أكد بنك قطر الوطني QNB أن التحديات التجارية لن تقوض التكامل الاقتصادي العالمي، وأن ضغوط السوق والقيود القانونية وقدرة الشركات على التكيف، والالتزام المستمر بالانفتاح من جانب الاقتصادات الكبرى تجاه العولمة لن تتراجع، بل يعاد تشكيلها وتوجيهها جغرافيا. وقال التقرير الأسبوعي لـ QNB إن القوى التي تدعم التكامل الاقتصادي العالمي لا تزال قوية بالرغم من الارتفاع غيرالمسبوق في نطاق التعريفات الجمركية الأمريكية الأخيرة، حتى بعد العديد من الإعفاءات. ويرى بعض المحللين والمستثمرين، أن حجم وقساوة الزيادات في التعريفات الجمركية الأمريكية، لم تفض إلى إيقاف مؤقت لتدابير تحرير التجارة فحسب، بل وربما كانت أيضا أول محاولة منهجية لعكس مفعولها. ويتوقع تقرير QNB، أنه رغم التحديات غير العادية التي تفرضها التعريفات الجمركية الأمريكية المرتفعة للغاية، فإن هناك أسبابا تدعو للتفاؤل والاعتقاد بأن التكامل الاقتصادي العالمي سيظل صامدا في مواجهة التهديدات الحالية للعولمة. واستند بنك قطر الوطني في تحليله إلى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها أن أهداف وصلاحيات حزم التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة لا تزال غير واضحة، مما يزيد من احتمال مقاومتها من جانب أصحاب المصلحة الرئيسيين في السوق والمؤسسات. وأشار إلى أن التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة ما تزال تحيط بها درجة كبيرة من الغموض، لا سيما على صعيد أهدافها وصلاحياتها، الأمر الذي قد يزيد من احتمالية تعرضها لمعارضة من قبل أصحاب المصلحة الرئيسيين في الأسواق والمؤسسات الاقتصادية. وأوضح البنك أن الأهداف المعلنة أو المفترضة لهذه الإجراءات لا تزال غير محددة بوضوح، متسائلا عما إذا كانت تهدف إلى تقليص العجز التجاري، أو دعم التصنيع المحلي، أو الحد من النفوذ الاقتصادي لمنافسين استراتيجيين، أو ببساطة زيادة الإيرادات الفيدرالية. وأكد أن تعدد هذه الأهداف وتداخلها، دون وضوح في الأولويات، يجعل من الصعب تحقيق نتائج متسقة، بل وقد يؤدي إلى تضارب في السياسات الاقتصادية.
ولفت التقرير إلى أنه، على سبيل المثال، فإن التعريفات واسعة النطاق التي ترفع تكاليف المدخلات قد تلحق ضررا مباشرا بالمصنعين والمستهلكين داخل الولايات المتحدة، ما يضعف الحجة الاقتصادية القائمة على تعزيز التصنيع المحلي.
وفي السياق نفسه، أشار إلى أن استهداف شركاء وحلفاء تجاريين عبر هذه الإجراءات يمكن أن يؤدي إلى تداعيات دبلوماسية سلبية، ويعقد التنسيق الدولي بشأن قضايا استراتيجية، مثل الحد من نفوذ المنافسين الاستراتيجيين أو ضمان الوصول إلى المواد الخام الحيوية. وشمل ذلك مبادرات مثل الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) في آسيا، واتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع أمريكا الجنوبية ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، بالإضافة إلى منطقة التجارة الحرة بالقارية الافريقية. وخلص التقرير إلى القول إن النشاط التجاري الدولي، باستثناء الولايات المتحدة، يشكل حوالي 73 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و87 بالمائة من تدفقات التجارة، مما يعزز نظاما تجاريا متعدد الأقطاب قادرا على البقاء ديناميكيا. واعتبر أن الانسحاب الأمريكي قد يسرع التعاون بين الدول الأخرى التي تسعى للتحوط من التداعيات الحمائية والحفاظ على الوصول إلى الأسواق، مما قد يدفع الشركات العالمية إلى التوجه نحو مراكز تجارية بديلة ذات أطر أكثر استقرارا، مما يخفف من تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية.
اشترك في الإشعارات
انضم الى قائمة الإشعارات البريدية ليصلك كل جديد مباشرة الى بريدك الإلكتروني