بدأت الدعاوى القضائية تلاحق مسؤولين في «حزب الله»، بتهمة «تعريض أمن لبنان للخطر» و«تهديد اللبنانيين بالقتل»، على خلفية مطالبتهم بنزع كل السلاح غير الشرعي بما فيه سلاح الحزب وحصره بيد الدولة.
آخر تلك الدعاوى، تقدّم بها رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل، بواسطة وكيله القانوني بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية بحق نائب مسؤول منطقة البقاع في «حزب الله» فيصل شكر، متهماً إياه بـ«ارتكاب جرم التهديد بالقتل، والتحريض على العنف وإثارة النعرات الطائفية، وتعريض سلامة الدولة أو سيادتها أو وحدتها أو حدودها للخطر».
من يهدّد اللبنانيين بالقتل علناً لمجرّد مطالبتهم بالدولة يجب أن يُعاقب. غداً سيتقدّم محامو #الكتائب بإخبارٍ بإسمي ضد #فيصل_شكر أمام النيابة العامة بتهم التحريض على العنف والقتل وتعريض وحدة الدولة وسيادتها للخطر.من يظنّ نفسه قادراً على إرهاب الناس بالسلاح والتهديد، سيمثل أمام… pic.twitter.com/cr0d4tCSfk
— Samy Gemayel (@samygemayel) July 13, 2025
واستند الإخبار إلى الخطبة التي ألقاها شكر خلال المسيرة العاشورائية التي نظمها «حزب الله» في البقاع في 6 يوليو (تموز)، وقال فيها: «من يطالب بنزع سلاح الحزب سننزع روحه». وأرفق الإخبار بشريط فيديو يوثّق مضمون الخطبة وما حملته من تهديدات، وعدَّ أنّ ما صدر «يعدّ تجاوزاً لحرية الرأي والتعبير ليبلغ حدّ التحريض على القتل، وتهديد السلم الأهلي، والدعوة الضمنية للتسلّح»، مطالباً بـ«إجراء التحقيقات اللازمة معه والادعاء عليه وتوقيفه ومحاكمته».
شكوى ضد نعيم قاسم
يأتي هذا الإخبار بعد أيام على دعوى تقدّم بها محامون وإعلاميون وناشطون أمام النيابة العامة التمييزية ضدّ الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، إثر التصريحات التي أدلى بها إبان الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، وأعلن فيها «الانحياز الكامل إلى جانب إيران ضدّ العدوان الأميركي عليها». واعتبر مقدمو الدعوى أن كلام قاسم «يشكل تهديداً مباشراً لسياسة الدولة، وتشجيعاً على التمرّد ويعرّض أمن اللبنانيين للخطر».
كسر حواجز الخوف
قد لا تأخذ هذه الدعاوى مسارها القانوني فوراً، لكنّها مؤشر مهمّ على كسر حاجز الخوف لدى اللبنانيين، الذين كانوا يتوجسون من مقاضاة الحزب، حتى في ذروة الاغتيالات التي طالت سياسيين وإعلاميين وأمنيين وناشطين معارضين للحزب، لا سيما بعد اجتياحه لبيروت عسكرياً في 7 مايو (أيار) 2008، لكنّ أهميتها تكمن في أن الدوائر القضائية لا تتردد الآن في قبول هذه الشكاوى وتسجيلها في قيودها بخلاف رفضها سابقاً بشكلٍ مطلقٍ، وحصر الملاحقات بالناشطين الذين يقاضيهم «حزب الله».
ورأى مصدر قضائي أن «تسجيل الدعاوى والتحقيق فيها مرتبطان بما تتضمنه من معطيات تثبت جديتها»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن النيابة العامة التمييزية «تقيّم الإخبار وأهميته وتتخذ القرار بفتح تحقيق بشأنه أو حفظه»، مشيراً إلى أن «اتهام القضاء بأنه يستسهل ملاحقة الناشطين الذين يقاضيهم (حزب الله)، ويتجاهل الدعاوى ضدّ الحزب ليست دقيقةً». وقال: «كل الدعاوى والإخبارات الجدية تسجّل لدى النيابة العامة التمييزي، لكن قد تكون هناك سهولة في تبليغ أشخاص مواعيد جلسات التحقيق، وصعوبة في تبليغ آخرين لعدم تبيان عناوين إقاماتهم وأرقام هواتفهم (في إشارة إلى عدم استدعاء عناصر ومسؤولين في حزب الله)».
دعاوى جنوبيين ضد الحزب
أهم من الملاحقات التي تكتسب طابعاً سياسياً، برزت الجرأة لدى عدد من أبناء الجنوب، خصوصاً المقيمين في الخارج، الذين توجهوا بعد سريان قرار وقف إطلاق النار إلى المحاكم في جنوب لبنان، ورفعوا دعاوى طالت «حزب اللّه» بتهمة «تخزين الصواريخ والأسلحة والذخائر تحت المباني السكنية وبين المدنيين، وحفر أنفاق في البلدات وتحت المنازل من دون علم أصحابها، ما أدّى إلى استهدافها من قبل إسرائيل وتدميرها».
ثمة أسباب حفّزت الناس على مقاضاة الحزب، أهمها كسر حاجز الخوف لديهم، وفق تعبير الخبير القانون والناشط السياسي المحامي إيلي كيرللس، الذي اعتبر أن «القبضة الحديدية التي كان يمسك (حزب الله) من خلالها مؤسسات الدولة والأجهزة وحتى القضاء سقطت». ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «نظرة الدولة إلى الحزب وسلاحه تغيّرت»، مشيراً إلى أن «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي كانت تتصدر بيانات الحكومة في السابق انتهت، واليوم ترفع الحكومة عنوان (حصرية السلاح بيد الدولة) وتعمل على تطبيقه».
وشدد المحامي كيرللس على أن «سردية (حزب الله) حول حماية لبنان وإقامة توازن الردع مع إسرائيل سقطت، ومعها سقطت قدسيّة السلاح»، متمنياً أن «يتحرر القضاء مع عقدة الخوف التي كان يمثلها الحزب، وأن تأخذ الدعاوى مسارها». وقال: «ليس المهم أن نسجّل الدعاوى لدى القضاء، المهم أن تبدأ تحقيقات جدية بشأنها، وتصدر فيها الأحكام، وهذه الأحكام وحدها تحمي للبنانيين قبل أي شيء آخر».
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}