الدوحة – قنا
أكد خبراء اقتصاديون ومحللون في قطاع الطاقة، أن الزيارة الرسمية التي يقوم بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى روسيا الاتحادية الصديقة، تشكل محطة مهمة لاستشراف آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
ولفتوا في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إلى أن العلاقات بين البلدين تقوم على أسس متينة من المصالح المشتركة في قطاع الطاقة، والرغبة في تنويع الشراكات الدولية، فضلا عن المشاركة الفاعلة في الجهود الدولية على مختلف الأصعدة.. مشيرين إلى أنه من المتوقع أن تعطي زيارة سمو الأمير المفدى دفعة قوية للتعاون الثنائي بين قطر وروسيا الاتحادية، وأن تفتح آفاقا أوسع للعلاقات بين البلدين خاصة في قطاع الطاقة الذي يعد محركا رئيسيا للشراكة القطرية الروسية في ظل استثمار قطر في شركة النفط الروسية /روسنفت/، التي تعد من أكبر شركات الطاقة الروسية.
وتندرج هذه الزيارة في إطار مسيرة العلاقات المتنامية بين دولة قطر وروسيا الاتحادية والتي انطلقت بعد قيام العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1988، وظلت منذ ذلك الوقت في نمو وازدهار، استنادا على مبادئ القانون الدولي والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وشملت العديد من المجالات وخاصة السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والإنسانية وغيرها من المجالات.
وتأتي زيارة سمو الأمير المفدى إلى روسيا الاتحادية في ظرف دولي يتسم بالتحولات، لتؤكد متانة العلاقات الاقتصادية بين الدوحة وموسكو وحرص الجانبين على تعزيز التعاون الاستراتيجي خصوصا في مجال الطاقة، حيث يتمتع البلدان بعلاقات تاريخية قوية، تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
ومن المتوقع أن يبحث حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية الصديقة، سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية وتطوير التعاون في قطاع الطاقة الذي يمثل ركيزة أساسية للعلاقات بين البلدين.
وفي هذا السياق، أشار رجل الأعمال الدكتور خالد بن ارحمه الكواري إلى أن قطر وروسيا وقعتا خلال السنوات الماضية عددا من الاتفاقات ومذكرات التفاهم، بهدف تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة.
وأوضح أن منتدى الدول المصدرة للغاز (GECF)، الذي يتخذ من الدوحة مقرا له، يشكل إطارا رئيسيا للتنسيق بين البلدين في سوق الغاز، لاسيما وأن كلا من قطر وروسيا من الأعضاء المؤسسين والفاعلين في المنتدى.
ونوه الكواري إلى أن مسؤولي البلدين يؤكدون باستمرار أهمية تعزيز الشراكة عبر المنتدى، لحماية مصالح الدول المصدرة للغاز في الأسواق العالمية، مشيرا إلى أن موسكو ترى في تعاونها مع قطر ضمن إطار المنتدى “أساسيا لضمان المصالح المشروعة لمصدري الغاز في الأسواق العالمية”.
وتعد قطر وروسيا من أكبر القوى العالمية في قطاع الغاز والطاقة، حيث تمتلك قطر احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي وتأتي ضمن أكبر ثلاثة مصدرين للغاز الطبيعي المسال عالميا إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا، وتعتبر الدوحة وموسكو شريكين استراتيجيين في مجال الغاز وتسعيان سويا للحفاظ على توازن السوق العالمي.
ولفت الكواري إلى أن جهاز قطر للاستثمار استحوذ على حصة نسبتها 18.93 بالمائة من أسهم شركة “روسنفت” الروسية في سبتمبر 2018، مما فتح المجال لمشاريع واستثمارات مشتركة بين قطر وروسيا في قطاع الطاقة، معتبرا أنه وعلى الرغم من أن حجم التبادل التجاري الثنائي لا يزال متواضعا في قيمته المطلقة، إلا أن الجانبين يبديان تفاؤلا إزاء آفاق توسيع التعاون الاقتصادي، مدفوعا خصوصا بالتكامل في مجال الطاقة والاستثمار.
وخلص الدكتور خالد بن ارحمه الكواري إلى القول: إنه في ضوء المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية تكتسب قمة موسكو المقررة بين سمو الأمير والرئيس الروسي أهمية استثنائية، حيث ينتظر أن تتمخض عنها اتفاقات ومبادرات جديدة، وملف الطاقة سيكون في صدارة جدول الأعمال، إذ من المتوقع أن يبحث الجانبان التنسيق في أسواق الغاز الطبيعي المسال لضمان الاستقرار السعري وتوازن العرض والطلب، كما قد تتطرق المباحثات إلى تبادل الخبرات والاستثمارات.
يشار إلى أنه في مارس الماضي عقدت في الدوحة الدورة الخامسة للجنة القطرية الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والفني. ترأس الجانب القطري، معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، فيما ترأس الجانب الروسي سعادة السيد دينيس مانتوروف النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الروسي، والتي أكدت على أهمية علاقات التعاون بين دولة قطر وروسيا الاتحادية في المجالات الاقتصادية والتجارية والفنية، وآفاق دعمها وتطويرها بما يعزز المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.
بدوره قال الدكتور عامر الشوبكي الخبير الاقتصادي المتخصص في النفط والطاقة لـ/قنا/، إن القمة قد تتطرق إلى التطورات الجيوسياسية وتأثيرها على التعاون الاقتصادي ومناقشة مبادرات في قطاعات اقتصادية جديدة، مثل تطوير أدوات مالية جديدة لدعم تجارة الطاقة، إضافة إلى استكشاف فرص التعاون في مجالات غير تقليدية مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا، مضيفا: “إجمالا التوقعات إيجابية بأن ترسخ القمة شراكة أوثق بين البلدين وتطلق مبادرات جديدة تعزز مصالحهما المشتركة”.
وتابع الشوبكي أن زيارة سمو الأمير المفدى إلى روسيا الاتحادية تشكل محطة مفصلية في مسار العلاقات بين البلدين، حيث ستتيح للجانبين فرصة لاستشراف آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والتنسيق السياسي، كما أن التقارب القطري الروسي يقوم على أسس قوية، كمصالح الطاقة المشتركة، والرغبة في تنويع الشراكات الدولية، والقيام بدور بناء ومتقدم على الساحة الدولية.
وأشار إلى أنه في ظل التوقعات بإبرام اتفاقات في مجالات الغاز الطبيعي المسال، والاستثمارات، والبنية التحتية خلال هذه الزيارة، فإن الشراكة بين الدوحة وموسكو تبدو مرشحة للانتقال إلى مستوى أكثر شمولا على الصعيد الاستراتيجي.
واختتم الخبير الاقتصادي المتخصص في النفط والطاقة تصريحاته ل/قنا/بالقول: ” سيكون لهذا التقارب أثره الملموس على مشهد الطاقة العالمي عبر زيادة التنسيق بين اثنين من أكبر منتجي الغاز، كما سيعزز نهج التوازن الدبلوماسي الذي تنتهجه قطر في علاقاتها مع الشرق والغرب، إن قطر وروسيا اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى بناء نموذج فريد في العلاقات الدولية، يجمع بين التعاون الاقتصادي المنفعي والاحترام السياسي المتبادل، بما يخدم مصالحهما الوطنية ويسهم في استقرار أسواق الطاقة وتحقيق السلام على المدى الأوسع. ويرقب العالم مخرجات قمة موسكو لما تحمله من دلالات تتجاوز نطاق الثنائية”.