بعد نحو 3 أعوام على تفجير خط أنابيب «نورد ستريم» الذي كان يوصل الغاز الروسي إلى ألمانيا، مما أخرجه عن الخدمة، اعتُقل أول متهم في العملية التي تقول السلطات الألمانية إن مجموعة من الغواصين الأوكرانيين نفَّذوها بزرع متفجرات في قاع المحيط.

وأعلن الادعاء العام الألماني أن السلطات الإيطالية اعتقلت المواطن الأوكراني «سيرغي.ك»، حسب مذكرة اعتقال أوروبية صادرة عنه، بوصفه أحد منسقي العملية. واعتُقل الرجل في مقاطعة ريميني الإيطالية بالتنسيق مع السلطات الألمانية. وسيتم تسلميه إلى ألمانيا لمحاكمته.

غواصون أوكرانيون

وحسب وسائل إعلان إيطالية، كان الرجل البالغ من العمر 49 عاماً في إجازة مع عائلته في إيطاليا.

ويقول الادعاء الألماني إن مجموعة غواصين، من بينهم سيرغي، استأجروا يختاً من مدينة روستوك الألمانية وأبحروا به بهدف زرع متفجرات في قعر المحيط بالقرب من خطي الأنابيب «نورم ستريم» في مكان قبالة جزيرة بورنهولم الدنماركية. وأحدث التفجير الذي وقع في سبتمبر (أيلول) 2022 أضراراً كبيرة بخطَّي الأنابيب «نورد ستريم» 1 و2 وأخرجهما كلياً عن الخدمة.

وكانت السلطات الألمانية قد عثرت على اليخت الذي تم استئجاره في ألمانيا عبر شركة مسجلة في بولندا، وقالت إنها وجدت فيه آثار «أوكتوجين»، وهو نوع المتفجرات نفسه الذي استُخدم لتفجير الأنابيب على عمق نحو 80 متراً في المحيط.

ووقعت الحادثة بعد 7 أشهر على بدء الحرب في أوكرانيا، مما دفع بألمانيا إلى تجميد افتتاح خط أنابيب «نورد ستريم 2» الذي كان قد انتهى العمل به قبل عام ولكن لم يكن قد جرى افتتاحه بعد. وكانت الدنمارك والسويد قد فتحتا أيضاً تحقيقات في التفجير، ولكنهما أغلقتا الملف العام الماضي من دون نتائج، وبقيت ألمانيا وحدها التي تُجري التحقيقات بتفجير الأنابيب.

دور أوكراني؟

ورغم توصل التحقيقات الألمانية إلى أن فريق كوماندوز أوكراني كان مسؤولاً عن عملية التفجير، فإن الشكوك ما زالت موجودة حول من يقف خلف العملية. وكان رئيس المخابرات الألمانية السابق غيرهارد كونراد، قد قال لصحيفة «دي فيلت» إنه «إذا كانت التحقيقات بسيطة فعلى المرء أن تكون لديه شكوك، وحسب المعلومات المتوفرة سيكون من الخطأ استبعاد مسؤولية السلطات الروسية».

ونقلت الصحيفة عن كونراد قوله إن وجهة نظر جهاز الاستخبارات مختلف عن التحقيقات التي تجريها الشرطة، مضيفاً أن ما يبدو من النظرة الأولى «أنه جريمة تم حلها، يكون مختلفاً تماماً عندما ننطر إليه خارج الصندوق». وتساءل: «مَن لديه مصلحة في لوم أوكرانيا على الاعتداء؟»، ورأى أنه من المستبعد أن تفجّر أوكرانيا الأنابيب لأنها كانت خارج الخدمة وقت وقوع الهجوم. واعتبر في المقابل، أنه سيكون من المناسب بالنسبة إلى موسكو، أن يتم لوم كييف على الهجوم.

صورة أرشيفية تُظهر انفجار غاز قرب جزيرة بورنهولم الدنماركية في سبتمبر 2022 (رويترز)

ونقلت «دي فيلت» أيضاً في تحقيق أجرته عن تفجير الأنابيب الشهر الماضي، عن مصدر مطلع لم تسمه، استبعاده أن تكون أوكرانيا مسؤولة عن الاعتداء. وقال إن كييف التي تعتمد على مساعدات عسكرية من الغرب، خصوصاً ألمانيا، لا يمكن أن تكون قد وافقت على العملية من مستوى قيادة.

واستبعد أيضاً أن يكون التنسيق للعملية حصل على مستوى أدنى في أوكرانيا، مضيفاً أن الحصول على متفجرات بمستوى عسكري ممكن فقط بمساعدة المخابرات العسكرية، مستنتجاً أن هناك أدلة تشير إلى تورط روسيا في العملية.

واستبعد المصدر كذلك، حسب الصحيفة، أن تكون بولندا أو الولايات المتحدة مسؤولة عن التفجير. وأشار إلى أنه لو كانت بولندا متورطة، فإن استئجار قارب من ألمانيا سيكون غير منطقي وأن استئجار المركب كان سيتم في بولندا حيث لا يحق للسلطات الألمانية إجراء تحقيقات. ولا تتهم السلطات الألمانية بولندا بالتورط في التفجير، ولكنها تتهمها بإيواء أحد المتهمين الصادر بحقه مذكرة توقيف أوروبية.

كان «فولوديمير.س» أحد المتهمين، وهو أستاذ غوص، يعيش قرب وارسو وتمكن من الهروب منها إلى أوكرانيا الصيف الماضي من دون أن تعتقله السلطات البولندية. ولا تسلم أوكرانيا مواطنيها المطلوبين بمذكرات توقيف خارجية. وترى ألمانيا أن سماح بولندا لأستاذ الغوص بمغادرة بولندا «عرقلة للعدالة». ولكن وارسو ترفض هذه الاتهامات، وقد نقلت «دي فيلت» عن مسؤول في حرس الحدود البولندي قوله إن وارسو لا تملك لا المعلومات ولا الأسس لاعتقال «فولوديمير.س».

«أداة ابتزاز»

ورغم أن تحقيقات ألمانيا تشير إلى مجموعة أوكرانية مسؤولة عن التفجير، فإن كييف تنفي تورطها من دون أن يتبنى أي طرف العملية. ولكن أوكرانيا لطالما اعتبرت خط الأنابيب الروسي الذي كان يوصل الغاز الروسي مباشرة إلى أوروبا بأسعار رخيصة، أشبه بأداة ابتزاز روسي لأوروبا وحاجزاً منع الدول الأوروبية من التشدد مع روسيا بعد عملية ضم القرم عام 2014.

ولطالما رفضت ألمانيا استخدام الغاز للضغط سياسياً على روسيا، وهي وافقت على مشروع غاز «نورد ستريم 2»، أي خط أنابيب ثانٍ إضافي لإيصال الغاز الروسي، بعد ضم القرم، وهو ما عدته كييف أشبه بسياسة مهادنة اعتمدتها ألمانيا مع روسيا. ولكن برلين قررت وقف العمل بخط الأنابيب بعد أيام قليلة على بدء العملية الروسية، ولكن الأمل بإعادة افتتاحه خلال فترة زمنية قصيرة انتهى بتفجيره وإلحاق أضرار بالغة بالخطين.

“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}

شاركها.
Exit mobile version