جدل واسع شهدته الساحة الثقافية في مصر عقب إعلان أحد الفائزين في تحدي القراءة لتطبيق “أبجد” الإلكتروني -وتدعى أمل حسام- أنها قرأت 1498 كتابا بمتوسط 40 كتابا في اليوم، وهو ما رآه البعض مستحيلا، في حين عدّه آخرون مبالغة.
وظهرت الشابة (20 عاما) -التي تدرس بكلية التربية، قسم اللغة الفرنسية- في حوار أجرته مع موقع مصري، ولكنها اختفت لاحقا ولم ترد على الهجوم الذي استهدفها والانتقادات التي وُجهت لها، تاركة الكثير من التساؤلات حول الطريقة التي يمكن أن ينهي بها المرء قراءة 40 كتابا في اليوم.
ما القصة؟
بدأت الأزمة حين أطلق القائمون على تطبيق “أبجد” المخصص لقراءة الكتب إلكترونيا، خلال مايو/أيار الماضي، مسابقة بعنوان “تحدي أبجد للقراءة”، بهدف “استعادة شغف القراءة، والمشاركة في تحد يشجع على جعل القراءة عادة يومية”.
وشهدت المسابقة فوز 848 شخصا بجوائز شملت اشتراكات في التطبيق لفترات بين شهر و3 أشهر، وعاد المركز الأول لكل من أمل حسام، الشهيرة بـ”روكسي”، وتلتها مونيكا عبد الملاك الشهيرة “بفريدة”، في حين ذهب المركز الثالث إلى فداء الرسول، وحصل الثلاثة على أجهزة قراءة إلكترونية مكافأة لهم على عدد الكتب الكبير التي قاموا بقراءتها.
غضب شديد
كثير من المنشورات الغاضبة، والاتهامات للفائزين بعدم التعمق الكافي، وللمسابقة ككل بأنها حادت عن مسارها في التأسيس لعادة القراءة، وأنها تحولت إلى عمل مضاد لفعل القراءة من أساسه، لأن الكتب لم تُقرأ على نحو صحيح.
وكانت الكاتبة والمترجمة المصرية أريج جمال من بين المنتقدين، وقالت للجزيرة نت “راودني شعور متطرف بشأن حالة ابتذال القراءة، ماذا نعلم الناس؟ أن يقرؤوا أو يستهلكوا كتبا؟ أن يقرؤوا من دون استفادة؟ أتفهم دوافعهم التسويقية، وهم كرماء جدا، ويمنحون هدايا في صورة شهور إضافية للقراءة، ولكن أعتقد أن القائمين على التطبيق بحاجة لمراجعة موقفهم، ورغم تأييد البعض فكرة المسابقة، فإنني لا أؤيدها، فقد نفرتني من التطبيق طوال مدة المسابقة، وإن كنت سأحتفظ بالتطبيق لأهميته، ولأنه موفر ماديا”.
100 كتاب في يوم واحد
“السر في كتب الشعر وقصص الأطفال”، هذا ما قالته الفائزة بالمركز الثاني مونيكا عبد الملاك في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت، وأشارت إلى أنها قرأت خلال فترة المسابقة 1300 كتاب، وأنهت في أحد أيام المسابقة 100 كتاب بالفعل، وكانت كتب أطفال، في حين بلغ إجمالي القراءات في أيام لاحقة 27 كتابا في اليوم الواحد تنوعت بين كتب الشعر، وبعض الكتب الصغيرة مثل “حلم رجل مضحك” لديستوفسكي، وأخرى عن تاريخ الطباعة والورق مثلا.
مونيكا -التي تعمل بإحدى المكتبات- عاشقة للقراءة، ولكنها لم تتخيل لحظة أنها قد تفوز في المسابقة التي كانت بحاجة للفوز بها فعلا، وقالت “كنت بحاجة لتحد في حياتي، وكنت أرغب في الحصول على هذا الجهاز لأنه غير متوفر في مصر، لكنني لم أتوقع أن أفوز، خاصة حين بدأت المسابقة، وقتها بدأت أقرأ بطريقة طبيعية، لكنني فوجئت أن البعض قد أنهى 3 كتب في الدقائق العشر الأولى، صدمني هذا وأحبطني، لكنه دفعني إلى الاستعانة بإستراتيجية بديلة، وهي الاعتماد على الكتب القصيرة، وإن كانت في موضوعات خارج اهتمامي”.
لا تنكر مونيكا أنه رغم سرعة القراءة فإن الأمر لم يخل من الاستمتاع والاستكشاف، وتضيف “لم أكن أحب الشعر، لكنني قرأته واستمتعت بكتب محمود درويش تحديدا، كما أنني كنت أتعمد قراءة الأعمال الكبيرة الطويلة قبل التحدي، لكن بعد التجربة فوجئت بأن بعض الأعمال القصيرة ممتعة حقا، وتستحق القراءة”.
لم تسلم مونيكا من الهجوم كبقية الفائزين، لكنها لم تخرج فائزة بجهاز ومركز ثان وحسب، بل أيضا بقراءات جديدة، وشغف بفن لم تكن قد قرأته من قبل وهو الشعر.
السر في الدقائق الأولى
يعزي فداء الرسول خضر، الفائز بالمركز الثالث في المسابقة، العدد الضخم للكتب التي تمت قراءتها إلى المتسابقين الذين تصدروا المسابقة في بدايتها، وقال الشاب (29 عاما) “أنا في المعتاد أكمل قراءة كتاب متوسط صفحاته بين 200 و250 صفحة كل يوم أو يومين، الناس لم تستوعب عدد الكتب، لأن البعض لم يفكر أننا قرأنا كتبا عدد صفحات بعضها 9 أو 15 صفحة، كي نجمع نقاطا أكثر، وبالتالي كان من الطبيعي أن نجد -في نهاية كل يوم- عدد الكتب التي انتهينا من قراءتها كبيرا”.
يؤكد الشاب الذي فاز بفارق نقاط ضئيل عن منافستيه روكسي وفريدة أن القراءة بالفعل ليست بالكم، ولا بالسرعة التي لا تحقق الاستفادة والمتعة للقارئ، ولكن الجميع اضطروا للركض كظرف خاصة بالتحدي، “ولهذا أرى أن الهجوم كان ظلما لإدارة التطبيق”.
لم يقض التحدي على شغف المشاركين في القراءة، ومن بينهم فداء الرسول الذي عاود القراءة بالمعدل القديم، وقال “القراءة بالنسبة لي متعة وشغف، وتحصيل معرفة، وهذه أمور من الصعب تحقيقها بالمعدلات العادية، لذا عاودت القراءة ولكن على طريقتي القديمة”.