أظهر فريق بحثي بقيادة علماء من معهد ماكس بلانك للعلوم المعرفية والدماغية البشرية في لايبزيج أن نشاط الدماغ البشري عند رؤية الأشياء يمكن تفسيره تفسيرا أفضل من خلال مجموعة متنوعة من الأبعاد الإدراكية التي تعمل معا في اللحظة نفسها، وليس عبر بعد واحد فقط.

ويأتي ذلك على خلاف الرؤية التقليدية السائدة في الوسط البحثي والتي تقول إن الهدف المركزي للإدراك البشري أحادي البعد، إذ يركز على نمط واحد فقط في اللحظة الحالية، وهذا النمط يتضمن التعرف على الأشياء وتعيينها في فئات مختلفة. على سبيل المثال، هذا الشيء المرصود هو قطة، والقطط تنتمي إلى فئة الحيوانات.

من ذلك المنطلق، فإن نظام الرؤية في دماغنا يحلل الأشياء التي نراها ويقسمها إلى مجموعة من الخصائص الأساسية للغاية، ثم يعيد تجميعها تدريجيًا، ومن ثم يتم التعرف على العالم المحيط بنا، فهذا الكلب ينضم لفئة الحيوانات، وذاك لفئة البشر، وتلك لفئة النباتات، وهكذا نكوّن صورة أساسية عما يحيط بنا من أشياء، ثم مع الوقت تتجمّع الصورة لتكتمل بإضافة بقية سمات الأشياء.

لكن الدراسة التي نشرها هذا الفريق مؤخرا في دورية “نيتشر هيومان بيهيفيور” بيّنت أن مهمتي التعرف والتصنيف تعدان من الأهداف المهمة لإدراكنا، لكنهما ليستا الوحيدتين بأي حال من الأحوال.

تم قياس نشاط الدماغ للمشاركين في الدراسة في ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي على مدى 15 جلسة في وقت شاهدوا فيه أكثر من 8 آلاف صورة مختلفة لـ720 شيئا (معهد ماكس بلانك)

كائن متعدد الأبعاد

استخدم الباحثون نموذجًا حاسوبيا لتحديد 66 بُعدا لإدراك الأشياء من البيانات السلوكية لأكثر من 12 ألف مشارك في الدراسة.

وتبيّن أن هذه الأبعاد متعددة ومتنوعة، أي إنها لا تشرح ما إذا كانت القطة حيوانًا، بل تغطي أيضًا خصائص أخرى مثل الألوان والأشكال، بالإضافة إلى القيم التدريجية بشكل إحصائي. على سبيل المثال، مدى نموذجية القطة لفئة الحيوان.

ونظر الباحثون بشكل خاص في بيانات ثلاثة مشاركين في الدراسة، تم قياس نشاط أدمغتهم في ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي على مدى 15 جلسة أثناء نظرهم إلى أكثر من 8 آلاف صورة مختلفة لـ720 شيئًا.

وبحسب الدراسة، فعندما يرى المشاركون صاروخًا على سبيل المثال، فإن نشاط الدماغ أشار إلى أن نظامهم البصري لم يدرك فقط أنه صاروخ أو أن الصاروخ عبارة عن مركبة، بل نشط أيًا وفي الوقت نفسه في مناطق تتعلق بتحديد اللون وعلاقته بالنار وإمكانية الطيران ودرجة لمعان هذا الجسم.

ويوضح الباحثون أن ذلك يدلل على أن جميع مراحل المعالجة في نظامنا الإدراكي تشارك في التقاط مجموعة واسعة من الخصائص ذات الصلة بالشيء في الوقت نفسه، هذه الخصائص مجتمعة هي ما يشكل إدراكنا.

شاركها.
Exit mobile version