القاهرة – قنا
ثمن خبراء ومحللون اقتصاديون قطريون ومصريون توقيع عقد الشراكة الاستثمارية القطرية – المصرية لتنمية وتطوير مشروع عمراني سياحي متكامل وفق أعلى المعايير العالمية، في منطقة “علم الروم” بالساحل الشمالي في محافظة مطروح، والذي يقع على مساحة تبلغ نحو 4900 فدان وعلى طول 7.2 كيلومتر من شواطئ البحر المتوسط، بإجمالي استثمارات تقدر بأكثر من 29.7 مليار دولار أمريكي، مشيرين إلى أن هذه الشراكة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الاستثمارية وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والرؤى الاستراتيجية، وترسيخ التعاون المشترك لما فيه مصلحة البلدين.
واعتبر الخبراء والمحللون، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن توقيع عقد تنفيذ هذا المشروع يمثل انطلاقة جديدة ومهمة للتعاون الاستثماري بين البلدين، ويأتي في إطار توجههما لتعزيز الشراكة الثنائية في القطاعات الإنتاجية والتنموية الكبرى، بما يسهم في دعم الاقتصاد المصري وخلق فرص عمل جديدة، إلى جانب دفع حركة التنمية في الساحل الشمالي الغربي لمصر، الذي يشهد طفرة استثمارية غير مسبوقة.
وفي هذا الإطار، اعتبر الدكتور أحمد غيث الكواري، مستشار قانوني وخبير العلاقات السياسية والدولية، أن تطوير مشروع تنموي ضخم في محافظة مطروح على ساحل البحر المتوسط ليس مجرد صفقة استثمارية، بل هو إعلان عن تحالف اقتصادي سياسي جديد يؤكد أن الاقتصاد أصبح لغة السياسة الحديثة.
وقال: “هذا المشروع يعكس تطور العلاقات القطرية- المصرية إلى آفاق أرحب، حيث توظف رؤية قطر الوطنية 2030 ورؤية مصر 2030 كمنصتين متوازيتين لتحقيق هدف واحد هو التنمية المستدامة والموقع الجيو اقتصادي الفاعل.. فمشروع مطروح بوابة اقتصادية جديدة تعزز الروابط الأخوية بين الدوحة والقاهرة وتؤكد تنوع الاستثمارات القطرية في الأسواق العالمية، خاصة العربية وفي القلب منها مصر التي تتمتع بموقع جغرافي فريد وتمتلك قوة عمل بشرية هائلة”.
وشدد على أن الدوحة تستخدم قوتها الاقتصادية لإنتاج سلام اقتصادي مستدام، كما أن مشروعات جهاز قطر للاستثمار والديار القطرية تعد نموذجا جديدا في الحوكمة، والشفافية، والمسؤولية المجتمعية، والتخطيط بالسيناريو غير التقليدي، وهو ما جعلها مرجعا دوليا في الاستثمار.
ورأى الدكتور الكواري أن الاستثمار القطري في محافظة مطروح محسوب بدقة، من حيث موقعها الاستراتيجي على ساحل البحر المتوسط الذي يدعم التنمية السياحية والاقتصادية على الخريطة العالمية.
ونوه برؤية القاهرة تجاه بناء شراكات اقتصادية تنموية عربية متوازنة تقوم على مصالح وقيم مشتركة تعود بالنفع على الجميع، كما أكد أن “دخول دولة قطر بهذا الحجم الاستثماري في السوق المصري يعد شهادة ثقة في الاقتصاد المصري”.
ولفت إلى أن المشروع يرسخ العلاقات القطرية – المصرية على قاعدة من الشفافية، والتكامل، والمصالح المتبادلة، وهو رسالة بأن أبناء الوطن العربي قادرون على بناء مستقبلهم بأنفسهم.
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله الخاطر أن العلاقات بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية تشهد تطورا كبيرا وتقاربا استراتيجيا يعكسان وعي البلدين بأهمية التكامل في مواجهة التحديات الإقليمية، وتعزيز التنمية المشتركة.
وأوضح أن العلاقة بين البلدين تجاوزت البعد السياسي إلى فضاء اقتصادي وتنموي متكامل، يتجسد في مشاريع كبرى واستثمارات مشتركة، وفي مقدمتها المشاريع العقارية والسياحية في الساحل الشمالي المصري، مشيرا إلى أن هذه الخطوات تمثل “نواة حقيقية لتشكيل سوق عربية مشتركة وخطط تنموية متناسقة تخدم البلدين والمنطقة بأسرها”.
وأضاف الدكتور الخاطر أن الاستثمارات القطرية في مصر تمثل عنصر دعم مباشر للاقتصاد، وتوفر لمصر قدرة أكبر على الصمود في مواجهة الضغوط الاقتصادية، مؤكدا أن التنويع في مجالات الاستثمار -من التطوير العقاري والصناعي إلى السياحة- يعزز الاستقرار الاقتصادي، ويسهم في خلق فرص عمل وتحسين معدلات النمو.
وشدد الدكتور الخاطر على أن هذا التكامل بين الدوحة والقاهرة يعكس “رؤية شاملة” تقوم على توظيف القدرات المشتركة في خدمة الأمن والتنمية في البلدين والمنطقة.
ومن جهته، أوضح الدكتور خالد الشافعي رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن التوقيع على عقد هذا المشروع يمثل انطلاقة جديدة للشراكة القطرية – المصرية في القطاع العقاري والسياحي، لافتا إلى أن المشروع سيحقق طفرة اقتصادية وسياحية كبيرة، ويسهم في زيادة الناتج المحلي، فضلا عن توفير آلاف فرص العمل، وتنشيط قطاعات الصناعات الإنشائية والخدمات المرتبطة بها، كما سيسهم في تعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية مهمة لدول أوروبا والشرق الأوسط، ويعد فرصة استثمارية واعدة للاقتصاد القطري على ساحل المتوسط.
وأضاف أن هذه الشراكة تعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية، وستمهد لمزيد من الاستثمارات في قطاعات متنوعة، مما يجعل البلدين ركيزة أساسية لاستقرار ونمو الشرق الأوسط، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن دولة قطر شريك رئيسي للاستثمار في مصر، حيث تعمل على ضخ مزيد من الاستثمارات ليس في القطاع العقاري فحسب، وإنما في قطاعات متعددة ومتنوعة.
ومن جانبه، قال أحمد آدم، المحلل والخبير المصرفي المصري، إن هذا المشروع الاستثماري الضخم سيشمل إقامة مدينة سياحية وتنموية متكاملة وفاخرة على غرار المشاريع العالمية، لافتا إلى أن الاستثمار القطري يقدم قيمة مضافة حيوية، حيث يعزز بشكل مباشر احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، ويؤكد ثقة المستثمرين الخليجيين في البيئة الاستثمارية المصرية، كما يعد المشروع محفزا وركيزة للتنمية الإقليمية، حيث سيحوّل منطقة “علم الروم” إلى مركز جذب سياحي وعمراني عالمي، يساهم في خلق فرص عمل جديدة ونقل خبرات عالمية في قطاعات التخطيط والتطوير العقاري والتشغيل الفندقي الراقي.
وأوضح أن المشروع يخدم الأهداف الاستراتيجية بعيدة المدى لكل من دولة قطر ومصر، لافتا إلى أن المشروع يعد جزءا أساسيا من استراتيجية التنويع الاقتصادي وبناء الشراكات الدولية التي تنتهجها قطر، حيث تستغل شركة الديار القطرية خبرتها العقارية لتعزيز العوائد غير النفطية، منوها بأن المشروع يخدم هدفين رئيسيين لمصر: الأول تحقيق الاقتصاد التنافسي المتنوع من خلال جذب الاستثمار الخارجي وتنمية الساحل الشمالي الغربي كمحور تنموي جديد، والثاني تحسين جودة الحياة والتنمية العمرانية عبر إنشاء مدن مستدامة وجاذبة للعيش والسياحة.
ومن ناحيته، قال الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي المصري، إن تعزيز وجود شركة الديار القطرية في السوق المصري يمثل استثمارا مباشرا ذا قيمة مضافة عالية، موضحا أن الشركة تمتلك قاعدة عملاء دولية موثوق بها تواكبها في مشروعاتها، ما يعني أن المشروع سيجتذب أيضا شريحة من المشترين والمستثمرين الأجانب، وهو ما يُرسّخ مفهوم تصدير العقار وجذب إيرادات إضافية للاقتصاد المصري.
وأضاف أنيس أن المشروع سيوفر فرص عمل ضخمة خلال مرحلة التنفيذ، وسينشّط الصناعات المرتبطة بالبناء والتشييد، مثل الأسمنت والحديد ومواد البناء، دون تحميل الدولة أعباء تمويلية، كونه استثمارا مباشرا برأس مال خارجي، كما ستتحقق القيمة المضافة الكبرى من المشروع لاحقا من خلال العوائد السياحية المستدامة، حيث يعد قطاع السياحة من أهم القطاعات التي تدر دخلا دولاريا لمصر.
وبدوره، قال الدكتور حافظ الغندور، استشاري ومحاضر تمويل واستثمار وعضو تنفيذي سابق بمجلس إدارة البنك الأهلي المصري، إن المشروع من مشروعات التنمية المستدامة المثالية؛ حيث يضع تخطيطا سياحيا متكاملا يتضمن كل أنواع السياحة الشاطئية والترفيهية، وهو ما سيسهم في تحقيق رؤية البلدين الشقيقين فيما يتعلق باستراتيجية التنمية المستدامة، لافتا إلى أن هذا النوع من المشروعات يرفع من القيمة الاقتصادية والسياحية لمحافظة “مطروح” بأكملها، التي ستشهد تأسيس المشروع، كما يعزز تطبيق استراتيجية مصر 2030 فيما يخص محور التنمية المستدامة.
وأوضح الغندور أن المشروع سيجعل الأراضي والمناطق المحيطة أكثر قيمة، حيث تمتلك منطقة “سملا وعلم الروم” مقومات طبيعية متميزة تجعلها وجهة مثالية للاستثمار السياحي المتكامل، مضيفا، في هذا الصدد، أن المشروع يتميز بعبقرية موقعه وبشواطئه النقية ومناخه الفريد، وسيُحول هذه المنطقة إلى مدينة سياحية عالمية تعمل على مدار العام وليس فقط خلال موسم الصيف.
