بنك قطر الوطني
الدوحة – قنا
أكد/ بنك قطر الوطني QNB/ وجود مجال لمزيد من الانخفاض في قيمة الدولار الأمريكي، على المديين المتوسط والطويل، بالرغم من الانخفاض الذي شهده الدولار خلال العام الحالي الذي وصفه بالأقوى خلال نصف القرن الأخير.
وأرجع /بنك قطر الوطني QNB/ في تقريره الأسبوعي، هذا الانخفاض إلى تقلص تفوق الأداء الاقتصادي الأمريكي، والمبالغة في تقييم الدولار، والتراكم الهائل للأصول غير المقيمة في الولايات المتحدة، مرجحا أن تتطلب عملية التنظيم الأمثل لتعديلات العملة تعاوناً عالمياً كبيراً على مستوى الاقتصاد الكلي.
وقال التقرير لا يوجد سوق يضاهي سوق صرف العملات الأجنبية. فمع حجم تداول يومي يتجاوز 7.5 تريليون دولار أمريكي، يُعد سوق صرف العملات الأجنبية أكبر وأكثر فئات الأصول المالية سيولة في العالم. وعلى عكس الأسهم أو السندات، يعمل سوق صرف العملات الأجنبية على مدار الساعة خمسة أيام في الأسبوع، حيث يتم تداول أزواج العملات الرئيسية في جميع أنحاء القارات.
ولفت التقرير إلى أن الانخفاض الحاد في قيمة مؤشر الدولار الأمريكي يمثل أسوأ بداية عام للعملة الأمريكية منذ عام 1973، عندما هندس الرئيس ريتشارد نيكسون عملية فك ارتباط الدولار الأمريكي بالذهب، ما أدى إلى انخفاض كبير في قيمة العملة. كما شمل الانخفاض الأخير في قيمة مؤشر الدولار الأمريكي جميع العملات الرئيسية ضمن سلة المؤشر، وهي: اليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، والدولار الكندي، والكرونة السويدية، والفرنك السويسري.
ورأى التقرير أن التحرك الحاد وتوسيع مراكز المتداولين قد يؤديان إلى تراجع في الدولار الأمريكي على المدى القصير، مرجحا أن تكون الظروف مهيأة لمزيد من انخفاض قيمة الدولار الأمريكي على المديين المتوسط والطويل، مستندا إلى ثلاث حجج رئيسية ،أولها توقع أن تضيق الفجوة الكبيرة في النمو بين الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة الرئيسية الأخرى بشكل كبير خلال السنوات القادمة، مما يخفف فعلياً مما يسمى بالاستثناء الأمريكي.
و تشير سياسات الهجرة الجديدة والحيز المالي المحدود إلى المزيد من التباطؤ في الولايات المتحدة. في المقابل، من المتوقع أن تتبع الاقتصادات الرائدة في منطقة اليورو، مثل ألمانيا، سياسة مالية أكثر مرونة، مما يزيد من الاستثمارات في الدفاع والبنية التحتية.
ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يضيق فارق نمو الناتج المحلي الإجمالي بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، الذي كان لصالح الولايات المتحدة بمتوسط سنوي قدره 220 نقطة أساس خلال السنوات القليلة الماضية، إلى 70 نقطة أساس خلال الفترة 2025-2027 ، ومن المتوقع أن يعزز هذا الأمر قوة اليورو مقابل الدولار الأمريكي، مما يدفع مؤشر الدولار الأمريكي إلى مزيد من الانخفاض – حيث يمثل اليورو 57.6 بالمئة من سلة عملات مؤشر الدولار الأمريكي.
واعتبر /بنك قطر الوطني QNB/ في الحجة الثانية تقييم الدولار الأمريكي إلى أن العملة مبالغ في قيمتها وتحتاج إلى تعديل. من الطرق الشائعة للنظر في “قيم” العملات تحليل أسعار الصرف المرجحة تجارياً والمعدلة حسب التضخم، أي أسعار الصرف الفعلية الحقيقية، ومقارنتها بمتوسطاتها طويلة الأجل أو معاييرها التاريخية.
ويُعد مقياس أسعار الصرف الفعلية الحقيقية هذا أكثر دقة من أسعار الصرف الأجنبية التقليدية، حيث يسجل التغيرات في أنماط التجارة بين الدول، بالإضافة إلى الاختلالات الاقتصادية التي تتجلى في التضخم وفروقاته.
و تشير صورة أسعار الصرف الفعلية الحقيقية لشهر مايو 2025 إلى أن الدولار الأمريكي هو بالفعل العملة الأكثر مبالغة في قيمتها في العالم المتقدم، بأكثر من 17 بالمئة من “قيمته العادلة” الافتراضية. وبالتالي، يُتوقع أن تتكيف العملة مع الأسعار العادلة على المدى المتوسط.
و تشير مراكز الأصول المالية العابرة للحدود إلى أن إعادة التوازن الهيكلي لتخصيصات رأس المال العالمية قد تحفّز موجة كبيرة من تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من الولايات المتحدة وفق الحجة الثالثة التي اوردها التقرير.
وتُعد الولايات المتحدة حالياً مديناً صافياً كبيراً لبقية العالم، حيث يبلغ صافي وضع الاستثمار الدولي رقما سلبياً بمقدار 24.6 تريليون دولار أمريكي. كما تدهورت الصورة بشكل حاد، حيث تطوّر صافي وضع الاستثمار الدولي للولايات المتحدة من رقم سلبي هامشي بلغ حوالي 9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في بداية الأزمة المالية العالمية إلى 88 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الماضي. ويشير هذا الوضع إلى أن الولايات المتحدة هي البلد الذي تتركز فيه معظم الاختلالات الاقتصادية العالمية.
ويبدو أن هذا المستوى من التعرض المتبادل بدأ يصبح مزعجاً لكل من الدائنين والمدينين، مما يتطلب تعديلات كبيرة. وهذا من شأنه أن يتطلب المزيد من تدفقات رأس المال الخارجة من الولايات المتحدة في عملية تستغرق سنوات عديدة، مما يسبب ضغوط بيع إضافية على الدولار الأمريكي.