الدوحة – قنا

أكدت سعادة السيدة مريم بنت عبدالله العطية رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن اللجنة نجحت في بناء شراكات واسعة مع مُختلف هيئات الأمم المتحدة وآلياتها، بما يرتقي بأدوارها في حماية حقوق الإنسان، ويعزز من حضورها الدولي ومساهمتها في بناء مجتمعات أكثر عدالة وسلاما.


وقالت سعادتها في حوار مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/ بمناسبة انطلاق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 80، “حرصت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على مدى السنوات الماضية على تشبيك علاقاتها الوطنية والإقليمية والدولية، للوصول إلى شراكات تُحقق أهدافها في حماية وتعزيز حقوق الإنسان”.


    وأضافت أن “اللجنة وسعت شراكاتها مع مُختلف هيئات الأمم المتحدة وآلياتها، بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ومنظمة العمل الدولية، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وغيرها من هيئات الأمم المتحدة، كما أن لديها تعاونا كبيرا مع بيت الأمم المتحدة في الدوحة وهو ما أكسب اللجنة ثقلاً دولياً وأدى إلى تقلدها مناصب عالمية رفيعة في مجال حقوق الإنسان”.


    وأكدت أن هذه الشراكات تنعكس إيجابا على عملية إيصال الرسائل ذات الصلة بحقوق الإنسان على وجه السرعة لجهة الاختصاص لإنصاف أصحاب الحقوق، فضلا عن تعزيز مُشاركة المؤسسات الوطنية في مُختلف القضايا الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.


   كما أكدت سعادتها أن هذه الشراكات تسهم في بناء مُجتمعات أكثر استدامة وعدالة وسلاما وتُتيح تبادل الخبرات والمعرفة وأفضل الممارسات، وتُوحد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة، وتعزز الوعي العام بحقوق الإنسان، وتُؤسس لآليات فعّالة لمكافحة الانتهاكات.  


ونوهت سعادة السيدة مريم العطية إلى أن مسيرة حقوق الإنسان في دولة قطر تمضي بخطى ثابتة ومُواكبة لمسيرة حقوق الإنسان العالمية، من خلال المصادقة – حتى الآن – على تسع مُعاهدات دولية، من بينها سبع اتفاقيات تمُثل النواة الصلبة في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى بروتوكولين اختياريين، إلى جانب مُعاهدات دولية وإقليمية أُخرى.


   ولفتت في هذا السياق، إلى أن جميع التزامات قطر الدولية تنسجم مع قيم وأعراف المجتمع وهويته الحضارية والدينية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الدولة تتفاعل إيجاباً مع هيئات المعاهدات وآليات مجلس حقوق الإنسان، بما في ذلك التفاعل مع آلية الاستعراض الدوري الشامل، وآلية الإجراءات الخاصة، وبموجب نظام الدعوة المفتوحة الذي أعلنته دولة قطر تم استقبال عدد من المقررين الخواص والخبراء المستقلين في هذا المجال.


    ومضت إلى القول “تعمل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر في بيئة وطنية خصبة تضمن تعزيز وحماية حقوق الإنسان والارتقاء بها، وهو ما مكنها من المحافظة على درجة الاعتماد (أ) بين المؤسسات الوطنية عالمياً منذ عام (2010 وحتى 2025) (لثلاث مرات على التوالي)، وستخضع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر لإعادة اعتمادها للمرة الرابعة خلال السنة المقبلة”.

وعبرت سعادة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن ثقتها بأن اللجنة ستتمكن من المحافظة على هذا التصنيف للمرة الرابعة على التوالي، “بناء على استيفاء اللجنة لكافة شروط الاعتماد التي تُؤهلها لهذا التصنيف من حيث الاستقلالية المالية والإدارية والشفافية، والمواظبة على إصدار التقارير السنوية حول أوضاع حقوق الإنسان في الدولة”.  


     وتابعت “نحن نعمل في ظل قيادة تُؤمن إيماناً راسخاً، بأن تعزيز وحماية حقوق الإنسان يُشكل خيارًا استراتيجياً لها، الأمر الذي أسهم في اعتماد دولة قطر للعديد من التدابير التشريعية المتصلة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، والتي من أبرزها إصدار القانون رقم (12) لسنة 2015، والذي منح اللجنة الاستقلالية، وأحاطها وأعضاءها بسياج من الحصانة والضمانات القانونية، بهدف تمكينها من أداء عملها ومهامها المكفولة بموجب القانون بكل حرية وشفافية”.   


وأكدت أن دولة قطر تعد من الأعضاء الفاعلين في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ولها دور هام في تعزيز مهام المجلس التي تنص على تحقيق الاحترام العالمي لقيم ومبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون تمييز، والتصدي الفعّال لانتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب في جميع أنحاء العالم.  


    ولفتت إلى أنه تقديراً لجهود اللجنة في مجلس حقوق الإنسان، انتخبت دولة قطر لعضوية المجلس للفترة (2025-2027)، بدعم 167 دولة، وذلك في الانتخابات التي عُقدت بالجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2024، “مما يُؤكد ثقة الأسرة الدولية في الأدوار التي تضطلع بها دولة قطر، بوصفها عضواً فاعلاً وشريكاً أساسياً في مسيرة الارتقاء بحقوق الإنسان العالمية”.


    وفيما يتعلق بالإنجازات الحقوقية بالدولة، أوضحت أن دولة قطر أحرزت تقدما واضحاً وملموساً في مجال حقوق الإنسان، وقدمت الدولة العديد من الإنجازات على المستوى الوطني في سياق التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، ومن ذلك مُلاءمة التشريعات الوطنية، بما يتوافق مع المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة، فضلاً إنجازاتها وريادتها على المستوى الإقليمي والدولي.  


  ونوهت بالتقدم الملموس، الذي انعكس على الحياة العامة في المجتمع القطري من حيث التمتع بالحقوق الأساسية للإنسان، بدايةً من جودة الرعاية الصحية والتعليم، وضمان الحياة الكريمة للأسرة وجميع فئات المجتمع، إلى جانب التطورات التشريعية لحماية الحق في العمل، والتي أسهمت بشكلٍ ملحوظ في تعزيز بيئة العمل الآمنة والعادلة. وهو ما يُفسر انخفاض مُعدلات الالتماسات والشكاوى التي ترد في التقارير السنوية للجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالدولة.


ولفتت إلى بعض التحديات التي تواجه الدول ومن أبرزها تلك التي تفرضها الوتيرة المتسارعة للتطور الرقمي، والذي يُعد إحدى أهم القضايا التي تُهدد الحريات والخصوصية.. مبينة أن استخدام التكنولوجيا والإنترنت، أدى إلى تجميع كميات هائلة من المعلومات الشخصية للأفراد، الأمر الذي يتطلب مُعالجة جادة وسريعة من قبل المجتمع الدولي.  


    وأكدت سعادة السيدة مريم العطية في هذا السياق على دور الحكومات في مُعالجة التحديات الناجمة عن هذه الظاهرة من خلال تبنيها لقوانين وسياسات تحمي الخصوصية والحريات الأساسية على الإنترنت، وتُنظم استخدام البيانات الشخصية ومُراقبة الاتصالات بشكل عادل وشفاف.. مشيدة في هذا الصدد بتعديل بعض أحكام قانون الجرائم الإلكترونية في قطر، ومعربة عن تقديرها لكافة الجهود التي تبذلها مُختلف الجهات الوطنية المعنية.    


  وحول الانعكاسات الإيجابية لدور قطر في الوساطة لحل النزاعات على حقوق الإنسان، قالت “نُتابع ما تقوم به الدولة من إنجازات كبيرة من أجل إحلال السلام العالمي، حتى أصبحت دولة قطر تمتلك زمام المبادرة وتتقلد الريادة، فيما يتعلق بالوساطة لحل النزاعات، بل أصبحت هي وجهة رئيسية لفض النزاعات وكذلك المساهمة في جهود مشتركة على هذا الصعيد في نطاقات جغرافية مختلفة”.


    وفيما أشارت إلى وساطات دولة قطر الناجحة خلال أكثر من عقدين؛ أكدت أن فلسطين مثلت وتمثل قضية محورية لدولة قطر وللأمة العربية والإسلامية؛ ونوهت بالجهود القطرية المتواصلة لوقف الحرب الإسرائيلية الراهنة على غزة وذلك بالتعاون مع شركائها (مصر والولايات المتحدة).  


   ونبهت إلى أن هذه الجهود التي تبذلها دولة قطر، ليست جديدة، بل هي امتداد لأدوار قطر الناجحة في سنوات سابقة.. معربة عن أملها في أن تُثمر الجهود الراهنة مع الشركاء وقفا لإطلاق النار وإنهاء الحرب على غزة وإحلال السلام في المنطقة.


   ولفتت سعادة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إلى أن جهود دولة قطر في مجال تعزيز السلام لا تتوقف عند حدود “الوساطة”، بل إنها ترعى وتستضيف العديد من المؤتمرات والمنتديات الدولية والإقليمية، لتعزيز مبدأ الحوار والتفاهم بين الأمم والشعوب.   


  وأبرزت في حديثها لوكالة الأنباء القطرية مدى حضور قضايا حقوق الإنسان في خطابات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة.. وقالت إن تلك الخطابات تُلامس حقوق الإنسان في كل مُفرداتها، واستشهدت، على سبيل المثال، بتركيز سموه على حقوق الشعب الفلسطيني ولفت أنظار العالم إلى الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، إلى جانب دعوته إلى التعاون والشراكة لوقف النزاعات والحروب في منطقتنا والعالم والتركيز على السلام والتنمية.    


وأضافت “خطابات سمو الأمير تُعبر عن حماية وتعزيز حقوق الإنسان في كل بقاع العالم، بل ويحرص سموه على ترجمة الأقوال إلى أفعال، وهذا ما نراه في الدور الريادي، الذي تقوم به دولة قطر في الوساطات من أجل إحلال السلام العالمي، وإطلاق المبادرات التي تعنى بالسلام والتنمية”.  


  وفي ختام حديثها لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ وجهت سعادة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان دعوة إلى المشاركين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ(80)، للنظر في مدى مواكبة الأمم المتحدة للتحديات الراهنة.. وقالت “لقد حان الوقت للمُراجعة، وللنظر في مدى مواكبة الأمم المتحدة للتحديات الإنسانية، وأن نسأل أنفسنا هل نحن نسير وفق الأهداف التي قامت عليها الأمم المتحدة منذ 80 عاماً؟ “.   


كما تساءلت سعادتها “أين مُبادرة الأمم المتحدة الـ(80) مما يحدث في فلسطين الآن؟ بصفتها مبادرة تهدف إلى تحسين أثر وفعالية الأمم المتحدة، وتعزيز السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان للجميع؟ وهل تُعالج هذه المبادرة عملية ازدواجية المعايير التي جعلت من حقوق الإنسان لافتة سياسية؟ أم أنها ستأخذ مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه العالم، الذي أنهكته الحروب وضاعت فيه كرامة الإنسان؟ “.  


  ونبهت إلى أن كل هذه التساؤلات لا تبحث عن إجابات جاهزة، وإنما هي للتفكير في عمل جاد ودؤوب يُعيد النظر في مدى فعالية منظومة الأمم المتحدة، وتفعيل دورها من أجل خدمة البشرية جمعاء.

شاركها.
Exit mobile version