رام الله – محمـد الرنتيسي

ما زال صدى العدوان الإسرائيلي الآثم على دولة قطر، يتردد في أرجاء العواصم العربية، كحجة دامغة على مدى الصلف والانفلات، الذي وصل إليه كيان الاحتلال، باستباحته للمنطقة العرببة، وانتهاك سيادتها، ضارباً عرض الحائط بكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية ومعانيها ودلالاتها، التي بدت كجملة معترضة لا محل لها من الإعراب في سفر الأصولية التوراتية، التي تصوغ فكر قادة الكيان وسلوكه العدواني.


اهتزت الدوحة بفعل العدوان الغاشم، فاهتزت معها كل العواصم العربية حنقاً وغضباً، فلا التزام بقانون دولي، ولا احترام لوسطاء، ولا قدسية لمفاوضات، يمكن أن تقف أمام هذا الانفلات الإسرائيلي، الذي أخذ يعيد ترسيم الحدود، ويضرب كيفما يشاء، فالعدوان على الدوحة، لم يكن عملية مارقة أو غارة عابرة كما يقرأ مراقبون، بل حمل في ثناياه رسائل إسرائيلية مقصودة، قوامها: “لنا أن نحوّل كل العواصم العربية إلى ساحات معارك”.


فشلت محاولة الاغتيال لقادة حركة حماس ووفدها المفاوض في الدوحة، لكنها شكّلت نقطة تحول فارقة على المستويين الإقليمي والدولي، لا سيما ما يتعلق بأوهام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بـ “إسرائيل الكبرى” فيما بدا وكأنه حرب عابرة للحدود العربية، لكن حالة الارتباك والارتياب أصابت قادة الكيان المنبوذ، بعد أن ارتد السحر على الساحر.


وفق الباحث المختص في الشؤون السياسية والتحليل الإستراتيجي وسام عفيفة، فالعدوان الهمجي على الدوحة لم يكن حدثاً عابراً، بل شكَّل محطة فاصلة، تجاوز فيها كيان الاحتلال كل الخطوط الحمراء، ومثّل نقطة تحول فارقة عربياً وإقليمياً.


يمضي عفيفة: “صحيح أن اغتيال قادة حركة حماس، كان هدفاً إسرائيلياً معلناً، لكن كان لهذا الاعتداء أهداف أكبر وأوسع، بتقويض جهود الوساطة القطرية للتهدئة، كي يمضي الكيان الإسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وصولاً لأهدافه وأطماعه التوسعية في المنطقة العربية”.


ويواصل: “ما جرى لم يكن مجرد محاولة اغتيال، بل عملاً حربياً انتهك سيادة بلد حليف للولايات المتحدة الأمريكية، ومن المؤكد أن تداعياته ستتردد إلى أبعد من الدوحة.


بينما اعتبر الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، العدوان على دولة قطر، بأنه استهداف لكل العواصم العربية، وهذا جزء من عقيدة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، في الطريق لتحقيق أهداف الاحتلال الإستراتيجية، بالسيطرة على أراضي دول عربية، تتجاوز دول الطوق وتشملها.


وغير بعيد، ترى الكاتبة والباحثة السياسية سنية الحسيني، أن للعدوان الإسرائيلي على قطر، أبعاداً إستراتيجية مهمة، سواء على المستوى الضيق الخاص بتقويض المساعي الدبلوماسية واستمرار الحرب على قطاع غزة، أو على المستوى الأوسع، المتعلق بتعامل إسرائيل مع الدول العربية.


ويرى مراقبون أن الاعتداء على الدوحة لم يستهدف قيادات حماس فقط، بل استهدف الدبلوماسية القطرية، ومكانة قطر، باعتبارها لاعباً إقليمياً محوريا في حل الصراعات، ووسيطاً رئيسياً في الملف الفلسطيني على الدوام.


وربما فشل كيان الاحتلال في تحقيق أهدافه المقصودة في الدوحة، باغتيال قادة حركة حماس وفريقها المفاوض، لكنه بعدوانه هذا، إنما استهدف انتصار الحرب على المفاوضات، والبلطجة على الدبلوماسية، وإن أدى هذا إلى عزل إسرائيل أكثر من أي وقت مضى، وصوّرها ككيان منبوذ.

شاركها.
Exit mobile version