سعادة السيد مسعود بن محمد العامري وزير العدل
الدوحة – قنا
انطلقت، اليوم، أعمال الاجتماع الثاني عشر للجان العربية للقانون الدولي الإنساني، بمشاركة الجامعة العربية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ورؤساء اللجان العربية للقانون الدولي الإنساني، وممثلي الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.
وخلال افتتاح أعمال الاجتماع، أكد سعادة السيد مسعود بن محمد العامري وزير العدل، على أن موضوع الاجتماع أحد أهم الموضوعات على الساحة الدولية بسبب الأحداث الأخيرة في المنطقة، مشددا على أن القانون الدولي الإنساني هو الإطار الذي يتم فيه تقديم المساعدات والعلاج للمدنيين والعسكريين والجرحى في أوقات النزاعات.
وأشار سعادته إلى أن دولة قطر انتهجت سياسة واضحة ومعلنة تهدف إلى منع النزاعات المسلحة والحد من آثارها، وذلك من خلال الامتثال لمبادئ القانون الدولي الإنساني، حيث انضمت قطر إلى جميع اتفاقيات جنيف الأربعة، بدءا بالبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 بشأن حماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية، والذي صدر بالموافقة على الانضمام إليه المرسوم رقم (34) لسنة 1988، وما تلاه بعد ذلك من اتفاقيات، لتؤكد إيمانها الراسخ أن هذه الآليات الدولية هي الإطار الأنسب لضبط سلوك أطراف النزاع، وتوفير الحماية للمتضررين.
ونوه سعادة وزير العدل إلى صدور قرار مجلس الوزراء رقم (27) لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، للعمل على التعريف بمبادئ القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه، وتعزيز التعاون الدولي، حيث سعت اللجنة منذ إنشائها إلى نشر تلك المبادئ من خلال التعاون والتنسيق مع كافة الأطراف على مختلف الأصعدة.
وأوضح سعادته، خلال كلمته، أن جهود دولة قطر قد توجت بتوقيع اتفاقية مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي في مارس الماضي، بشأن افتتاح مقر للجنة في الدوحة، إيمانا من اللجنة بالدور الاستراتيجي الذي تلعبه دولة قطر في القانون الدولي الإنساني، والعمل الإنساني بشكل عام حول العالم.
وأشار سعادة وزير العدل إلى أنه بالرغم من الدور الكبير الذي يلعبه القانون الدولي الإنساني، وما تضمنه من مبادئ سطرتها اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها الإضافية للحد من آثار وويلات الحروب، فإن الالتزام الكامل بهذه المبادئ وأحكام هذه الاتفاقيات لا يزال محل نظر، خاصة في ظل زيادة مناطق الصراع، وطول أمد النزاعات، وعدم احترام حقوق الإنسان.
وأكد سعادته أن الأحداث الأخيرة في فلسطين المحتلة أبرز مثال على ذلك، مشيرا إلى أن ما يحدث من قصف للمدنيين واستهداف للبنية التحتية والمنشآت الحيوية كالمستشفيات والمدارس والمؤسسات والهيئات الحكومية، واستهداف للعاملين في القطاع الإنساني، والإغاثي، يمثل مخالفة لكل مبادئ القانون الدولي الإنساني وكافة المواثيق والقرارات والأعراف الدولية.
كما بين سعادته أن الأحداث الجارية تعد اختبارا حقيقيا للمجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية في فرض احترام قواعد القانوني الدولي الإنساني، وتوفير الحماية للشعب للفلسطيني.
وفي ختام كلمته، أعرب سعادة وزير العدل عن أمله بأن يخرج هذا الاجتماع في دورته الحالية في الدوحة، بخطة عمل إقليمية تسهم في تعزيز العمل المشترك وتنسيق الجهود في ترسيخ مبادئ القانون الدولي الإنساني على المستويين الإقليمي والدولي.
من جانبه، أشاد سعادة السفير الدكتور محمد الأمين ولد أكيك، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، رئيس قطاع الشؤون القانونية، بدولة قطر وتميزها وبعد نظرها على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية، والرياضية، والبيئية، والقانونية.
وقال خلال كلمته: “إن هذا الاجتماع يهدف إلى تقييم ما وصلت إليه خطة العمل الإقليمية خلال الفترة الماضية، واعتماد خطة تطبيق القانون الدولي الإنساني على الصعيد العربي لعام 2023 – 2025، فضلا عن استعراض آخر التطورات في مجال القانون الدولي الإنساني وفقا لخطة العمل التي تم تبنيها خلال الاجتماع الحادي عشر للجان الوطنية العربية للقانون الدولي الإنساني، الذي انعقد في القاهرة 2018”.
ونوه بمستوى الشراكة القائم مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والذي تعزز بتشكيل لجنة المتابعة المشكلة من قطاع الشؤون القانونية بجامعة الدول العربية، والمنسق الإقليمي لقسم الخدمات الاستشاري باللجنة الدولية للصليب الأحمر، للسهر على تنفيذ خطة العمل الإقليمية وترجمتها إلى إجراءات عملية، مبينا أن هذه الجهود أسهمت في إنشاء لجان وطنية للقانون الدولي الإنساني في 19 دولة عربية من أصل 22 دولة، ما ساعد في تفعيل الإجراءات والتدابير المرجوة لإنفاذ القانون الدولي الإنساني على الصعيد الوطني لكل دولة، وإدماج اتفاقياته في التشريعات الوطنية.
وأشار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، رئيس قطاع الشؤون القانونية، إلى أن اجتماع الدوحة يستعرض مجموعة من النقاط الجوهرية حول تحديات القانون الدولي الإنساني، التي ستدفع بقوة في الاتجاه الصحيح، بحيث سيكون لاجتماع الدوحة ما بعده.
بدورها، أكدت سعادة السيدة الدكتورة كورديولا دورحي، كبيرة المستشارين القانونيين ورئيسة الشعبة القانونية باللجنة الدولية للصليب الأحمر، أهمية هذا الاجتماع في استعراض العديد من المجالات التي تعزز الجهود الإقليمية والعالمية لنشر الوعي بالقانون الدولي الإنساني، ومناقشة تحديات إنفاذ القانون في النزاعات المسلحة المعاصرة.
إلى ذلك، قال سعادة السيد سلطان بن عبد الله السويدي، وكيل وزارة العدل، رئيس اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني: “إن هذا الاجتماع يعد فرصة متجددة للتباحث وتوحيد الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة لتوطيد روابط التعاون بين الدول العربية، استمرارا للجهود الإقليمية التي تقوم بها لجنة متابعة تطبيق القانون الدولي الإنساني على الصعيد العربي، ونشره وإنفاذه على نحو فعال”.
وأضاف أن دولة قطر تولي اهتماما كبيرا للعمل على احترام القانون الدولي الإنساني على الصعيد الوطني، مشيرا إلى أن إنشاء اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني في عام 2012 يعد انعكاسا لنهج دولة قطر التي شهد لها العالم بالجهد الإنساني المثابر والمسؤول لحل النزاعات الدولية، وتقديم المساعدة لضحاياها ودعم الأمن والسلم، وإزالة ما تخلفه النزاعات المسلحة من دمار، ما يجسد جدية الدولة في مسعاها، وصولا للهدف الأسمى الذي يتمثل بضمان التطبيق الأمثل لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وأشار إلى أنه في ظل التحديات التي تواجه تطبيق القانون الدولي الإنساني، بات من الضروري أن تسعى الدول إلى تحديث الاتفاقيات المتصلة بالقانون الدولي الإنساني بشكل عام، واتفاقيات جنيف الأربع وبرتوكولاتها بشكل خاص، بما يتناسب مع التطور السريع الذي يشهده العالم، وتشهده وسائل القتال من تحديثات وتقنيات لم تكن موجودة بالسابق، ولم تتطرق لها تلك الاتفاقيات وقت إقرارها، إلى جانب زيادة الحماية لبعض الفئات مثل الأشخاص ذوي الإعاقة، وإعادة النظر في التزامات ومسؤوليات أطراف النزاع في النزاعات المسلحة غير الدولية.
جدير بالذكر أن الاجتماع الثاني عشر للجان العربية للقانون الدولي الإنساني، الذي يستمر على مدار يومين، استعرض في الجلسة الأولى تحديات القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة المعاصرة، فيما تناولت الجلسة الثانية حماية الأشخاص المفقودين وعائلاتهم.
كما تتناول الجلسة الثالثة تقريرا حول جهود جامعة الدول العربية في مجال تطبيق القانون الدولي الإنساني، فيما يستعرض الاجتماع في جلستيه الرابعة والخامسة مائدة مستديرة حول التطبيق الوطني للقانون الدولي الإنساني، يشمل عروضا لتجارب الدول العربية، بينما يختتم الاجتماع أعماله بمناقشة واعتماد خطة العمل الإقليمية لتطبيق القانون الدولي الإنساني على الصعيد العربي خلال الفترة 2023 – 2025.