أشارت دراسة جديدة أجريت على 9 أنواع من الطيور إلى أن الإيمو والنعام والرية (والثلاثة تنتمي إلى فصيلة النعاميات) قد تكون قادرة على حل الألغاز، وهي قدرة كانت تنسب سابقا إلى الطيور ذات الأدمغة الأكبر مثل الغربان والببغاوات.
وتلفت النتائج التي نشرت يوم 20 فبراير/شباط في مجلة “ساينتيفيك ريبورتس” إلى أن الأنواع الثلاثة أظهرت طرقا متعددة لحل المشكلات في لغز الإدراك من خلال التعلم الفردي بالتجربة والخطأ، مما يظهر قدرة على الابتكار لم تكن مرتبطة سابقا بطيور الفك القديمة (وهي فرع تطوري من الطيور) ويتحدى الاعتقاد السائد بأنها من أقل الطيور ذكاء.
لعبة الطعام المخبأ
تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة “فاي كلارك” المحاضرة في كلية العلوم النفسية جامعة بريستول البريطانية إن التحقق من هذه النتيجة يتطلب تجربة لاختبار قدرات 3 طيور إيمو، وطائرين من الرية، و4 من النعام في حديقة حيوان محلية. ووضعت أمام الطيور لعبة تتطلب محاذاة فتحات في عجلة دوارة للوصول إلى طعام مخبأ بداخلها.
“نجحت طيور الإيمو الثلاثة في حل اللغز من المحاولة الأولى، حيث تعلمت تحريك العجلة للوصول إلى الطعام. أما أحد طيور الرية، فقد لجأ في البداية إلى تفكيك العجلة عبر فك البرغي للحصول على الطعام، لكنه لاحقا استخدم الطريقة الصحيحة. وفي المقابل، لم تتمكن النعامات من حل اللغز” كما أضافت الباحثة في تصريحات للجزيرة نت.
وتشير هذه النتائج إلى أن طيور الإيمو والرية والنعام قادرة على التفكير الابتكاري، مما يناقض الاعتقاد السائد بأنها طيور غير ذكية، وفقا لكلارك التي تقول “غالبا ما يطلق على الإيمو تحديدا لقب أغبى طائر في العالم، لكن دراستنا تثبت أنه قادر على تطوير حلول جديدة لحل المشكلات”.
أما بالنسبة للنعام فإنه يشتهر في الثقافة العربية بأنه يدفن رأسه في الرمال مع اقتراب الخطر، وفي ذلك إشارة لسمات عقلية ضعيفة، والواقع أن هذا الادعاء خاطئ تماما من ناحية علمية، فالنعام لا يدفن رأسه في الرمال في مواجهة الخطر، وحينما يحدث ذلك فإنه يهرب، حيث تصل سرعة النعامة إلى 70 كيلومترًا في الساعة على أرجلها الطويلة، أما إذا لم يكن هناك أي مهرب، فإن النعامة ستحاول الاندماج مع التضاريس من أجل التخفّي.

معضلة “غرفة الصدى”
تركز أبحاث ذكاء الطيور تقليديا على الأنواع ذات الأدمغة الكبيرة، مثل الغربان والببغاوات. وترى “كلارك” أن هذا أدى إلى إنشاء “غرفة صدى” معرفية، حيث يفترض خطأ أن الطيور الأخرى أقل ذكاء لمجرد عدم دراستها بنفس القدر. وأضافت “تشير نتائجنا إلى أن الابتكار التقني قد تطور في الطيور في وقت أبكر مما كان يعتقد”.
ولطالما تم تجاهل الطيور المنتمية إلى مجموعة “قديمات الفك” التي تنتمي إلى الأركوصورات التي تضم الإيمو والرية والنعام والموا العملاق المنقرض، في الدراسات الإدراكية، بسبب صغر حجم أدمغتها نسبيا. لكن هذه الدراسة توضح أن حجم الدماغ وحده ليس العامل الحاسم في مستوى الذكاء.
كما تفتح الدراسة آفاقا جديدة لفهم سلوك الديناصورات، حيث تعد طيور “قديمات الفك” أقرب الكائنات الحية صلة بها. وبالتالي، فإن دراسة قدراتها الإدراكية قد تقدم رؤى حول كيفية تعلم الديناصورات وتكيفها مع بيئاتها، وفقا للمؤلفة الرئيسية للدراسة.
وتقول الباحثة إن الفريق يخطط لتوسيع نطاق الدراسة لتشمل أنواعا أخرى من الطيور، واختبار استجابتها لمهام مماثلة لحل المشكلات. وتشير “كلارك” إلى أن البحث في قدرات الطيور المختلفة يمكن أن يكشف الكثير عن تطور الذكاء عبر الزمن.
وأضافت “هذه مجرد بداية لفهم أوسع للذكاء لدى الطيور. نحتاج إلى إجراء اختبارات مماثلة على أنواع أخرى لنتمكن من مقارنة قدراتها الإدراكية بشكل عادل”.