واشنطن- زينب إبراهيم
أكدت د. تانيا نايومان الخبيرة الاقتصادية الأمريكية، والأكاديمية المختصة في شؤون الطاقة والنفط، أن ما يتعلق بأرقام الصفقات الحالية للغاز الطبيعي المسال، يوضح أهمية الصفقات طويلة المدى في انعكاس ذلك على هامش الأسعار، فهي أقل تكلفة بكل تأكيد من أسعار السوق الفورية، ولكن حتى مع ذلك فإنها تبقى أعلى مما كانت عليه قبل الحرب عندما كانت تتأرجح بحوالي 20 يورو لكل ميغاواط/ساعة، وهو ما شكَّل أعباء اقتصادية للأسر، ومعدلات إنتاجية أقل للصناعة في أوروبا، وهو أيضاً جزء من انعكاسات الحرب الروسية، فحتى مع توفير الإمدادات، فالتأثيرات على الأسعار ما زالت باقية، وكان للتدخلات القطرية والأمريكية من أجل مزيد من دعم سوق الطاقة العالمي، أن تخفف حدة الأزمة أو تضمن توريدات مستقبلية مستدامة مستقبلاً، وتعويض السوق عن الإمدادات الروسية، ولكن ذلك أيضاً سيخلق فجوة في الأسعار التي تجري الرغبة بالطبع في إعادة السيطرة عليها وانخفاضها إلى ما قبل الحرب الروسية في أوكرانيا، وهو ما يعزز أيضاً أن توجد صيغة لعودة الإمدادات الروسية مستقبلاً، فهناك تبعات اقتصادية إضافية تأثر بها الغاز الروسي ما كبد مصاعب اقتصادية أيضاً من عوائد الطاقة لروسيا في الوقت ذاته.
أهمية مستقبلية
تقول د. تانيا نايومان: إن ما يعزز الاحتياجات المستقبلية من الغاز القطري، هو أن أوروبا، وإن كانت نجحت في تأمين مخازنها بمعدل متوسط، ولكن القلق حول العرض ما زال قائماً فيما يتعلق بواردات الطاقة، ورغم أن المرحلة الحالية تشي ببعض أمان استباقي فيما يتعلق بتأمين احتياجات الطاقة الأوروبية للشتاء المقبل، ولكن لا أحد يعرف آثار التغير المناخي فإن كان هناك بعض الأنماط المعتدلة في شتاء ليس بشديد البرودة العام الماضي في أوروبا ما جعل الاستهلاك منطقياً في ظل الأزمة، ولكن إذا ما مرت أوروبا بشتاء بارد يمكنه رفع معدلات الاستهلاك بوضوح ما سيضغط بقوة على الأسعار ويجعل مخاوف العرض قائمة، وهي التي تتحكم في ارتفاع السعر الحالي وعدم عودته إلى ما قبل الحرب الروسية في أوكرانيا، ولهذا فإن أوروبا يجب أن تنظر بوضوح إلى التعاقدات طويلة المدى القطرية برغم صرامتها التعاقدية، لكي تظفر بحصة من الإنتاج القطري الإضافي، ومن المرجح أن يتم توجيه نحو 16 : 18 مليون طن من الاستثمارات القطرية من الغاز الطبيعي في تكساس إلى أسواق الطاقة الأوروبية المتنوعة، وتبقى الحصة الأخرى بنحو 49 مليون طن إضافي في عقود مهمة تتفاوض عليها الدوحة وعقدت صفقات مهمة مع الدول الآسيوية في الفترة الأخيرة مع توقعات بمزيد من الصفقات الإضافية.
طمأنة أوروبية
وتتابع د. تانيا نايومان تصريحاتها قائلة: إن قطر بكل تأكيد أعطت بعضاً من الاطمئنان للأسواق الأوروبية، بأن الشتاء المقبل سيكون الأخير في تحدياته مع عدم توافر الإمدادات الكافية، خاصة بدخول قطر وأمريكا في حيز زيادة الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال والتي من المقرر أن تبدأ في منتصف الطريق حتى عام 2024، وعلى الجانب الآخر ما يتعلق بالغاز الروسي فإن عددا من دول أوروبا الوسطى مثل النمسا يعتمد على الواردات الروسية المرسلة عبر خطوط الأنابيب التي تمر عبر أوكرانيا، وأوكرانيا في المقابل أكدت أنها لا تنوي إعادة التفاوض بشأن صفقة العبور التي من المقرر أن تنتهي في نهاية العام المقبل، وهذا يخلق موعدا نهائيا صارما لأولئك الذين ما زالوا يعتمدون على الوقود الأحفوري في موسكو.
استثمارات قطرية
واختتمت د. تانيا نايومان تصريحاتها مؤكدة: إن هناك هامشا إضافيا أتيح في الأسواق بتخلي أكثر العملاء الأوروبيين الموثوق بهم عن الغاز الروسي، فحسب ما أعلنت عنه المالية الروسية فإن عائدات صادرات الطاقة تراجعت 41 بالمائة إلى 43.4 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، ما أثر أيضاً على العملة الروسية، وكل هذا عزز بوضوح أهمية وجود استثمارات قوية قامت بها قطر في توسيع وزيادة إنتاجها، لمعالجة أبعاد عديدة في السوق الحالية، وهي ما يتعلق بالعرض وزيادة الطلب وتوفير الإمدادات وارتفاع الأسعار، وارتباط ذلك بخطط التنمية الصناعية الآسيوية، وأيضاً باحتياجات الطاقة الأوروبية نتيجة نقص الاعتماد على الغاز الروسي، فكانت الاستثمارات القطرية في توسعات حقل الشمال من أبرز الخطوات الكبرى في دعم الصناعة.