إعادة كتابة قصة روزاليند فرانكلين على نحو صحيح أمر مهم؛ لأنها أصبحت نموذجا يحتذى به للنساء في مجال العلوم، إذ واجهت التمييز وكان تألقها جديرا بالتكريم والاحتفاء.
29/4/2023–|آخر تحديث: 29/4/202311:43 AM (مكة المكرمة)
في مثل هذا الأسبوع منذ 70 عاما، انتشرت أنباء عن اكتشاف العلماء بنية الحمض النووي الديوكسي ريبوزي، المعروف اختصارا بـ”دي إن إيه”، ووصفت في 3 بحوث متتالية نُشرت في دورية “نيتشر” العلمية الشهيرة في 25 أبريل/نيسان 1953.
وفي ظل الاحتفال بالذكرى 70 للاكتشاف المبهر الذي غيّر العالم، أظهرت وثائق جديدة -للمرة الأولى- أن روزاليند فرانكلين لعبت دورا أساسيا في اكتشاف بنية الحمض النووي، وأن جيمس واتسون وفرانسيس كريك اعتمدا على صورها وقياساتها غير المنشورة لفهم كيفية تجميع بنية الحمض النووي.
إعادة كتابة القصة
وكشف عالمان عن مزيد من التفاصيل حول إسهام فرانكلين في الكشف عن الحلزون المزدوج للحمض النووي. ووفقا لمقال لهما نُشر في دورية “نيتشر” في 25 أبريل/نيسان الجاري، كانت روزاليند فرانكلين -عالمة الكيمياء الفيزيائية التي تعمل في كينجز كوليدج لندن- لاعبة أساسية في اكتشاف الحمض النووي، ولكن فريقها في كينجز كوليدج لندن خذلها.
وكتب عالم الحيوان ماثيو كوب والمؤرخ الطبي ناثانيال كومفورت أن “هذه الوثائق تشير إلى رواية مختلفة لاكتشاف الحلزون المزدوج”، وأضافا أن “فرانكلين لم تفشل في فهم بنية الحمض النووي؛ لقد كانت مساهمة أيضا في حل بنيته”.
ويستشهد المقال بوثائق تم التغاضي عنها سابقا، بما في ذلك مسودة مقالة إخبارية من عام 1953 مكتوبة بالتشاور مع فرانكلين، ورسالة من أحد زملائها إلى كريك، والتي تشير إلى أنها أدركت على نحو مستقل كيف يمكن لبنية الحمض النووي تصنيع البروتينات.
وأكد العالمان أن فرانكلين أجرت العديد من القياسات الدقيقة لصور حيود الأشعة السينية، وسجلت بياناتها في تقرير غير رسمي. وكشفت عن أن المادة الجينية التي تشفر كل أشكال الحياة تأخذ شكل خيطين ملتويين متماسكين معا بواسطة خيوط كيميائية، وظهر أن دورها كان أكثر عمقا مما كنا نعتقد.
سر الصورة (51)
الصورة (51) هو اسم مُنِح لصورة حيود الأشعة السينية للحمض النووي المبلور، والتقطت بواسطة ريموند غوسلين في مايو/أيار 1952 حين كان طالب دكتوراه تحت إشراف فرانكلين في كينجز كوليدج لندن، وكانت دليلا حاسما في تحديد بنية الحمض النووي.
وقام موريس ويلكنز (وكان زميلا لفرانكلين) بإطلاع جيمس واتسون على الصورة من دون موافقة أو علم منها، وقام كريك وواتسون باستخدام خصائص وميزات الصورة (51) لتطوير نموذج كيميائي لجزيء “دي إن إيه”.
وقدمت الصورة معلومة مفتاحية كانت أساسية لتطوير النموذج، حيث حدد نمط الحيود في الصورة الطبيعة اللولبية لسلسلتي اللولب المزدوج (التوازي المتضاد). ومنحت حسابات واتسون وكريك من الصورة (51) بيانات جوهرية وقياسات أساسية لحجم وبنية نموذجهما اللولبي، وتم استخدام الملاحظات للتحقق من صحة نموذجهم النظري للحمض النووي.
بطلة مظلومة
ماتت فرانكلين بعد الاكتشاف بفترة وجيزة بسبب سرطان المبيض، وفي عام 1962 تم منح جائزة نوبل في الطب لواتسون وكريك وويلكنز، ولم تمنح لفرانكلين لأن قوانين جائزة نوبل تنص على أنها يجب أن تمنح للأحياء فقط، وبالتالي تم تجاهل دورها في الاكتشاف.
ويقدم هذا الطرح الجديد لأصل القصة حالة مقنعة مفادها أن روزاليند فرانكلين تستحق الاعتراف والمكانة المناسبة بوصفها مكتشفة لبنية الحلزون المزدوج للحمض النووي استنادا إلى رؤاها المحورية وبياناتها.
لكن الفشل في تقدير إسهاماتها والاعتراف بها، وسياساتها المؤسسية، وانعدام النزاهة، والأحكام المسبقة؛ أدت إلى تهميشها وتحويلها إلى “بطلة مظلومة”.
ويجادل الباحثان بأن إعادة كتابة قصة فرانكلين على نحو صحيح أمر مهم؛ لأنها أصبحت نموذجا يحتذى به للنساء في مجال العلوم، حيث واجهت التمييز، وكان تألقها جديرا بالتكريم والاحتفاء، وليس تصويرها على أنها ضحية، وينبغي الاعتراف بإسهاماتها في اكتشاف الحلزون المزدوج والاحتفاء بها.