الدوحة – قنا
أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، حرص دولة قطر على استقرار المنطقة باعتبار ذلك من أمنها الوطني، لكنه نبه إلى أن دولة قطر لا يمكنها أن تصبح قوة عظمى بالطرق العسكرية، بل من خلال التواصل الدبلوماسي، وعبر الاستثمارات والشراكات، وقال إن ذلك ما يميز بصمة قطر في هذا المجال.
ولفت معاليه لدى حديثه في جلسة ضمن أعمال منتدى الدوحة 2025 بعنوان “الوساطة في زمن التفكك” إلى أن دولة قطر تعمل لحل النزاعات من خلال الوساطة في عالم اليوم المتفكك، وأنها تسعى دائما لجعل قنوات الاتصال مفتوحة دون الانحياز لأي طرف، لأنه بدون ذلك فلن تتمكن من حل أي نزاع، مشيرا إلى أن كل النتائج التي حققتها قطر في هذا السياق منذ عام 2013 كانت بفضل التواصل مع جميع الأطراف المعنية.
وأوضح معاليه أن الوساطة هي دائما التدخل لحل نزاع بين طرفين، أو أطراف من الدول وذلك أمر طبيعي، غير أنه عبر عن الأسف لأن الخلاف في المنطقة بين دول وأطراف، وأنه تبعا لذلك تبقي قطر قنوات الاتصال مفتوحة مع الجميع من أجل التوصل لحلول ترضي الجميع، وهو ما ثبت بالفعل خلال السنوات الماضية.
واستشهد معاليه ردا على سؤال بما حققته الدوحة من نجاح في مجال الوساطة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان في أفغانستان، حيث قامت قطر بتسهيل عملية الوساطة وبذلت جهودا كبيرة في هذا المجال استمرت لأكثر من سبع سنوات لتحقيق النتيجة المأمولة والسلام بين الجانبين.
ونوه معاليه إلى أن ما حققته قطر منذ عام 2023 فيما يعنى بالسلام في قطاع غزة وصولا إلى اتفاق السلام عام 2025، فقط تم بسبب التواصل مع جميع الأطراف المعنية، وقال إنه رعم كل ذلك يتم توجيه النقد لقطر لأهداف سياسية قصيرة المدى، لاستضافتها حركة حماس، مؤكدا من جديد أن دولة قطر لا تنحاز لأي طرف، بل توفر المنتدى والمنصة لاستمرار الحوار، لتصبح النتائج إيجابية وبناءة لإنهاء المعاناة البشرية في نهاية المطاف.
وأوضح معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني في سياق ذي صلة أن لكل نزاع طبيعته الخاصة به، وأنه بالتالي لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة حماس، مبينا أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها أحد الوسطاء كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد في إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة “لكننا لا نعتبره وقفا كاملا لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع”.
ونبه معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في حديثه إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معربا عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية لتحقيق ذلك.
واستطرد قائلا “نحن في لحظة مفصلية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة”، لافتا إلى أن الوساطاء يعملون معا من أجل المرحلة الثانية منه والتي رأى أنها مؤقتة أيضا، مضيفا القول “قطر وتركيا ومصر والولايات المتحدة الأمريكية يتعاونون جميعا لرسم المسار المستقبلي لهذه المرحلة”.
وشدد معاليه على أهمية إنهاء الأسباب الجذرية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي والذي لا ينحصر على إنهاء الكارثة في غزة وحدها بل يشمل أيضا الضفة الغربية، وتحقيق تطلعات الفلسطينيين ببناء دولتهم، معربا عن أمله في التمكن من التعاون مع الحكومة الأمريكية لتحقيق هذه الرؤية في نهاية المطاف، لكنه نبه إلى أن الأمر ليس سهلا “سنواجه الكثير من التحديات والهجمات، ولكن سنواصل الضغط لكي نتوصل في نهاية المطاف إلى حل مستدام يؤمن العدالة للشعبين في اتفاقية وقف إطلاق النار وفي خطة النقاط الـ20”.
ومضى معاليه إلى القول “ما لمسناه وجربناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعا لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضا للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية”.
وحذر معاليه من أنه “في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطا ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها”، معربا عن اعتقاده بأن الدور الأمريكي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.
ودعا معاليه في إجابة على سؤال إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات، لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث أيضا الازدهار والرخاء الاقتصادي.
