيد عناصر لصالح الحركة الباكستانية.
وفي خطوة عزَّزت من ثقة إسلام آباد في نيات «طالبان»، ألقت الحكومة الأفغانية القبض على عدد من الأفراد ساعدوا أكثر من 70 إرهابياً، معظمهم من الأفغان، في محاولة التسلل إلى داخل باكستان في أعقاب «هجوم باهالغام».
لكن السلطات الباكستانية تمكّنت بفضل تحرّكها السريع من إحباط هذه المحاولة بشكل كامل قرب الحدود في منطقة وزيرستان الشمالية، في أكبر مواجهة ميدانية مع الإرهابيين في يوم واحد منذ بدء حربها على الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وأشار محللون عسكريون إلى أن هذا التصريح يُعزّز الرواية الأمنية الداخلية الباكستانية، ويدعم الموقف الدبلوماسي لإسلام آباد على المستوى العالمي. كما أضافوا أن ما يُسمى بـ«جهاد الخوارج»، المدعوم من جهات هندية ليس إلا إرهاباً يخالف الشريعة، وسُلطة الدولة، ويقوّض السلام الإقليمي.
“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}