لماذا لا يجب تناول بذور الشيا جافة أبدا؟

الشّيا هي بذور سوداء صغيرة، يعود تاريخها إلى عام 3500 قبل الميلاد، تُستخرج من نبات ينتمي إلى عائلة النعناع، يُسمى “سالفيا هيسبانيكا”؛ يتم استهلاكها على نطاق واسع، بسبب محتواها من مضادات الأكسدة، والمساهمة التي يُعتقد أنها تقدمها في إنقاص الوزن.

يضاف إلى ذلك دورها في تحسين المردود الغذائي لمختلف الأطعمة عند مزجها بالعصائر أو الزبادي أو رشها على الأطعمة والمخبوزات والحلويات، بشرط تناولها بشكل صحيح وباعتدال.

وتحتوي هذه البذور على مستويات عالية من البروتين والكربوهيدرات والألياف الغذائية المُنظِمة لصحة الأمعاء، والأحماض الدهنية المتعددة غير المُشبعة، المفيدة في الحد من أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل أوميغا 3 وأوميغا 6، وفق دراسة نُشرت عام 2017.

بالإضافة إلى العناصر المُفيدة للعظام مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والفوسفور والزنك، وكذلك المساعدة في التقليل من ضغط الدم، وخفض مستويات السكر في الدم؛ استنادا إلى مراجعة علمية أجريت عام 2021.

لكن إذا كنت من عشاق بذور الشيا، فلا بد من التأكد أنك تشرب كثيرا من الماء؛ للحصول على فوائدها الصحية، ولتفادي مضاعفات قد تكون خطيرة؛ وفقا لما ذكرته اختصاصية أمراض الجهاز الهضمي، الحاصلة على دكتوراه في الطب، في مقطع فيديو على موقع “تيك توك” تضمن صورة مفزعة لكتلة متحجرة من بذور الشيا في معدة أحدهم؛ أوضحت فيه أن “بذور الشيا يمكن أن تمتص ما يصل إلى 27 ضعف وزنها ماء؛ مما يجعلها تتحول إلى كتلة تشبه الخرسانة عالقة في الجهاز الهضمي”.

مخاطر الإكثار من تناول بذور الشيا

ما أثاره مقطع الفيديو ليس جديدا، لكنه شكل فرصة للتذكير بالآثار الجانبية الناتجة عن الإفراط في تناول بذور الشيا. ففي حين أن معظم الناس لن يواجهوا أي مشاكل في تناول هذه البذور الفائقة بكميات منتظمة، لكن لا يمكن للجميع القيام بذلك بأمان.

لذا، ينصح المتخصصون الأشخاص الذين يعانون من حالات طبية معينة، وخاصة أولئك الذين أصيبوا بسكتة دماغية، أو يعانون من اضطرابات في الجهاز الهضمي؛ أن يكونوا على دراية بالمخاطر، التي تتضمن:

• مشاكل الجهاز الهضمي، يُحذر دكتور جيمي لوي تشون يو -أستاذ مساعد العلوم البيولوجية بجامعة هونغ كونغ- الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الجهاز الهضمي، من تناول كثير من بذور الشيا بشكل يومي؛ إذ قد يؤدي محتوى الألياف غير القابلة للهضم إلى مشاكل في الجهاز الهضمي مثل انتفاخ المعدة والإمساك والإسهال والانتفاخ. فالإفراط في استهلاك بذور الشيا يمكن أن يؤثر في الهضم، نظرا لأنها غنية بالألياف، وعندما يتم تناولها بكميات كبيرة قد يجد الجسم صعوبة في هضمها بشكل صحيح، مما يسبب الإسهال والانتفاخ وتشنجات المعدة. ورغم العناصر الغذائية التي توفرها بذور الشيا، فإن مظهرها الخارجي القاسي قد يجعل من الصعب على الجسم تفكيكها وهضمها؛ وفق ما أظهرته دراسة أجريت عام 2020.

لذا، قد يحتاج أولئك الذين يعانون من أمراض الأمعاء الالتهابية إلى مراقبة تناولهم للألياف والحد من بذور الشيا أثناء النوبات؛ وشرب كثير من الماء لمساعدتها على المرور عبر الجسم.

• الحساسية، فرغم أن هناك عددا قليلا جدا من حالات الحساسية بسبب بذور الشيا، فقد تم رصد أول حالة منها في دراسة أجريت عام 2019، إذ لوحظ أن الشخص المُصاب كان لديه تاريخ طبي من الحساسية تجاه حبوب اللقاح. لكن الباحثين أشاروا إلى أن أولئك الذين لديهم حساسية للسمسم، قد يعانون من رد فعل تحسسي بعد تناول بذور الشيا.

كما أوضح دكتور لوي أن بذور الشيا قد تسبب ردود فعل تحسسية، خاصة لدى الأشخاص الذين لديهم حساسية من بذور السمسم أو النعناع أو الخردل؛ وأضاف أنه في مثل هذه الحالات، فإن مجرد ملامسة البذور يمكن أن يؤدي إلى ردود فعل تحسسية.

• خطر الاختناق، إذ يمكن لبذور الشيا أن تلتصق في الحلق وتستقر وتنتفخ، بفعل امتصاصها للسوائل؛ مما يهدد بخطر الاختناق، خاصة لمن يواجهون صعوبة في البلع، وذلك وفق ما ذكره موقع “هيلث لاين”، الذي استدل برصد إحدى الدراسات لحالة رجل يبلغ من العمر 39 عاما، تعرض لحادث خطير مع بذور الشيا عندما تناول ملعقة كبيرة من البذور الجافة، ثم شرب كوبا من الماء؛ مما جعل البذور تتمدد في مريئه، وتتسبب في انسداده.
• التأثير في مستوى السكر في الدم، فقد تخفض بذور الشيا مستويات السكر في الدم؛ لأنها تحتوي على مستويات عالية من الألياف التي تعمل على إبطاء امتصاص السكر في الأمعاء، مما يساعد على منع الزيادات السريعة والكبيرة في مستويات السكر في الدم.

لكنها تبقى ميزة ذات حدين، فقد تمثل ضررا بالنسبة لشخص مصاب بمرض السكري، يستهلك بذور الشيا بانتظام، مما يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم بدرجة تجعله يحتاج إلى تعديل جرعة الإنسولين.

• التأثير في ضغط الدم، إذ يُنبه دكتور لوي الأشخاص الذين عانوا من السكتة الدماغية، أن يكونوا حذرين بشأن تناول بذور الشيا؛ لأن التركيز العالي لأحماض أوميغا 3 قد يُميع الدم.

كما يوصي من يتناولون عوامل تسييل الدم بالحد من تناول بذور الشيا؛ لأنها قد تمنع قدرة دمهم على التجلط، وقد تؤثر في الدورة الدموية لديهم، ويُضيف أنه لهذا السبب لا يُنصح باستخدام بذور الشيا للأشخاص الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم أيضا.

كمية بذور الشيا التي يجب تناولها يوميا

وفق التقارير الصحية، فإن “1 إلى 1.5 ملعقة كبيرة من بذور الشيا يوميا كافية للجسم للحصول على العناصر الغذائية التي تحملها هذه البذور الصغيرة. وتفاديا لمشاكل الهضم، ينصح الخبراء بنقع بذور الشيا في الماء قبل تناولها، أو شرب الماء أثناء تناولها للمساعدة على الهضم، أو تناول بذور الشيا المطحونة، ليكون الجسم قادرا على امتصاص فوائدها الكاملة بشكل أفضل، وفق باحثين أستراليين.

كما يمكن أيضا “تناول بذور الشيا المُنبتة، إذ يؤدي السماح لبذور الشيا بالإنبات إلى تحسين توفر البروتينات وزيادة محتواها من الكالسيوم”؛ وفق ما ذكره موقع “ميديكال نيوز توداي”.