تضخم البروستاتا ومعالجته

* لدي تضخم حميد في البروستاتا، وأتناول أدوية يصفها الطبيب لي. ولكن تنتابني أعراض متكررة من كثرة التبول في أحيان، وعسر التبول في أحيان أخرى، وكذلك سلس في البول. ما هو العلاج النهائي الذي يزيل هذه المشكلة؟

خالد الغفيلي- بريد إلكتروني

– هذا ملخص أسئلتك عن التضخم الحميد للبروستاتا، وهي من المشكلات الصحية الشائعة والمزمنة والمزعجة. ويتطلب التعايش معها فهماً متسلسلاً لهذه المشكلة الصحية، وكيفية التعامل الطبي معها.

وبداية، لم يتضح لي من رسالتك مقدار العمر، أو وزن الجسم، أو مدى وجود مشكلات صحية أخرى مزمنة، كارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري، أو أي أمراض سابقة أو حالية في الكلى، أو بقية أجزاء الجهاز البولي غير البروستاتا، وكذلك مدى تناولك لأي أدوية أخرى، كمُدرات البول أو حاصرات بيتا أو غيرها.

ومع ذلك لاحظ معي النقاط العشر المتسلسلة التالية:

1- البروستاتا غدة صغيرة، توجد تحت المثانة مباشرةً على هيئة هرم مقلوب (قاعدته إلى أعلى وقمته للأسفل وله خمسة أسطح)، وتحيط ببداية مجرى قناة الإحليل. وتتصل البروستاتا بعظم العانة الأمامي، عن طريق أربطة عانية، لتثبت في مكانها. والإحليل هو القناة التي يجري من خلالها البول من المثانة إلى خارج الجسم. والبروستاتا بحجم ثمرة من مكسّرات الجوز (عين الجمل)، أي بحجم 30 ملّيلتراً. ويتراوح وزنها ما بين 25 و45 غراماً (حسب حجم جسم الرجل). وتتكون البروستاتا من جزء داخلي، وهو الأنسجة الغدية (70 في المائة). وغلاف خارجي يتكون من نسيج ليفي عضلي (30 في المائة). وتحيط بها شبكة غزيرة من الأوردة، التي تُسهم في تدفق الدم إلى العضو الذكري خلال الانتصاب.

2- مهمة البروستاتا الأساسية هي إفراز سائل يحتوي على دهون فوسفورية، ليمتزج بالسائل المنوي قبل القذف، ويُكسب السائل المنوي لونه الحليبي. وإضافة سائل البروستاتا تشكل نسبة 30 في المائة من حجم السائل المنوي. ويعمل سائل البروستاتا على تخفيف لزوجة السائل المنوي كي تتحرك الحيوانات المنوية بحرية أكبر، ويوفر تغذية للحيوانات المنوية.

3- غالبًا ما يزداد حجم غدة البروستاتا مع التقدّم في السن. ونادراً ما تسبب غدة البروستاتا المتضخمة أعراضاً قبل سن الأربعين. وبعد هذه السن، تبدأ احتمالات الإصابة بتضخم البروستاتا والأعراض المرتبطة به في الارتفاع. وبحلول سن الستين، يعاني 50 في المائة من الرجال من تضخم البروستاتا الحميد. وببلوغ سن 90 عاماً، يرتفع معدل الانتشار إلى 90 في المائة. وعلى هذا النحو، غالباً ما يُنظر إليه على أنه جزء «طبيعي» من الشيخوخة. ويقول أطباء المسالك البولية في «مايو كلينك»: «البروستاتا من الغدد التي تستمر في النمو مدى الحياة في العادة. وغالباً ما يؤدي هذا النمو إلى تضخمها لدرجة التسبب في ظهور أعراض أو إعاقة تدفق البول. ولا يعرف الباحثون بوضوح ما الذي يؤدي إلى تضخُّم البروستاتا. فقد يرجع ذلك إلى التغيرات في توازن الهرمونات الجنسية كلما تقدمت بك السن».

وإضافة إلى زيادة العمر، ثمة عوامل أخرى ترفع من احتمالات حصول تضخم البروستاتا الحميد. ومنها وجود أمراض القلب أو السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو السمنة، أو تناول أحد أنواع أدوية فئة حاصرات بيتا. ويمكن أن تساعد ممارسة التمارين الرياضية على تقليل هذه الاحتمالات.

4- عند تضخم البروستاتا، فإنها تبدأ في إعاقة تدفق البول. وتتضمَّن الأعراض الشائعة لتضخم البروستاتا الحميد: الحاجة المتكررة أو الملحة إلى التبول، والتبول بمعدل أكبر خلال الليل، وصعوبة في البدء بالتبول، وتدفق ضعيف للبول، أو تدفق يتوقف ويبدأ، والتقطير في نهاية التبول، وعدم القدرة على إفراغ المثانة بالكامل. ولكن أيضاً ربما يتسبب تضخم البروستاتا الحميد في التهابات بالمسالك البولية، أو ظهور دم مع البول.

5- هذه الأعراض لتضخم البروستاتا الحميد، غالباً ما تتفاقم ببطء؛ لكن أحياناً تظل كما هي، أو حتى تتحسن مع مرور الوقت. ولكن تجدر ملاحظة أن كبر حجم التضخم في البروستاتا لا يحدد دائماً مدى شدة الأعراض. فقد تظهر لدى بعض الأشخاص المصابين بتضخم بسيط في البروستاتا أعراض شديدة، بينما يواجه أشخاص آخرون مصابون بتضخم شديد في البروستاتا مشكلات بسيطة، كما أن بعض الأشخاص المصابين بتضخم في البروستاتا لا تظهر عليهم أي أعراض على الإطلاق.

6- كما تجدر ملاحظة أن هناك مشكلات صحية أخرى قد تتسبب في أعراض شبيهة بالتي يتسبب فيها تضخم البروستاتا الحميد، مثل الالتهابات الميكروبية في المسالك البولية، أو التهاب البروستاتا، أو ضيق الإحليل (الأنبوب الذي ينقل البول من المثانة إلى خارج الجسم)، أو حصوات المثانة أو الكلى، أو مشكلات في الأعصاب التي تتحكم في المثانة، أو غيرها. وأيضاً قد يُؤدي تناول بعض الأدوية إلى ظهور أعراض مشابهة لتلك الناتجة عن تضخم البروستاتا الحميد. مثل الأدوية القوية المسكنة للألم (العقاقير أفيونية المفعول)، وأدوية الزكام (مضادات الاحتقان)، وأنواع من أدوية الحساسية.

7- لا يُعتقد طبياً أن تضخم البروستاتا الحميد يزيد مستقبلاً من احتمال الإصابة بسرطان البروستاتا. ولكن هذه الحالة وإن كانت حميدة، فإنها تتطلب المعالجة. وذلك أولاً لتخفيف الأعراض المزعجة لدى المُصاب، وأيضاً لمنع حصول المضاعفات. والمضاعفات قد تشمل احتباس البول لدرجة قد تتطلب إدخال أنبوب (يسمى أنبوب القسطرة البولية) إلى المثانة لتسهيل تدفق البول. كما أن عدم القدرة على إفراغ المثانة بالكامل يمكن أن يؤدي إلى زيادة احتمالات الإصابة بعَدوى في الجهاز البولي. وقد يتسبب عدم القدرة على إفراغ المثانة بالكامل في تكوين حصوات المثانة. وأيضاً قد تتمدد المثانة (التي لم تُفرّغ بالكامل) وتضعف جدرانها العضلية. وبمرور الوقت قد تعجز عن الانقباض كما ينبغي لإخراج البول، ويؤدي هذا إلى صعوبة إفراغ المثانة بالكامل. وأيضاً قد يتسبب احتباس البول في ارتداده إلى الكلى، وبالتالي تلف الكلى.

8- الطبيب يُجري الفحص الإكلينيكي، ويُجرى الفحوصات اللازمة التي بمحصلتها يُشخص وجود تضخم البروستاتا الحميد. والمهم أن يتم هذا الأمر -أي التشخيص- بدقة، وبعدها تبدأ المعالجة. أي بناء على تشخيص دقيق.

وثمة عدة طرق لمعالجة تضخم البروستاتا الحميد. تشمل هذه العلاجات الأدوية والجراحة والإجراءات الأخرى (الليزر وغيره). ويعتمد الطبيب في الاختيار بينها على شدة أو استمرار الأعراض التي يُعانيها المُصاب، ومقدار السن، وحجم البروستاتا، والمشكلات الصحية الأخرى التي قد تكون موجودة لدى المُصاب، كمرض السكري وأمراض الكلى وحالة المثانة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب ومقدار الوزن، وغيرها. كما يمكن اختيار تأجيل العلاج إذا لم تكن الأعراض تعوق حياة الشخص، أو لا تتسبب له في أي مضاعفات، ولكن مع المتابعة لدى الطبيب بشكل دوري.

9- العلاج الدوائي هو أكثر طرق العلاج شيوعاً لعلاج الأعراض البسيطة والمتوسطة لتضخم البروستاتا. ومنها أدوية حاصرات مستقبلات ألفا التي تساعد في ارتخاء العضلات الملساء في عنق المثانة والبروستاتا، ما يجعل التبوُّل أسهل. وهناك أيضاً أدوية أخرى تعمل على تقليص حجم البروستاتا، وذلك عن طريق منع التغيرات الهرمونية التي تسبب تضخم البروستاتا. وفي كثير من الأحيان تُوصف هاتان النوعيتان من الأدوية ليعملا معاً. كما قد يُلاحظ بعض المرضى تحسناً عند تناول أنواع من أدوية علاج ضعف الانتصاب، مثل «سيالس».

10- يمكن اللجوء إلى العمليات الجراحية، أو غيرها من الإجراءات الطبية العلاجية الأخرى (الليزر وغيره)، لمعالجة أعراض تضخم البروستاتا الحميد في حالات محددة؛ مثل إذا كانت الأدوية لا تخفف الأعراض بما يكفي لتخفيف معاناة المُصاب من الأعراض المزعجة، وعيشه حياته اليومية براحة. أو إذا كان المُصاب منذ البداية لا يُفضل تجربة واستخدام الأدوية. وكذلك قد ينصح الطبيب بالعملية الجراحية إذا ما كانت ثمة مشاكل في الكلى لا تحتمل تسبب تضخم البروستاتا وأعراضه في مزيد من الضرر على الكلى. أو إذا تكررت الإصابة بحصوات المثانة، أو ظهر دم في البول، أو تكررت حالات التهابات المسالك البولية، أو في حال وجود اضطراب عصبي، مثل مرض باركنسون أو التصلب المتعدد. ولكن بالمقابل، «قد» يسبب أي نوع من إجراءات علاج البروستاتا آثاراً جانبية. وبناءً على الإجراء الطبي الذي تختاره، «قد» يشمل ذلك التدفق العكسي للسائل المنوي إلى المثانة بدلاً من الخروج عبر القضيب خلال القذف، أو تسرب البول دون قصد، أو ضعف الانتصاب.

شاركها.
Exit mobile version