في الوقت الذي أعلن الجيش الإسرائيلي فيه سحب جزء من قواته العاملة داخل قطاع غزة في الأشهر الأخيرة، ما زالت العمليات العسكرية على الأرض مستمرة، وتتواصل معها عمليات النسف الضخمة التي تستهدف مباني وبنية تحتية، إلى جانب استمرار الغارات الجوية والقصف المدفعي.
وسحب الجيش الإسرائيلي الفرقة 98 وعدة ألوية نظامية واحتياطية، في حين تبقّت 8 ألوية تعمل، وهو العدد الأدنى منذ وقف إطلاق النار الأخير، وحتى منذ بدء العمليات البرية بشكل عام منذ بداية الحرب، وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية.
وفعلياً على الأرض، تمكّن غزيُّون من الوصول إلى مناطق في أحياء الشجاعية والزيتون والتفاح شرق مدينة غزة، كما تمكّن البعض من الوصول إلى أجزاء من المناطق الشرقية لخان يونس، جنوب القطاع، وسط صور مروِّعة لحالة الدمار الهائل التي طالت تلك المناطق.
ووفقاً لمصادر ميدانية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن عملية التدمير في تلك المناطق كبيرة جداً، وعندما وصل السكان لتفقُّد ما تبقّى من منازلهم، كان الخطر يحدق بهم، وألقيت تجاههم قنابل مدفعية ودخانية، وأطلقت طائرات مُسيرة «كواد كابتر» النار تجاههم، ما أدى لمقتل 7 فلسطينيين، في حين عُثر على جثث آخرين قُتلوا في أوقات سابقة.
وتحدّث شهود عيان عن اعتقال مسلّحين غير إسرائيليين، يبدو أنهم فلسطينيون متعاونون مع الجيش الإسرائيلي، مجموعةً من الشبان؛ بينهم سيدة، بعد وصولهم لمنطقة سوق الجمعة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
واعترفت إسرائيل مؤخراً بأنها استخدمت عناصر مسلّحة فلسطينية لمحاربة «حماس»، في حين كشفت هيئة البث الإسرائيلية العامة، مساء الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي استخدم هؤلاء في كشف الأنفاق وأماكن وجود عناصر «حماس»، والمنازل المفخَّخة، ما تسبَّب بإصابة بعضهم في حوادث جَرَت في حي الشجاعية ومناطق أخرى من غزة مؤخراً، بفعل انفجار فتحات أنفاق مفخّخة، وكذلك منازل مفخّخة انهارت بهم، الأمر الذي استدعى نقلهم إلى العلاج في إسرائيل.
ولُوحظ استمرار العمليات البرية الإسرائيلية في شمال وجنوب وأجزاء قريبة من مواصي خان يونس جنوب القطاع، وسط عمليات قصف مدفعي وجوي، وتجريف ونسف لمنازل وبنى تحتية بالمنطقة.
وقُتل ما لا يقل عن 30 فلسطينياً في سلسلة غارات إسرائيلية، منذ فجر الجمعة وحتى ساعات الظهيرة، منهم 7؛ بينهم طفلان وسيدة، بعضهم من عائلة واحدة، نتيجة قصف خيام للنازحين في مواصي خان يونس، والتي تُصنفها إسرائيل بأنها منطقة إنسانية، في حين قُتل 4 شبان في قصف بدير البلح وسط القطاع.
كما قُتل 5 فلسطينيين على الأقل، وأُصيب العشرات برصاص القوات الإسرائيلية عند نقاط توزيع المساعدات شمال غربي رفح جنوب قطاع غزة، وذلك بعد وقت قصير من زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لها، برفقة سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، مايك هاكابي.
ولم يجرِ تأكيد مكان نقطة التوزيع التي زارها ويتكوف، من قِبل الجانب الفلسطيني، وسط ترجيحات أن الزيارة جرت لنقطة «العلم» شمال غربي رفح، وهي نقطة أغلقت أبوابها منذ شهر، ولم يُعَد فتحها، في حين يُعتقد أنه جرى ترتيب الأمر بشكل خاص لوصول فلسطينيين إليها بشكل محدود، خصوصاً أن الآلاف بالعادة يتدفقون لتلك النقاط، وهو الأمر الذي لم يظهر في الصور التي نُشرت للزيارة.
في حين عَدّتها حركة «حماس»، في تصريح لعضو المكتب السياسي، عزت الرشق، «استعراضاً دعائياً يهدف إلى تجميل صورة الإدارة الأميركية». وقال الرشق إن «المبعوث لا يرى إلا ما يسمح له الاحتلال برؤيته»، وعَدَّ أن الإقرار الأميركي بالمجاعة دون إدانة المتسبب بها «تبرئة للجاني»، وفق قوله.
وقُتل أيضاً ما لا يقل عن 10 فلسطينيين نتيجة استهداف منتظري شاحنات المساعدات عند محور زيكيم شمال غربي قطاع غزة، ونُقلت جثامينهم، إلى جانب عشرات الإصابات، إلى عيادة مستشفى الشفاء المدمَّر.
ووفق إحصائية لوزارة الصحة بغزة، فإنه وصل إلى مستشفياتها 83 قتيلاً، وأكثر من 554 جريحاً خلال آخِر 24 ساعة، سبقت ما بعد ظهر الجمعة، مشيرةً إلى أن حصيلة الحرب، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بلغت 60332 شهيداً، و147643 إصابة، بينما بلغت الحصيلة، منذ الثامن عشر من مارس (آذار) الماضي، حين استأنفت إسرائيل حربها، 9163 شهيداً، و35602 إصابة.
وأشارت إلى أنه بلغ عدد ما وصل إلى المستشفيات، خلال الـ24 ساعة الماضية، من ضحايا المساعدات 53 قتيلاً، وأكثر من 400 إصابة، ليرتفع إجمالي من وصلوا إلى المستشفيات، منذ نهاية مايو (أيار) الماضي، إلى 1383 شهيداً، وأكثر من 9218 إصابة.
يأتي استمرار قتل الفلسطينيين عند نقاط التوزيع الأميركية وطرق دخول شاحنات المساعدات، في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية بسبب تعرض المساعدات المُلقاة جواً، وكذلك عبر الشاحنات، للنهب من قِبل عصابات مسلّحة، وأخرى من اللصوص وغيرهم، في حين لم يجرِ تأمين أي منها للمخازن التابعة للمؤسسات الدولية لتوزيعها، الأمر الذي يزيد معاناة المواطنين الذين يواجهون ظروفاً صعبة، مع استمرار تدفق تلك البضائع المسروقة في السوق السوداء بمبالغ باهظة الثمن لا يمتلك غالبية السكان المال لشرائها.
ونفّذ عدد من الدول العربية والأوروبية عملية إسقاط جوي للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة، الجمعة، وسقط بعضها في مناطق توجد بها القوات الإسرائيلية، في حين سقط بعضها بمناطق سكنية شمال ووسط وجنوب القطاع، وتسبَّب بعضها بوقوع إصابات نتيجة سقوطها بشكل مباشر على المواطنين.
ولا تلبي هذه المساعدات جواً الاحتياجات الحقيقية لسكان قطاع غزة، خاصةً أن ما ألقي، اليوم، يعادل 3 إلى 5 شاحنات فقط، في حين ألقي، خلال الأسبوع الأخير، نحو 8 شاحنات فقط.
ووفق آخِر إحصائية لحالات الوفاة بفعل المجاعة، صدرت عن وزارة الصحة في غزة، مساء الخميس، فإن عدد الوفيات ارتفع إلى 159، منهم 90 طفلاً، وهي أرقام مرشحة للزيادة.
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}