تعهد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بإجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها نهاية العالم الحالي.
وقال، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة كربلاء، الأربعاء: «نؤكد على عراقية كركوك، ونشدد على إجراء انتخابات حرة وديمقراطية في المدينة»، مؤكداً في الوقت نفسه «عدم وجود أي توترات أمنية في المحافظة».
وفيما يتعلق بقضية تصدير النفط من إقليم كردستان إلى تركيا، قال السوداني إن «هناك تفاهمات وصلت إلى مراحل متقدمة مع الجانب التركي من أجل العودة سريعاً لتصدير النفط عبر ميناء جيهان».
تأتي تصريحات السوداني بعد أيام من أحداث أمنية وسياسية كادت تعصف بما تبقى من هدوء حذر تعيشه محافظة كركوك المتنازع عليها بسبب قرار اتخذه طبقاً لاتفاق سياسي سابق بعودة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني إلى مقره الذي أخرج منه عام 2017 بعد دخول القوات الاتحادية إلى كركوك.
وتعد تصريحات السوداني ضوءاً أخضر لنهاية التوتر الأمني هناك وبدء التفاهمات السياسية بين مختلف أطراف النزاع سواء في مدينة كركوك بين مكوناتها (العرب والتركمان والأكراد) أو بين القوى السياسية في بغداد وفي مقدمها ائتلاف إدارة الدولة الذي يعد الداعم الرئيسي للحكومة.
وبينما لم يعقد ائتلاف إدارة الدولة أي اجتماع له بعد أزمة كركوك مثلما كان متوقعاً، فإن تصريحات رئيس الوزراء بدت مطمئنة لكل الأطراف المتنازعة على كركوك بشأن ما إذا كانت الحكومة قادرة على إجراء الانتخابات المحلية، بما فيها انتخابات مجلس محافظة كركوك نهاية العام الحالي أم لا.
وفي الوقت الذي يرى المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد أن عدم عقد اجتماع لائتلاف إدارة الدولة يعكس عمق الخلافات بين أطرافه، لا سيما بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وبين بعض قوى الإطار التنسيقي الشيعي وغريمه الاتحاد الوطني الكردستاني، فإن تعهد السوداني بإجراء الانتخابات عزز القناعة لدى تلك الأطراف بأن الملف برمته انتقل إلى ملعب الحكومة.
تدويل مع وقف التنفيذ
وفي الوقت الذي تنتظر الأطراف المتنازعة في كركوك قرار المحكمة الاتحادية بشأن المقر المختلف عليه الذي تعود عائديته إلى وزارة المالية وتشغله قيادة العمليات المشتركة ويطالب به حزب بارزاني، فإن الأمر اللافت هو حجم ما بدا من تدخلات دولية في ملف كركوك، الذي يفترض أن يكون شأناً داخلياً عراقياً. ففي الوقت الذي كانت إيران أول المعلقين على أحداث كركوك مبدية استعدادها للتدخل فيما لو طلب منها، فإن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان أكثر وضوحاً حين قال، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إنه يرفض أي تغيير في ديموغرافية كركوك، معلناً دفاعه بشكل صريح عن التركمان في المحافظة.
من جهتها، أدلت الولايات المتحدة الأميركية هي الأخرى بدلوها في تلك الأحداث. وقال نائب المتحدث باسم الخارجية في الولايات المتحدة فيدانت باتيل، في مؤتمر صحافي رداً على سؤال حول أحداث كركوك، بالقول: «نتابع التوترات في كركوك من كثب، ونقدم التعازي والمواساة لأسر القتلى»، داعياً جميع الأطراف إلى «حل خلافاتها عبر الحوار، وتفعيل المادة 140 من الدستور».
وأشار باتيل إلى أنّ «الولايات المتحدة على اتصال دائم مع شركائنا في بغداد وأربيل بشأن آخر المشكلات بين أربيل وبغداد حول الموازنة والرواتب وعدم استئناف تصدير نفط إقليم كردستان»، داعياً «جميع الأطراف إلى ضبط النفس، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتهدئة التوترات».
إلى ذلك، أكدت الجبهة التركمانية استمرار المفاوضات السياسية لنزع فتيل الأزمة في كركوك. وقال القيادي في الجبهة ماردين قويا إن «الجبهة التركمانية دعت جميع القوى والأحزاب السياسية إلى التوقيع على وثيقة تنص على عدم التجاوز على العلم العراقي».
وأضاف أن «على القيادات العراقية الجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد حل للأزمة في كركوك، وأنه يجب تهدئة الوضع في المحافظة من أجل تجاوز خلق أي فتنة».
وأكد قويا أن «هناك تصعيداً من قبل بعض الأطراف السياسية في كركوك، فضلاً عن التصادم مع الأجهزة الأمنية»، مبيناً أن «الاحتكاكات والمظاهرات المدعومة من الأحزاب الكردية هدفها الرئيسي هو الانتخابات».