في خطوة جديدة تؤكد ريادة «غوغل» في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته اليومية، أعلنت الشركة عن تحديث ثوري لتطبيق مترجم غوغل (Google Translate) يجعل منه أكثر من مجرد أداة ترجمة فورية، ليتحول إلى جسر تواصل حيّ ومدرّب لغات شخصي في الوقت ذاته. الإعلان الذي جاء عبر مدونة غوغل الرسمية، كشف عن ميزتين رئيسيتين؛ الترجمة الحية للمحادثات، ووضع الممارسة للتعلم اللغوي. وهما ابتكاران سيغيران طريقة تواصل الناس وتعلمهم للغات في مختلف أنحاء العالم.
الترجمة الحية للمحادثات: تواصل سلس بلا حواجز لغوية
الميزة الأولى التي قدّمتها «غوغل» تحت اسم «Live Conversations Translated in Real Time» أو «محادثات حية مُترجمة في الوقت الفعلي»، تُعدّ نقلة نوعية في عالم التواصل بين اللغات. عبر هذه الخاصية أصبح بإمكان شخصين يتحدثان بلغتين مختلفتين إجراء محادثة طبيعية وسلسة دون الحاجة إلى طرف ثالث. كل متحدث يستخدم لغته الأم، بينما يتكفل الذكاء الاصطناعي بترجمة الكلام مباشرة صوتاً ونصاً إلى لغة الطرف الآخر. ما يجعل التقنية فريدة أنها لا تكتفي بالترجمة الآلية الباردة، بل تحاول تقليد إيقاع الحوار الطبيعي من خلال إدراك التوقفات أثناء الكلام، واستيعاب اختلافات النطق واللهجات، حتى عكس النغمة العاطفية في الصوت. بهذه الطريقة يصبح الحوار أكثر قرباً إلى الواقع، بعيداً عن الجمود الذي اعتدنا عليه في تطبيقات الترجمة التقليدية. الميزة باتت متوفرة حالياً في الولايات المتحدة والسعودية، إلى جانب عدد من الدول الأخرى، وتعمل على أنظمة أندرويد وآيفون، مع دعم لأكثر من 70 لغة، تشمل العربية، الفرنسية، الإسبانية، الهندية، الكورية، الإنجليزية.
وضع الممارسة: تعلّم لغة جديدة عبر محاكاة المواقف الحقيقية
أما الميزة الثانية فهي ما يمكن اعتباره ثورة في هوية التطبيق، إذ أضافت «غوغل» وضعاً جديداً باسم «Practice Mode» أو «وضع الممارسة». هذا الوضع يجعل من «Google Translate» أكثر من مجرد أداة ترجمة، ليصبح بمثابة مدرب لغات شخصي. يقوم المستخدم في البداية بتحديد مستواه في اللغة، سواء أكان مبتدئاً أم متقدماً، إلى جانب اختيار أهدافه التعليمية، مثل التحضير للسفر، أو إتقان لغة العمل، أو تحسين المحادثات اليومية. بناءً على هذه الاختيارات، يولّد التطبيق سيناريوهات تفاعلية تحاكي مواقف الحياة الحقيقية. فقد تجد نفسك تتدرب على محادثة لحجز فندق، أو لطلب وجبة في مطعم، بينما يتابع التطبيق طريقة نطقك، ويصحح أخطاءك، ويقدم ملاحظات فورية لتحسين الأداء. إضافة إلى ذلك، يوفر «وضع الممارسة» تدريبات استماع تتطلب من المتعلم تحديد كلمات معينة من الحوار، إلى جانب تدريبات محادثة مبنية على مواقف متنوعة، ليصبح التعلم أكثر حيوية ومتعة، مقارنة بالطرق التقليدية التي تركز على الحفظ والتكرار.
ومن الناحية التقنية، فإن ما يقف خلف هذه القفزة هو دمج «غوغل» لآخر ما وصلت إليه تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في التطبيق. لم يعد الأمر مقتصراً على التعرف إلى الكلام أو ترجمة النصوص بشكل مباشر، بل أصبح التطبيق يفهم السياق الكامل للجملة، ويميّز بين المعاني المختلفة للكلمة الواحدة، ويقدم استجابات مخصصة تناسب مستوى كل مستخدم. ومع مرور الوقت، يتابع التطبيق تقدمك اللغوي، ويقترح تدريبات جديدة تتوافق مع قدراتك الحالية، وهو ما يفتح الباب أمام تجربة تعلم شخصية بالكامل.
هذه التحديثات لا تأتي بمعزل عن المشهد العالمي لتقنيات تعلم اللغات. فمن المعروف أن تطبيقات مثل «Duolingo» كانت تتصدر هذا المجال بفضل الطابع التفاعلي والتمارين القصيرة، لكن «غوغل» اليوم تضيف إلى المنافسة عنصراً جديداً، وهو الجمع بين التعلم والمحادثة الحية في تطبيق واحد يستخدمه أكثر من مليار شخص حول العالم. وهذا يعني أن «مترجم غوغل» (Google Translate) لم يعد مجرد تطبيق مساعد للسفر أو الترجمة اليومية، بل يمكن أن يصبح بالنسبة للبعض بوابتهم الأساسية لتعلم لغة جديدة.
الأهمية بالنسبة للمستخدمين العرب تبدو مضاعفة. فمن جهة، ميزة الترجمة الحية تسهل على المسافرين ورجال الأعمال والطلاب العرب إجراء محادثات طبيعية في الخارج دون خوف من حاجز اللغة. ومن جهة أخرى، فإن وضع الممارسة يشكل فرصة ذهبية للراغبين في تحسين مستواهم في اللغة الإنجليزية مثلاً، حيث يقدم تدريباً عملياً على المحادثات الواقعية مع تغذية راجعة فورية تساعد على التخلص من الأخطاء المتكررة. وبالنظر إلى محدودية توفر هذه الميزة حالياً في عدد من الدول، يتوقع أن تشهد الأسواق العربية إقبالاً كبيراً عند إطلاقها بشكل أوسع.
بهذا الإعلان، تكون «غوغل» قد خطت خطوة جديدة نحو جعل لغات العالم متاحة للجميع دون قيود، وفتحت الباب أمام جيل جديد من أدوات التواصل والتعليم التي لا تكتفي بنقل الكلمات، بل تنقل معها المعنى والإحساس، وتمنح المتعلمين فرصة للارتقاء بمهاراتهم بطريقة طبيعية وذكية في آن واحد.
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}