حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى
فيينا – قنا
أكد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وقوف دولة قطر إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله العادل لاستعادة أراضيه ومقدساته وحقوقه الثابتة باعتباره واجبا أخلاقيا وأخويا تحرص عليه الدولة، التزاما بمبادئ العدالة والحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، مشددا على أن القضية الفلسطينية -بثوابتها المعروفة- هي محك رئيسي لقياس عدالة النظام الدولي القائم، ومدى التزامه بالقانون والشرعية.
جاء ذلك في رسالة وجهها سمو الأمير المفدى، بمناسبة الاحتفال السنوي الذي أقامه مكتب الأمم المتحدة في فيينا، بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وألقاها سعادة السيد جاسم يعقوب الحمادي، سفير دولة قطر ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في فيينـا.
وفي هذا السياق، قال سمو الأمير المفدى: “يسرّني أن أوجه هذه الرسالة في الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة في قراراها عام 1977، للتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.. حقوقه الطبيعية في ممارسة تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.. يومٌ نثمن فيه نضال هذا الشعب، ونبعث فيه برسالة لأبنائه بأن العالم لا ينسى قضيتهم العادلة، ومعاناتهم وآلامهم الطويلة.. ونبعث كذلك برسالة إلى المجتمع الدولي وشعوبه الحرة نذكرهم فيها بمسئولياتهم والتزاماتهم بالشرعية الدولية وحماية مبادئ القانون والنظام الدولي”.
وأضاف سموه قائلا: “إن استخدام العنف المفرط ضد الشعب الفلسطيني الأعزل واستمرار ازدواجية المعايير في إنفاذ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بفلسطين، يقوّض الثقة بالمنظومة الدولية ويُشجّع على مزيدٍ من الانتهاكات. ونحن إذ نُحيّي أصوات الضمير الحيّ وقوى السلام في العالم، نؤكد أن قضية فلسطين ليست قضية إرهاب، بل قضيةُ شعبٍ واقعٍ تحت احتلالٍ طال أمده وحان وقتُ إنهائه؛ فالسلام العادل وحده هو ما يضمن الأمن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي”.
وقال سمو الأمير “إن ما شهدناه خلال ما يزيد على عامين من ارتفاع وتيرة العنف والإجراءات القمعية والانتهاكات الإسرائيلية إلى حد غير مسبوق ضد الشعب الفلسطيني الشقيق يرتّب على المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية وقانونية لدعم التوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية ويشكّل حافزا إضافيا لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ومقدساته”.
وتابع سموه “لقد كشفت المآسي الإنسانية غير المسبوقة التي ألمّت بقطاع غزة وامتدت تداعياتها إلى الضفة الغربية، وإلى عموم المنطقة، عن الحاجة الملحّة لإنهاء الظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. وعلى مدى أكثر من عامين سعت دولة قطر بكل عزيمة وإصرار وبذلت كل جهدٍ ممكن عبر الوساطة المسؤولة من أجل تيسير التوصل إلى اتفاق يضع حدّا للحرب الإسرائيلية الغاشمة وما أدت إليه من سفك للدماء ومعاناة إنسانية غير مسبوقة، وعلى نحو يؤسّس لمسارٍ سياسي نحو سلامٍ عادلٍ وشامل”.
كما استعرض سموه الجهود التي بذلتها دولة قطر ودول المنطقة لإنهاء الحرب على غزة، قائلا في هذا الصدد: بعد الإعلان الذي وقعناه مع رؤساء الولايات المتحدة وجمهورية مصر العربية والجمهورية التركية في الثالث عشر من أكتوبر الماضي في مدينة شرم الشيخ، نؤكد على أن نجاح الاتفاق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومبادرة السلام الأمريكية التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي، مسؤولية جماعية تتطلّب ضمان التنفيذ وتحقيق السلام والاستقرار. وفي هذا السياق يتعين على المجتمع الدولي مضاعفة الجهود من أجل تحقيق السلام الدائم والعادل للقضية الفلسطينية بعد أن عرف العالم كله أن الوضع القائم لم يعد قابلاً للاستمرار، وأن الاحتلال لا يُمكن أن يكون سلميا أو حضاريا.. ونؤكد على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية هي الطريق الوحيد للسلام في فلسطين وإسرائيل والمنطقة بأسرها.
وجدد سمو الأمير الترحيب باعتماد “إعلان نيويورك بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين”، كما ثمن سموه موجة الاعتراف المتزايدة بدولة فلسطين من أكثر من 150 دولة، ما يؤكد الإجماع الدولي على دعم إقامة الدولة الفلسطينية وأحقيتها في الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. مؤكدا سموه أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية ومن الدولة الفلسطينية.
وأدان سمو الأمير أيّة خطوات أحادية تقوّض حل الدولتين وتكرّس الضمّ والاستيطان، بما في ذلك أية قوانين إسرائيلية تسعى لفرض “السيادة” على الضفة الغربية، وخطط بناء المستوطنات، كما كرر سموه إدانة دولة قطر الشديدة للاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى المبارك، مؤكدا أن أي محاولات للمساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية المحتلة هي محاولات باطلة بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأكد سمو الأمير أن دولة قطر ملتزمة بتقديم مختلف أشكال المؤازرة السياسية والإنسانية للشعب الفلسطيني الشقيق وتسليط الضوء على قضيته العادلة، مشيرا في هذا الصدد إلى أنها سارعت بعد توقيع اتفاق السلام في شرم الشيخ إلى تقديم العون للأشقاء في قطاع غزة، بما في ذلك دعم بلدية غزة عبر اللجنة القطرية لإعمار غزة لإزالة الركام وفتح الشوارع، وتوفير عشرات الآلاف من خيام الإيواء، وإمدادات غذائية وصحية، كما ستواصل النهوض بواجبها الإنساني والأخوي تجاهه من خلال الدعم الإنساني والإغاثي والتنموي، لا سيما في قطاع غزة، الذي لا يزال يرزح تحت الحصار منذ سبعة عشر عاما تفرض إسرائيل خلالها قيودا مشددة على حركة الأشخاص والبضائع.
وأعرب سموه عن التقدير للأمم المتحدة وأمينها العام على الدور المحوري والجهود التي لا غنى عنها التي تبذلها المنظمة الدولية ووكالاتها وشركاؤها من أجل تقديم الدعم للشعب الفلسطيني الشقيق بمن فيه اللاجئون الفلسطينيون، مثمنا التضحيات الكبيرة التي قدمها موظفو الأمم المتحدة في قطاع غزة، لا سيما وكالة الأونروا، كما نوه سموه إلى أن دولة قطر واصلت مساهماتها المالية لصالح الوكالة لدعم الدور المحوري الذي تنهض به من أجل الاستجابة الدولية لأزمة غزة.
واختتم سمو الأمير الرسالة قائلا “أغتنم هذه المناسبة لأعبّر عن تقديرنا للجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، واللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وشعبة حقوق الفلسطينيين بالأمم المتحدة، على جهودها في تسليط الضوء وحشد الدعم الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني”.
