الدوحة – قنا
تعكس جائزة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد، رؤية دولة قطر الطموحة لخلق عالم خال من الفساد، وتعزيز الجهود الدولية لمكافحة الفساد على المستوى العالمي، حيث أصبحت الجائزة منذ إقرارها لأول مرة عام 2016 منصة دولية تهدف إلى تكريم المنظمات والمؤسسات والأشخاص الذين ساهموا بشكل متميز في محاربة الفساد، وتعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة في مختلف أنحاء العالم.
وتقام النسخة الثامنة للجائزة غدا /الثلاثاء/ في سان خوسيه عاصمة جمهورية كوستاريكا، حيث توزع الجائزة بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وتشمل 5 فئات تتمثل في إنجاز العمر أو الإنجاز المتميز في مكافحة الفساد، والبحث والمواد التعليمية الأكاديمية لمكافحة الفساد، وإبداع الشباب وتفاعلهم لمكافحة الفساد، والابتكار أو الصحافة الاستقصائية لمكافحة الفساد، بالإضافة إلى حماية الرياضة من الفساد.
وتحظى جائزة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد، بأهمية كبيرة على مستوى العالم، إذ تمثل دعما قويا للجهود الدولية المبذولة لمكافحة الفساد والحد من تأثيره السلبي، وتسلط الضوء على أهمية تعزيز التعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لوضع استراتيجيات فعالة تهدف إلى الحد من هذه الظاهرة.
كما تؤكد الجائزة على أهمية الحق الإنساني في محاربة الفساد، والحق في العيش في عالم يخلو من الفساد في كافة المجالات سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو صحية وغيرها من القطاعات.
وفي هذا الإطار، قال سعادة الدكتور محمد بن سيف الكواري نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن الجائزة لها أهمية كبيرة على المستوى الدولي، وتعكس مدى الحرص على تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، خاصة وأن كافة الدول تضع قوانين وتشريعات لمكافحة الفساد الذي له أضرار كبيرة جدا على الوضع السياسي والاقتصادي والشؤون الاجتماعية والتعليم والصحة وغيرها.
واعتبر أن الجائزة منصة هامة يتم عبرها تسليط الضوء على تلك الإنجازات سواء من المؤسسات أو الأفراد في محاربة الفساد، وهي إنجازات بمثابة إبداعات يجب أن يتم وضع برنامج لها لترجمة كل الأعمال الفائزة بفئات الجائزة إلى كل لغات العالم وتوثيقها جميعا في كتاب أو منشورات إلكترونية تكون مرجعا للأجيال الحالية والمستقبلية يتم الاستفادة منها في محاربة آفة الفساد.
وأكد أن كل مواثيق حقوق الإنسان الإقليمية والدولية تكافح الفساد بشدة لأنه يؤثر على حق الإنسان في الحياة والتعليم والصحة والأسرة والعمل وحقوق كثيرة أخرى، بالتالي فإن مكافحة الفساد أصبحت مطلبا قوميا عالميا.
وعلى مدى دوراتها السابقة تمكنت جائزة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد، من إحداث تأثير إيجابي على العديد من المبادرات الدولية والمحلية، خاصة لناحية نشر الوعي حول خطورة الفساد وأهمية معالجته، في الوقت الذي تركز فيه على تكريم الأفراد والمؤسسات التي تقوم بدور رائد في هذا المجال.
وتشجع الجائزة على تبني سياسات أكثر شفافية ومساءلة، وتسهم في تعزيز الرقابة المجتمعية على المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في هذا المجال، فهي تساهم في خلق بيئة تنافسية صحية بين الأفراد والمؤسسات، مما يؤدي إلى رفع مستوى التفاعل الإيجابي في التصدي للفساد.
وقال الدكتور طارق حمود أستاذ علوم سياسية في جامعة لوسيل، إن جائزة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد تعكس التزام قطر بالتطلعات الأممية من أجل مستقبل أفضل من خلال سعي جاد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة.
وأضاف في تصريح لـ/قنا/ أن مكافحة الفساد مهمة ضرورية من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والقانونية، كما تأتي في صلب الإجراءات العامة من أجل تحقيق الشفافية في الأعمال، والتي بدورها ستنعكس إيجابا على الأداء العام في قطاعات العمل الحكومي والخاص ومحاكمته وتقويمه.
وأوضح أنه من هذا المنطلق فإن الجائزة تمثل التزاما فريدا من قبل دولة قطر لمواجهة تحديات يقع غالبها خارج حدودها الوطنية، بمعنى أنها مبادرة تتعلق بانخراط قطر في أدوار عالمية ذات أبعاد واهتمامات إنسانية جماعية، وقد يكون من الصعب تخيل التزامات دولية من هذا النوع إلا في إطار التعاون الثنائي بين الدول والكيانات، ولذلك فإن الجائزة تشكل عاملا له تأثير متعدد من شأنه أن يمس بالاقتصاد والاجتماع والثقافة والقانون والأخلاق.
وتعمل دولة قطر من خلال هذه الجائزة على دعم الجهود الدولية التي تهدف إلى إرساء قيم الشفافية والمساءلة على نطاق عالمي، حيث أصبح الفساد من أكبر القضايا التي تهدد التنمية المستدامة وتعرقل تقدم الدول على مختلف الصعد.
وتندرج هذه الجائزة القيمة في إطار رؤية أكبر شمولا ضمن السياسة الخارجية لدولة قطر، حيث تضع قطر مسألة مكافحة الفساد في مقدمة أولوياتها، ليس فقط على الصعيد المحلي، بل على المستوى الإقليمي والدولي.
بدوره، قال الدكتور أحمد قاسم حسين الباحث والأكاديمي بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومدير تحرير دورية “سياسات عربية”، إن جائزة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد، تعتبر أكثر من مجرد تقدير للجهود الفردية والمؤسساتية، فهي تعبير عن التزام دولة قطر العميق بقيم النزاهة والشفافية كأساس لبناء مجتمعات مستقرة وعادلة.
وأضاف في تصريح لـ/قنا/ أن الجائزة تحمل رسالة جوهرية بأن مكافحة الفساد ليست خيارا، بل مسؤولية أخلاقية وإنسانية تهدف إلى تعزيز الثقة بين الشعوب ومؤسساتها، وتحقيق تنمية مستدامة تضمن العدالة والسلام للأجيال القادمة.
وعبر تكريم الأفراد والمنظمات والإبداعات التي تميزت في محاربة الفساد، توفر الجائزة نماذج حية يحتذى بها، وهي تشجع أيضا على العمل الجاد من أجل مكافحة الفساد، سواء من خلال تقديم ابتكارات في هذا المجال أو من خلال تعزيز دور الرقابة المجتمعية في كافة القطاعات الحيوية التي تؤثر في حياة الناس.
وفي هذا الإطار تعمل الجائزة على تحقيق رؤية ثاقبة تتمثل في أن مكافحة الفساد تتطلب جهودا متكاملة على جميع الصعد، وأن النجاح في هذا المجال لا يأتي إلا من خلال التعاون المستمر وتبني استراتيجيات شاملة وقوية.
وقال الدكتور باسل صلوخ عميد مشارك في كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية وأستاذ برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، إن الفساد يعد واحدا من أكبر العقبات أمام التنمية والحكم الرشيد في الجنوب العالمي، حيث إن الدراسات الكبرى في الاقتصاد السياسي للتنمية قد وثقت كيف يشوه الفساد الخطط التنموية والسياسات العامة، مما يؤدي إلى الإنفاق المفرط وغير المبرر للموارد المالية ولغياب الشفافية في المؤسسات الحكومية.
وأضاف أن الدول في الجنوب العالمي والتي تمكنت من الخروج بنجاح من فخ الفقر إلى رحاب الاقتصادات المنتجة قد فعلت ذلك إلى حد كبير لأنها استطاعت مكافحة الفساد، والانتقال من حالة الفوضى المؤسساتية إلى مؤسسات عامة مهنية وعقلانية.
وأشار إلى أنه من هذا المنطلق تكمن أهمية جائزة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد، فهي تسلط الضوء على هذا التحدي، وتكرم شخصيات نذرت عمرها لمكافحة الفساد.
ولا شك أن الجائزة تؤكد على مدى مساهمة دولة قطر في إحداث تغيير إيجابي على المستوى الدولي في مواجهة الفساد، وتعطي قيمة مضافة إلى تلك الجهود الدولية لمحاربة الفساد، بل وتعزز أكثر الوعي الجماعي والمساعي العالمية لإرساء قيم الشفافية والمساءلة في مختلف القطاعات.