نيويورك – قنا
شارك معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، اليوم، في الجلسة العامة للمؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، التي انعقدت بقاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وأكد معاليه، في بيان دولة قطر أمام الجلسة العامة، أن هذا المؤتمر ينعقد في لحظة حرجة تمر بها المنطقة، في ظل حرب مروعة تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ عامين ومأساة إنسانية متفاقمة تطال أكثر من مليوني شخص، معظمهم من النساء والأطفال .
وأشار معاليه إلى أنه ” في واحدة من أكثر لحظات هذه المأساة قسوة وإيلاما، رأينا مشاهد تمثل عارا على الإنسانية جمعاء – مدنيون جوعى، أنهكهم الحصار، يقتلون وهم يقفون في طوابير ينتظرون رغيف خبز، أو كيس طحين، أو وجبة يسدون بها رمق أطفالهم”.
وتساءل : أي مستقبل يمكن أن يبنى فوق جثث طوابير الجوعى؟ وأي سلام يمكن أن يولد في ظل هذا الكم من التجويع والإذلال والقتل؟.
وأوضح معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أنه في مواجهة هذا الوضع الكارثي، لم تتوان دولة قطر عن بذل ما بوسعها من مساع دبلوماسية لحقن دماء الأبرياء وتخفيف معاناتهم وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين.
وقال إن “دولة قطر أدانت انطلاقا من موقفها الثابت كافة أشكال استهداف المدنيين، ولكننا نرفض بشكل قاطع ازدواجية المعايير، فالإنسان هو الإنسان، والطفل هو الطفل، وليس من حق أي منا التمييز بين الأبرياء وحقهم في الحياة على أسس سياسية أو غيرها. لقد بلغ الأمر حد تطبيع استخدام التجويع واستهداف المستشفيات أسلوبا في الحرب في سوابق لا يمكن أن نقبلها وإلا تحولت إلى ممارسة اعتيادية في كل صراع بعد اليوم”.
وجدد معاليه رفض دولة قطر القاطع لاستخدام الغذاء أداة للضغط أو سلاحا في النزاعات، وإدانتها بأشد العبارات سياسات الحصار والتهجير القسري التي تمارس بحق المدنيين الأبرياء، والاستهداف المتكرر للمستشفيات ومراكز إيواء النازحين والمرافق الحيوية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
وأشار معاليه إلى أن جهود الوساطة التي تبذلها دولة قطر بالشراكة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية أثمرت نتائج ملموسة، تمثلت في إدخال كميات كبيرة من المساعدات، وإطلاق سراح المئات من الأسرى والمحتجزين من الجانبين.
وأبان معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، على أنه رغم العراقيل المتكررة ومحاولات تقويض المسار الإنساني، إلا أن المساعي مستمرة بغية التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، تمهيدا لإنهاء الأزمة، وإطلاق جهود التعافي وإعادة الإعمار، موضحا أن ذلك يتطلب تحلي جميع الأطراف بالمسؤولية، ودعم جهود الوساطة.
وذكر معاليه أن الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لم تؤد إلى معاناة غير مسبوقة للمدنيين الأبرياء فحسب، بل أدت أيضا إلى الإضرار بمصداقية القانون الدولي والقيم الكونية التي تقوم عليها مؤسسات المجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية.
وأضاف “من ناحية أخرى، ثبت أن سياسات القوة لم تفلح، ولن تفلح في تصفية القضية الفلسطينية، وكل ما أحرزته هو مفاقمتها بالمزيد من المآسي والمرارات ومشاعر الظلم، ومشاهد القتل والتدمير التي ستبقى محفورة في ذاكرة شعوب العالم بأسره.وتثبت أهوال الكارثة التي تسببت بها الحرب وفشلها السياسي أنه لا بديل عن تحقيق تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية. والمفتاح هو الاعتراف بالظلم اللاحق بالشعب الفلسطيني وتطبيق العدالة التي تأخر تطبيقها حوالي ثمانين عاما”.
وقال معاليه إن دولة قطر، وانطلاقا من دعمها الثابت للسلام، تؤكد تأييدها الكامل لأهداف هذا المؤتمر، وحرصها على القيام بدور فاعل في إنجاحه وتعزيز فرص الحل السلمي في الشرق الأوسط. مشيرا في هذا الإطار، إلى أن دولة قطر شاركت مع كندا والمكسيك في ترؤس فريق العمل الثالث التابع للمؤتمر المعني بموضوع “سرديات السلام”.
وأوضح أن هذا الفريق عالج مواضيع مهمة وخلص إلى مبادئ ومقترحات ذات أولوية تصب في إنجاح الهدف العام للمؤتمر ، مبينا أنه “من أجل تهيئة بيئة مواتية لتحقيق سلام مستدام، تبرز الحاجة إلى تعزيز سرديات إيجابية تدعم السلام بين الجانبين، تقوم على نبذ العنف، ورفض الخطاب التحريضي، والتصدي لمحاولات تجريد الطرف الآخر من إنسانيته”.
وأكد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، على موقف دولة قطر الثابت في دعم التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وفق مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وعلى أساس حل الدولتين، باعتباره الخيار الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الصراع وتحقيق السلام العادل والشامل.
وأضاف “من هذا المنطلق، تدعو قطر إلى موقف دولي واضح وموحد يرفض كافة الممارسات التي تعيق المفاوضات وفرص تحقيق السلام العادل والشامل، وفي هذا الإطار، نرحب باعتراف عدد من الدول بدولة فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة في حدود الرابع من يونيو 1967، إيمانا منا بأن ذلك يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي”.
وجدد معاليه في هذا السياق، ترحيب دولة قطر بالتزام الجمهورية الفرنسية الصديقة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل .
ورأى معاليه، أن انعقاد هذا المؤتمر يجسد إرادة جماعية للمجتمع الدولي في ترجمة الأقوال إلى أفعال، والمساهمة بجدية في دفع مسار التسوية السلمية للقضية الفلسطينية بمختلف أبعادها. لافتا إلى أن المجتمع الدولي يتحمل دورا محوريا في تهيئة الظروف المناسبة للتوصل إلى حل دائم وعادل، عبر إعادة الاعتبار للشرعية الدولية بعد هذه الحرب المروعة وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني اللازمين.
وأعرب معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، عن أمل دولة قطر في أن يكون هذا المؤتمر نقطة تحول تفضي إلى التزامات ملموسة تتجاوز حدود البيانات والمواقف، وتمهد الطريق أمام خطوات عملية نحو تنفيذ حل الدولتين، بما يضمن تسوية عادلة وشاملة ودائمة للنزاع، ويسهم في إحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.
وكان معاليه، أعرب في مستهل البيان، عن خالص التقدير لفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية الشقيقة، على مبادرتهما بتنظيم هذا المؤتمر التاريخي تحت رعاية الأمم المتحدة، الذي يعالج إحدى أقدم قضايا السلم والأمن وأحد آخر تجليات الظلم الاستعماري المطروحة على جدول الأعمال الدولي.