قال المخرج الكيني – البريطاني، داميان هاوزر، إن فيلمه: «ذكرى الأميرة مومبي»، جاء بطريقة اندفاعية، موضحاً أنه بدا التحضير له قبل شهر ونصف الشهر من التصوير دون خطة مسبقة، بعد وفاة شقيقه الأصغر، وبحثه عن وسيلة لتخفيف حزنه، فقرر أن يصنع فيلماً يبعث السعادة في حياته.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يشأ انتظار التمويل أو الدعم؛ فباشر التصوير سريعاً بميزانية محدودة وبطاقم صغير جداً، وهو أمر يراه ميزة؛ لكونه يمنحه حرية أكبر، ويتيح له مساحة واسعة للارتجال، لقناعته بأن الأسلوب العفوي في العمل يعكس طريقته المفضلة في الإبداع، ويمنحه سيطرة كاملة على التفاصيل الفنية.
وأوضح أن معظم الممثلين في الفيلم هم من أصدقائه وأفراد عائلته، باستثناء البطلة الرئيسية التي تُعد الممثلة الوحيدة المحترفة، مشيراً إلى أنه اعتمد أسلوباً عفوياً في التصوير دون جدول صارم؛ فكانوا يقررون المشاهد يومياً حسب الظروف.
الفيلم، الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان «فينيسيا» بدورته الأخيرة، ويشارك في مهرجان «تورونتو السينمائي» بكندا الشهر الحالي، تدور أحداثه عام 2093؛ حيث يسافر المخرج الشاب (كوفه) إلى مدينة خيالية تُدعى «أوماتا» لتوثيق ما بعد حرب كبرى أعادت إحياء ممالك قديمة، وهناك يلتقي بالأميرة (مومبي)، التي تتحداه أن يصنع فيلمه دون الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
ومع تطور الأحداث، يبدأ «كوفه» رحلة بحث عن صوته الخاص مبدعاً، ويكتشف أن الجمال لا يقتصر على العوالم الكبيرة، بل يكمن أيضاً في اللحظات الإنسانية الصغيرة التي غالباً ما نتجاهلها، في محاولة تأملية وفلسفية لاستكشاف العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا، والخيارات بين الصراع والحرية، وبين الذاكرة والحاضر، مع طرح تساؤلات حول معنى الإنسانية، في عالم يتغير بفعل الذكاء الاصطناعي.
وأكد هاوزر أنه استعان بتقنيات الذكاء الاصطناعي في الفيلم، بوصفه امتداداً بصرياً للمشاهد، موضحاً: «استخدمتها بطريقة تشبه اللوحات المرسومة التي كان يوظفها صناع السينما في السبعينات والتسعينات، مع التأكيد على أن تطور التكنولوجيا خلال العام الماضي منحني إمكانيات جديدة؛ إذ بدأت باستخدام صور ثابتة في الخلفيات، ثم انتقلت لاحقاً إلى تقنيات تحويل الصور إلى فيديو؛ ما أضاف عمقاً بصرياً للفيلم».
وتابع هاوزر أن «أصعب ما واجهني لم يكن الجانب التقني، بل الوقت الطويل الذي تطلبته المؤثرات البصرية»، مشيراً إلى أنه عمل بمفرده على هذه الجزئية طوال عام ونصف العام، في مرحلة ما بعد الإنتاج، مضيفاً: «رأيت في الأمر تحدياً مرهقاً أكثر من أي شيء آخر، لكنه ضروري لتحقيق الرؤية البصرية التي حلمت بها». وأضاف المخرج الكيني أن السينما الأفريقية «تفتقر عادة إلى المؤثرات الخاصة»، لكنه رأى أن جمال المرحلة الحالية يكمن في أن أدوات مثل الذكاء الاصطناعي أصبحت أرخص وأسهل، مما يفتح الباب أمام ديمقراطية الإنتاج السينمائي، بحيث يتمكن المخرجون من إضافة مؤثرات ضخمة حتى في أفلام منخفضة الميزانية، مما يجعله يتوقع مستقبلاً مشاهدة المزيد من الأفلام الأفريقية الغنية بالمؤثرات البصرية.
وأشار هاوزر إلى أنه لم يكن يتوقع وصول فيلمه إلى مهرجانات كبرى مثل «فينيسيا» و«تورونتو»، مبيناً أن المشروع كان تجريبياً إلى حد بعيد، لكنه فوجئ بردود الفعل الإيجابية من الجمهور بعد العروض الأولى؛ حيث لمس حباً كبيراً للفيلم وتفاعلاً واسعاً من المشاهدين، وهو ما عدّه لحظة مميزة في مسيرته.
وأوضح أن «موضوع الفيلم المرتبط بالذكاء الاصطناعي قد يثير الجدل، لكن طبيعة العمل المليئة بالبهجة جعلت ردود الفعل أكثر تسامحاً من النقاد؛ خصوصاً أن أعمالي السابقة تناولت موضوعات صعبة وقاسية، في حين جاء هذا الفيلم ليمنحني جرعة من الطاقة الإيجابية والعزاء بعد رحيل شقيقي، فانعكس ذلك على طابعه الخفيف والمبهج».
وأكد المخرج الكيني قناعته بأن «الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الفنان بشكل كامل، لكنه قد يغير من طريقة صناعة السينما خلال السنوات المقبلة»، مشيراً إلى أن «العالم يعيش الآن مرحلة انتقالية يمكن فيها استخدام هذه التكنولوجيا كأداة مساعدة إذا وُظفت بالشكل الصحيح، رغم قلقي من احتمالية هيمنتها على بعض المجالات، لكنني متفائل بأن الإبداع البشري سيظل الأساس».
وأشار هاوزر إلى أن حلمه الأكبر هو عرض الفيلم في بلده الأم، كينيا، موضحاً أنه صنعه خصيصاً للجمهور الأفريقي، ولإسعاد جدته وأبناء قريته الذين لم ينسجموا مع أعماله الفنية السابقة، متمنياً أن يحقق الفيلم هذا الهدف ويمنح الناس فرصة للضحك والتفاعل معه.
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}