حمّلت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المسؤولية عن توقف المفاوضات حول تنفيذ اتفاقها مع دمشق على الاندماج في الجيش وقوات الأمن، وأكدت أن المسألة الرئيسية بالنسبة لها وللولايات المتحدة هي ضمان ألا تشكل إسرائيل تهديداً لسوريا.
وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن من أسباب توقف المفاوضات حول تنفيذ الاتفاق الموقع في 10 مارس (آذار) الماضي، حول اندماج «قسد» في المؤسسات السورية، في بعض الأوقات، هو انحرافها بين الحين والآخر عن مسارها، وبحثها عن فرصة جديدة من خلال أزمة إقليمية جديدة.
وتوقع أن تتطور المفاوضات بين «قسد» التي تشكل «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تعدها أنقرة تنظيماً إرهابياً، غالبية قوامها، إلى «نقطة معينة».
ولفت فيدان، خلال مقابلة تلفزيونية ليل السبت – الأحد، إلى أن المفاوضات مستمرة في هذا الشأن في أكثر من اتجاه سواء بين دمشق و«قسد» أو مع الولايات المتحدة، كما تجري تركيا اتصالات أيضاً.
مباحثات في واشنطن
وشهدت الأشهر الأخيرة اتصالات مكثفة بين أنقرة ودمشق وواشنطن، التي ترعى المحادثات بين «قسد» والحكومة السورية، من أجل تنفيذ الاتفاق المؤقت بين الرئيس أحمد الشرع، وقائد «قسد» مظلوم عبدي، في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، بشأن اندماجها في الجيش والمؤسسات الأمنية السورية، والذي يُفترض أن ينتهي تنفيذه قبل حلول نهاية العام الحالي.
ولطالما اعتبرت واشنطن «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تقود «قسد»، حليفاً وثيقاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو موقف أثار خلافاً مستمراً مع أنقرة.

وتلقى فيدان دعوة لزيارة أميركا بالتزامن مع زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع، وشارك في جانب من لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وعقد فيدان لقاءات مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والممثل الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب في الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والسفير الأميركي في أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك، والعديد من المسؤولين الآخرين في البيت الأبيض، فضلاً عن لقاء مع الشرع ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ولقاء ثلاثي جمعه بالشيباني وروبيو.
وقال فيدان إنه تم خلال الاجتماعات تبادل وجهات النظر حول كيفية إدارة المناطق الإشكالية في شمال وجنوب سوريا وأماكن أخرى بشكل أفضل، وكيف يمكن تنفيذ العمل على إلغاء «قانون قيصر». وأضاف أن التركيز منصبّ حالياً على ما يمكن فعله لرفع العقوبات في إطار «قانون قيصر» بشكل كامل، لمساعدة الاقتصاد السوري على التعافي.
وأشار إلى أن الشرع التقى أعضاءً في الكونغرس، وشدد على أهمية التصويت على إلغاء «قانون قيصر»، مضيفاً أن الرئيس الأميركي «يتبنى نهجاً إيجابياً تجاه التعامل مع القضايا السورية».
في السياق، كشفت الكاتبة بصحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية، هاندا فرات، الأحد، عن بعض ما دار خلال لقاء ترمب والشرع، الذي شارك فيدان في جانب منه، قائلة: «طلب الشرع خلال اللقاء من فيدان إطلاع ترمب على التطورات المتعلقة بدمج (قسد) في الجيش السوري. وإن الوزير التركي شرح الملف بالتفصيل، وطلب ترمب تكليف القيادة المركزية الأميركية والسفير توم برّاك باتخاذ المبادرات اللازمة لدمج (قسد)… أي الضغط عليها».
وأفادت تقارير، الأحد، بأن وفداً من المخابرات الروسية وآخر من المخابرات التركية يبحثان في دمشق ملفات أمنية، مشيرة إلى أن وفداً من الكونغرس الأميركي أيضاً يبحث في دمشق ملفات أمنية، على رأسها الساحل و«قانون قيصر».
التهديد الإسرائيلي
من ناحية أخرى، قال فيدان إن المسألة الرئيسية بالنسبة لتركيا وللولايات المتحدة هي ضمان ألا تشكل إسرائيل تهديداً لسوريا، وألا تكون سوريا، في الوقت ذاته، مصدر تهديد لأي طرف في المنطقة، وأن يحترم الجميع سلامة أراضي وسيادة بعضهم.
وأضاف: «هناك حالياً أجزاء من سوريا تحت الاحتلال الذي يجب أن ينتهي، ويجب تجنب أي نهج يهدد باقي سوريا، ومن الأهمية بمكان أن تدعم الولايات المتحدة النظام والازدهار والاستقرار في سوريا».
ووفقاً لما كتبت فرات في «حرييت»، فقد «سأل ترمب فيدان مباشرةً: كيف ستحل هذه القضية مع إسرائيل؟ وإن فيدان أكد أهمية وحدة الأراضي السورية، ونقل رسالة مفادها أن سياسات إسرائيل تمنعنا من حل مشاكلكم ومشاكلنا، وأن هذه هي المرة الأولى التي طرح فيها هذا الموقف في واشنطن بوضوح تام».
وخلال المقابلة التلفزيونية، أكد فيدان أن تركيا تولي أهمية بالغة لمصالح سوريا ووحدة أراضيها، عادّاً الجهد الذي تبذله بلاده ومساعيها من أجل تحقيق الاستقرار في سوريا، وعودة اللاجئين، وضمان حصول الحكومة السورية على دعم دولي، من أكثر الجهود ندرة في التاريخ.
وقال إن الدول التي تتابع المنطقة عن كثب رأت بوضوح السياسة الخارجية الأخلاقية والمشرفة التي تنتهجها تركيا في سوريا. واعتبر أنه «لا يوجد شيء أكثر طبيعية من الوجود التركي في سوريا».
وشدد الوزير التركي على ضرورة احترام الجميع لسيادة سوريا وسلامة أراضيها، وإنهاء أي احتلال لأي جزء منها، وتجنب أي نهج يهددها، لافتاً إلى أن سوريا لا تشكل تهديداً لأي طرف في المنطقة.
ووصف فيدان إخراج الرئيس السوري أحمد الشرع، ومسؤولين آخرين، من قائمة الأمم المتحدة للإرهاب، بأنه «خطوة دبلوماسية مهمة للغاية».

