إن الإعلام التقليدي القديم (التلفزيون، الإذاعة، الصحافة، والسينما) كان ذا اتجاه واحد وكان يتم يتحكم فيه عبر ما يسمى بـ “حارس البوابة”، الذي كان ينظم ويختار المحتوى بعناية ويراعي حرية التعبير. واليوم ومع صعود وسائل التواصل الاجتماعي في العصر الرقمي أصبح كل شخص هو “حارس بوابة” لمحتواه. صحيح أن هناك حرية تعبير، لكن غالبا من لديه منصة رقمية ليس لديه دراسة أو إلمام قد لا يعرف المصطلحات الإعلامية لا المتعلقة بحارس البوابة ولا المتعلق بحرية التعبير. لذا تجد نقصا في فهم صناعة وإنتاج المحتوى، وكذلك في حرية التعبير. هذا يدعو اللجان المختصة والجهات الإعلامية الفاعلة إلى ضرورة إنتاج “كود محتوى” يشرح فيه كيف يمكن استخدام المحتوى الإعلامي والنشر، ويوضح حرية التعبير التي ينبغي أن يتوقف عندها صانع المحتوى.
إن حرية التعبير في كل المجتمعات العصرية هي منضبطة وتتوافق مع قيم المجتمع. ولذا نشاهد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب – وهو رئيس دولة يشر دستورها في التعديل إلى الأول إلى “حرية التعبير”- يهاجم المنصات الإعلامية وكل من يخالفه، تحت ذريعة أنه سيجعل من أمريكا عظيمة مرة أخرى، وأن هذه المنصات تحاول عرقلته. أيضا شاهدنا فيما يتعلق بالرياضة، أن هناك منصات إعلامية غربية تهاجم كل من يمتدح الدوري السعودي من اللاعبين الأجانب، تحت دعوى أن الدوري السعودي لا يستحق ذلك. أيضا هناك مشاهير عالميين تمت معاقبتهم على حرية تعبيرهم وخصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. لذا أقول إن حرية التعبير ينبغي أن تتوافق مع الدين، والقيم، والعادات، والتقاليد. ولا ينبغي أن ينسينا المال والبحث عن الشهرة هذه القيم. فثراء المشاهير لا ينبغي أن يكون على حساب أطفالنا ومستقبل تفكيرنا. وعليه، فحرية التعبير غير مقيدة، ولكن ينبغي أن تكون منضبطة من أجل المستقبل.
بقي القول، إن تنظيم المحتوى الإعلامي الذي تزمع جهات مختصة تنفيذه ليس هو ضد حرية التعبير، ولكن لتنظيم ما يراه الناس ويسمعونه. أولا لحماية الذوق العام، وثانيا حماية الأجيال الحالية والمستقبلية. والتأكيد على أن الشهرة لا تقوم على إنتاج محتوى مبتذل وسيئ. بل يمكن أن يصبح الإنسان مشهورا من خلال إبداعه في مهنته وعكس ذلك الإبداع على المنصات الرقمية وهو ما نتطلع إليه بعد تنظيم المحتوى.
ــ
صحفي وأكاديمي