قد لا يخلو الأمر من لحظة تهفو فيها النفس إلى طبق كبير من الآيس كريم بالشوكولاتة بعد يوم طويل ومرهق، أو بِضع شرائح بيتزا مع علبة كولا في نهاية الأسبوع، أو حتى الاستمتاع بشطيرة برغر مع البطاطس المقلية صحبة الأصدقاء؛ فمعظم الناس يفعلون هذا انطلاقا من النصيحة القائلة “تناول كل شيء باعتدال”.
تلك المقولة التي تكاد تُصبح “نمط حياة” بالنسبة للكثيرين، رغم أن بحثا نشر في عام 2015، أشار إلى أن هذه التوصية الغذائية “قد تكون لها آثار سلبية على صحتنا، وخصوصا فيما يتعلق بمخاطر السمنة ومرض السكري”؛ بالإضافة إلى تأكيد خبير التغذية بجامعة هارفارد الدكتور ديفيد لودفيغ، لموقع “بيزنس إنسايدر” (Business Insider)، أنها “نصيحة عديمة الفائدة، ولا تتفق مع علم التغذية”؛ مستندا في ذلك إلى العديد من الأبحاث العلمية التي “دحضت فكرة الاعتدال”.
فمع أن الأطباء وخبراء التغذية يُقرون بأن الحرمان التام من الأطعمة التي نحبها، قد يؤدي إلى نتائج عكسية، ويجعلنا نأكل منها أكثر مما ينبغي، فإن ذلك لا ينفي أن “هناك بعض الأطعمة التي يُفضل تجنبها تماما”، وحتى أطباء الجهاز الهضمي، المتخصصين في الحفاظ على صحة الأمعاء، يتجنبونها دائما.
نعم، هناك أطعمة لن تُقصر أعمارنا إذا أكلناها من آن لآخر، لكن أطعمةً أخرى ثبت أن الإفراط في تناولها يسبب مخاطر على الجهاز الهضمي، بل قد يتسبب بعضها في سرطان القولون؛ وهي:
-
ألواح البروتين
منذ منتصف التسعينيات، ذاع صيت ألواح البروتين، كأطعمة خفيفة توفر الطاقة؛ وأصبح من المتوقع أن يصل حجم صناعتها في السوق العالمي “لأكثر من ملياري دولار، بحلول نهاية عام 2026″، وفقا لصحيفة “ذا نيويورك تايمز” (The New York Times).
لكن خبراء التغذية يرون أن ألواح البروتين ليست صحية تماما، “فمعظمها مليء بالسكريات المضافة”، بحسب د. إريك ريم، أستاذ التغذية بجامعة هارفارد. كما “تتم معالجتها بشكل كبير، وتحتوي على نسبة عالية من السكر والملح”، كما تقول الدكتورة هانا كاتينغ جونز، مؤرخة الطعام بجامعة أوريغون.
أما الدكتورة هارموني أليسون، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي، فتقول “أنا لا آكل ألواح البروتين أبدا”، معللة ذلك بأنها “قد تؤدي إلى الانتفاخ والغازات، لاحتوائها على الكثير من الإضافات عديمة الفائدة”. لذا، تُفضل أليسون الحصول على البروتين “بشرب كوب من الحليب، أو حصة من زبدة الفول السوداني أو المكسرات”.
كما يوصي اختصاصي التغذية، الدكتور أنتوني ديمارينو، “بالحصول على البروتين الطبيعي من التونة أو البيض المسلوق”.
-
السمك أو الدجاج المقلي
كثير من الناس يحبون الأطعمة المقلية، رغم أنها “يمكن أن تكون غنية بالسعرات الحرارية والدهون المتحولة، التي قد يتسبب تناول الكثير منها، في ترك آثار سلبية على الصحة”.
وهو ما يجعلنا نتوقف أمام رأي الدكتور محمود غنوم، الباحث في ميكروبيوم الأمعاء، القائل إن الأطعمة المقلية من خلال غمرها بزيت يغلي، كالسمك الفيليه المقرمش، أو قطع الدجاج؛ “لا تقدم أي فائدة لصحة أمعائنا”.
فقد أظهرت الدراسات “أن زيت القلي يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على ميكروبيوم الأمعاء، مما يؤدي إلى تفاقم تصلب الشرايين، جراء تراكم الدهون على جدارها”؛ بل قد يؤدي تراكم للدهون على المدى الطويل، إلى عواقب “مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية”.
-
النقانق واللحوم المصنعة
قليلون هم من لديهم القدرة على مقاومة سحر أصابع النقانق اللامعة الشهية على المشواة، لكن الدكتورة ربيعة دي لاتور، الأستاذة المساعدة في كلية الطب بجامعة نيويورك، تبتعد عن تناول النقانق وسائر اللحوم المصنعة أيضا؛ “باعتبارها مثل اللحوم الحمراء، تجعلنا أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم”.
واستندت في موقفها إلى أبحاث “ربطت بين تناول اللحوم الحمراء والمعالجة 4 مرات أو أكثر في الأسبوع، وبين زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 20%”.
-
المشروبات الغازية
لقد حان الوقت للتخلي عن عادة الاستهلاك الروتيني للصودا، أو أي نوع آخر من المشروبات الغازية الغارقة في السكر؛ حيث يحذر الدكتور سيمون سي ماثيوز، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي بجامعة جونز هوبكنز؛ من أن هذه المشروبات، رغم أنها سهلة التناول ومتاحة في أي وقت وأي مكان، حتى على الطريق؛ “لكنها مرتبطة بأمراض مزمنة، كالسكري وأمراض القلب”.
بالإضافة إلى أنها ترتبط غالبا بإثارة أعراض الجهاز الهضمي، كالانتفاخ والتجشؤ والارتجاع، “خصوصا عند دمجها بالكافيين”.
فقد ذكر موقع “ميديكال نيوز توداي” (Medical News Today)، أن “الدقيق والإضافات المعالجة للغاية، الموجودة في الخبز الأبيض؛ يمكن أن تجعله غير صحي، وقد يسهم استهلاك الكثير منه في الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والسكري”.
كما تُخبرنا الدكتورة شيلبا جروفر، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي، أن “الحبوب المُكرّرة ليست مفيدة لأمعائنا”، وذلك بناء على دراسات أظهرت بوضوح أن “تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء والمُصنّعة والحبوب المكررة، يرتبط بزيادة خطر التهاب الجيوب المنتفخة في بطانة الجهاز الهضمي، المُسمى بـ(التهاب الرتج)”.