الدوحة – الشرق
أكد سعادة الدكتور محمد أحمد شيخ علي سفير جمهورية الصومال الفيدرالية لدى دولة قطر بان ما تحقق للصومال، أو ما هو قيد التحقق، لم يكن بمعزل عن دعم الأشقاء والأصدقاء.
وقال سعادته – خلال الاحتفال بعيد الاستقلال الـ 65 لجمهورية الصومال الفيدرالية الذى أقيم بفندق شيراتون الدوحة مساء الخميس بحضور سعادة وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية الدكتور أحمد بن محمد السيد – إننا، إذ نثمّن هذا الدعم، نتقدم بالشكر الجزيل لدولة قطر الشقيقة، التي جمعتنا بها علاقة استراتيجية ممتدة لأكثر من نصف قرن، اتسمت بالتعاون والدعم المتبادل في مشاريع البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والعمل الإنساني.
واضاف شهدت الفترة الماضية زيارات متبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، من أبرزها زيارة فخامة رئيس الجمهورية الدكتور حسن شيخ محمود، ولقاؤه مع أخيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، والتي تم خلالها بحث آفاق التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك. تبعتها زيارة معالي رئيس الوزراء السيد حمزة عبدي بري، وعدد من الوزراء والمسؤولين، حيث تم مناقشة مجالات التعاون وتوسيعها بما في ذلك تنظيم استقدام العمالة الصومالية، بما يخدم الاقتصاد الوطني، ويوفر فرص عمل كريمة لشباب الصومالي. كما استضافت الدوحة العام الماضي مؤتمر المغتربين الصوماليين، تحت شعار “تسخير قدرات المغتربين في نهضة الصومال”، بمشاركة نوعية من الخبراء وأبناء الجاليات الصومالية حول العالم، تأكيدًا على أهمية دور المغتربين في التنمية.إن هذه الزيارات واللقاءات تعكس متانة العلاقات بين البلدين، وحرص القيادة الصومالية على تعزيز الشراكات الإقليمية، وعلى رأسها الشراكة مع دولة قطر التي لم تتوانَ يومًا عن دعم الصومال في مختلف المحطات. واشاد السفير الصومال بالدور الدبلوماسي البارز لدولة قطر الشقيقة على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث أظهرت القيادة القطرية حنكة سياسية وحكمة متزنة في التعاطي مع التحديات والتهديدات، والامتناع عن الانجرار وراء ردود الفعل العاطفية، متمسكة بسياسة الهدوء والحوار البنّاء.وقد تجلّى هذا النهج العقلاني في تعاملها مع الهجوم الإيراني الأخير، إذ نجحت الدبلوماسية القطرية لا في حماية أمنها الوطني وسيادتها فحسب، بل في التوسط بين أطراف النزاع، والعمل الجاد على تهدئة الأوضاع ومنع التصعيد، في وقت كانت فيه المنطقة على حافة الانفجار.
وشدد بان جمهورية الصومال الفيدرالية تُقدّر عاليًا هذا النموذج القطري الرصين في إدارة الأزمات المعقدة، وترى فيه مثالًا يُحتذى به في الحكمة، والرصانة، وتحويل الأزمات إلى فرص لتعزيز السلام والاستقرار، بما يخدم شعوب المنطقة والعالم.
وقال إن هذا اليوم يمثل رمزًا للتضحيات الجسيمة، وللكفاح المرير الذي خاضه الشعب الصومالي من أجل نيل حريته واستقلاله، وتحقيق وحدته بين شطريه الشمالي – الذي بزغ فيه فجر الاستقلال في 26 يونيو – والجنوبي – الذي أعلن فيه الاستقلال والوحدة في الأول من يوليو.
وفي مثل هذا اليوم من عام 1960، طويت صفحة الاستعمار، وارتفعت راية الحرية والكرامة فوق أرضنا، معلنة ميلاد دولة مستقلة موحدة، تعبّر عن إرادة الشعب الصومالي
وقال: كانت مسيرة الصومال منذ الاستقلال مليئة بالعقبات، لكنها أيضًا شاهدة على صمود شعب لا يعرف اليأس. ورغم الظروف الصعبة، ظل شعبنا متمسكًا بالأمل، عاملاً بلا كلل لبناء مستقبل يليق بتضحيات الأمس وآمال اليوم. ولقد جسّد نضال الصومال من أجل الاستقلال لحظة إجماع وطني نادر، عبّر عن نضج سياسي مبكر، وجعل من الدولة الصومالية الفتية آنذاك سندًا للشعوب الشقيقة في نضالها ضد الاستعمار، من خلال مشاركتها الفاعلة في منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي)، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي. وقد دفعت الدولة ثمن هذا الموقف، لكنها رأته التزامًا نابعًا من مسؤوليتها الأخلاقية والتاريخية.وقال تواصل جمهورية الصومال الفيدرالية خطواتها بثبات نحو بناء دولة المؤسسات، وتحقيق الأمن والنهضة الاقتصادية، بفضل جهود الحكومة ودعم شركائنا الدوليين.
وفي هذا الإطار، تنفذ الحكومة استراتيجية شاملة للقضاء على الحركات الإرهابية مثل “الشباب” و”داعش”، عبر مزيج من المواجهة العسكرية، وقطع مصادر التمويل، وتوعية المجتمع وحمايته من مخاطر التطرف والإرهاب.كما تسعى الحكومة إلى تعزيز الوحدة الوطنية، وتوسيع المشاركة المجتمعية، وضمان الحريات، وتقوية الأجهزة العدلية والأمنية، لإزالة الهوامش التي تتسلل منها الدعوات الانفصالية.
وتأتي التنمية الاجتماعية والاقتصادية في طليعة أولويات الحكومة، التي تسعى جاهدة إلى تعزيز الحوار الوطني، والتعاون مع مختلف الكيانات السياسية، وقد أثمرت هذه الجهود عن أرضية مشتركة تدعم استقرار البلاد وتحصّن مكتسباتها.ومن أبرز أهداف الحكومة ترسيخ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، عبر استكمال الضوابط الدستورية والتشريعية، وتنظيم الانتخابات على المستويات كافة، لضمان تمثيل حقيقي للشعب.
واضاف : أثبتت التجربة خلال العقود الماضية ضرورة وجود دستور مكتمل، وتشريعات تضمن انتظام العملية الانتخابية، بما يجنب البلاد مخاطر الفوضى ويضمن استدامة الاستقرار.إن تنظيم عملية ديمقراطية نزيهة سيمنح مؤسسات الدولة الشرعية والثقة، ويمنع الفراغات التي تستغلها قوى خارجة عن القانون. كما يفتح المجال أمام الأحزاب والتنظيمات السياسية لتطوير أدائها، والمساهمة الفاعلة في صياغة مستقبل البلاد، وفق خطاب سياسي جامع ورؤية وطنية مسؤولة