بشار الأسد وعائلته

الدوحة – موقع الشرق

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تفاصيل جديدة عن أنماط حياة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وكبار مسؤوليه في روسيا وبعض الذين بقوا في سوريا.

وأوضحت الصحيفة في تحقيقين استقصائيين مطولين، بحسب موقع الجزيرة نت، أن كثيرين منهم انتقلوا من مواقع السلطة والقمع إلى منافٍ آمنة، يعيش بعضهم فيها برفاهية لافتة، بينما يختار آخرون التخفي والابتعاد عن الأضواء، في ظل إفلات شبه كامل من المحاسبة.

قيود غير خانقة

وفي تقريرها الأول، كشفت الصحيفة تفاصيل دقيقة عن حياة الرفاه والإفلات من العقاب التي يعيشها بشار الأسد وأفراد عائلته بعد سقوط نظامه، وسط حماية أمنية وامتيازات مالية.

وأوضح التقرير أن الأسد فرّ إلى موسكو عقب هجوم خاطف شنته فصائل معارضة في أواخر عام 2024، ليستقر مع عائلته بدايةً في شقق فاخرة تابعة لفندق فور سيزونز المطل على الكرملين، حيث تصل كلفة الإقامة الأسبوعية إلى نحو 13 ألف دولار.

ووفق مصادر مطلعة، نُقل الأسد لاحقاً إلى منزل من طابقين في برج “فيدرَيشن”، ثم إلى فيلا معزولة في منطقة روبليوفكا الراقية، وهي منطقة معروفة باستضافة النخبة الروسية.

 

وأكدت الصحيفة أن السلطات الروسية فرضت قيوداً صارمة على تحركات الأسد وعائلته، شملت حظر التصريحات العلنية والنشاط على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى حراسة أمنية دائمة.

ومع ذلك، لم تمنع هذه القيود الأسد من تناول العشاء في مطعم فاخر يقع في أحد أعلى أبراج موسكو، وفق مصادر لنيويورك تايمز، وهو مكان يرتاده كبار المسؤولين الروس والمشاهير.

ولفت التحقيق إلى أن شقيقه ماهر الأسد، القائد السابق للفرقة الرابعة في الجيش، يعيش بدوره في موسكو داخل مجمّع سكني فاخر، وظهر في مقطع مصوّر داخل مقهى راقٍ في مركز تجاري ضخم.

بين الحفلات والتسوق

وتطرّق التقرير إلى نمط حياة بنات العائلة، معتبراً أن نشاطهن على وسائل التواصل الاجتماعي قدّم نافذة نادرة على ثروة العائلة في المنفى.

ففي نوفمبر، دعا بشار أصدقاء ومسؤولين روساً إلى فيلا في الضواحي لإقامة حفل فاخر بمناسبة عيد ميلاد ابنته زين الثاني والعشرين، وفقاً لقريب، وضابط سابق في النظام، وصديق للعائلة حضر أبناؤه أو أصدقاؤه المقربون الحفل.

كما احتفلت شام الأسد، ابنة ماهر، بعيد ميلادها الثاني والعشرين بحفل باذخ أُقيم على ليلتين في منتصف سبتمبر، الأولى في مطعم فرنسي، والثانية على متن يخت خاص، حسب التقرير.

وأظهرت إحدى الصور بالونات ذهبية على شكل الرقم 22، محاطة بهدايا من علامات تجارية فاخرة مثل هيرميس وشانيل وديور، وتظهر الصور أيضاً على حساب أحد كُتّاب التقرير كريستيان تريبرت على منصة إكس.

رفاهية وانفتاح

وفي تقرير منفصل، رصدت نيويورك تايمز حالة 55 مسؤولاً سوريا، ووجدت أنه لم يعتقل منهم سوى واحد في فبراير 2025، هو طاهر خليل (70 عاماً)، رئيس مديرية المدفعية والصواريخ السابق والمسؤول عن هجمات السلاح الكيميائي.

وسلّط التقرير الضوء على حياة ضباط الأسد في روسيا، التي تتفاوت في الرفاهية والانفتاح، ابتداء بعلي المملوك (79 عاماً)، المدير السابق لمكتب الأمن القومي، الذي يعيش حياة متحفظة في شقة بموسكو على نفقة الدولة الروسية، ويتجنب استقبال الزوار أو الظهور العلني.

في المقابل، أظهر التحقيق أن شخصيات أخرى اختارت نمط حياة أكثر انفتاحا، فقد ظهر اللواء جمال يونس (63 عاماً)، المتهم بإطلاق النار على متظاهرين، في مقطع مصور وهو يتجول بدراجة كهربائية قرب ملعب لوجنيكي في موسكو.

وشوهد كل من وزير الدفاع السابق، علي عباس (64 عاماً)، ورئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السورية السابق عبد الكريم إبراهيم (62 عاماً) -وكلاهما متهم بالتعذيب والعنف الجنسي خلال الانتفاضة السورية- وهما يتجولان في ‘المركز التجاري الأوروبي المكون من 8 طوابق في موسكو.

وأكد التحقيق أيضاً وجود مدير مكتب الأمن في الفرقة الرابعة، غسان بلال (59 عاماً)، في موسكو، وهو متهم بإدارة شبكات لتجارة مخدر الكبتاغون.

وقالت الصحيفة إن فرنسا أصدرت بحقه مذكرة توقيف، على خلفية إصداره أوامر باستهداف مدنيين خلال حصار مدينة حمص “الوحشي” عام 2012.

تفاوت في الرفاهية

لم يحصل جميع أعوان الأسد على معاملة الفور سيزونز، حسب التقرير، فبعد أن دفع مئات الضباط رشاوي للصعود على متن طائرات شحن متجهة لموسكو، تم الزج بهم في سكن عسكري من الطراز السوفياتي، يضم 3-4 أشخاص في الغرفة الواحدة.

ويتذمر هؤلاء -وفق الصحيفة- من الطعام الروسي والقيود المفروضة عليهم، وفي حادثة شهيرة، قام ضباط ساخطون بضرب والبصق على آصف الدكر (60 عاماً)، قائد الشرطة العسكرية المتهم بالابتزاز والتعذيب، داخل سكنهم في موسكو.

ومن بين هؤلاء الضباط الأقل حظاً جميل حسن (73 عاماً)، المتهم بقيادة حملات تعذيب وإعدام واسعة، والذي وُضع في إقامة متواضعة مقارنة بنفوذ الماضي.

هناك فئة لم تغادر البلاد، ومنهم عصام حلاق، قائد القوات الجوية السابق، الذي حاول مع مجموعة من الضباط المتقاعدين فتح قناة اتصال مع القيادة السورية الجديدة عبر تشكيل لجنة قدامى المحاربين، عارضين خدماتهم الاستشارية في صيانة العتاد العسكري الثقيل.

إلا أن هذا التقارب سرعان ما انهار، بعدما قررت الحكومة الجديدة العمل فقط مع الضباط الذين تقاعدوا قبل بداية الانتفاضة الشعبية في البلاد عام 2011 وصرف رواتب تقاعدية لهم فقط، وفق موقع الجزيرة نت.

وقال ضباط للصحيفة إن حلاق يعيش الآن في حالة فقر مدقع، ويتخفى بعيداً عن الأنظار في شقته بدمشق، خوفاً من احتمال تعرضه للاعتقال، وقد رفض، عبر وسيط، إجراء مقابلة.

المهندس الرئيسي للبرنامج الكيميائي

وتكشف الصحيفة الأمريكية أن عمرو الأرمنازي (81 عاماً)، المدير السابق لمركز البحوث العلمية الذي طور برنامج سوريا الكيميائي، يعيش حياة هادئة في قلب دمشق القديمة، وعندما سألته الصحيفة عن ماضيه، أصر على أن “ضميره مرتاح” حتى أنه انضم لمجلس أمناء جامعة سوريا في يوليو 2025، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن منشور للجامعة العربية الدولية بسوريا، ولا يبدو أنه تعرض لأي مساءلة من قِبل السلطة السورية الجديدة.

وبينما تبرر مصادر حكومية -تحدثت للصحيفة شرط السرية- بأن الأولوية هي لمحاكمة من أعطى الأوامر وليس “العلماء”، يؤكد نضال شيخاني، مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، أن الأرمنازي هو “المخطط الرئيسي” وراء هجمات النظام “الدموية”، حسب تعبير التقرير.

واستقبل الأرمنازي مراسل الصحيفة في شقته الفاخرة المزخرفة بالرخام والسجاد المطرز، مبدياً استعداده لمناقشة أي شيء من قصة حياته إلى تاريخ سوريا، باستثناء عمله الذي دفع 33 دولة لمنعه من دخول أراضيها.

شاركها.
Exit mobile version