بقدر ما تبدو الكتابة للطفل سهلة وبسيطة فإن الاقتراب من عالم الناشئة مغامرة محفوفة بالمخاطر؛ إذ تحتاج للارتقاء والاشتغال على التفاصيل من دون التنازل عن جماليات الكتابة، كما يلزمها التوازن بين تلبية حاجة الطفل للتسلية واللهو والمرح، وبين حاجته إلى التعلم واكتشاف العالم والقيم النبيلة.

ويرى عدد من الناشرين المتخصصين في نشر كتب الأطفال المشاركين في معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته 32 أن نجاح كتاب الطفل في عالمنا العربي يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى القيم والأخلاقيات التي يحملها الكتاب الموجه للطفل، بالإضافة إلى جماليات التصميم التي تبعث البهجة في نفوس الأطفال وتحبب إليهم القراءة وتزينها في قلوبهم.

وفي تصريحات لوكالة الأنباء القطرية -خلال جولة بالمعرض الذي يقام تحت شعار “بالقراءة نرتقي”- قال هؤلاء الناشرون إن هناك مسؤولية أخلاقية وأمانة واجبة على أولياء الأمور في اختيار الكتب التي تحافظ على الهوية الإسلامية والعربية وتنمي معارفهم ومهاراتهم في شكل جذاب.

معايير كتاب الطفل

وقالت مديرة ومؤسسة دار نبجة للنشر والتوزيع الكاتبة أسماء عبد اللطيف الكواري إن الدار تعد أول دار متخصصة في مجال أدب الطفل في قطر، مشيرة إلى أن اختيار هذا المجال جاء لأنه يحمل رسالة تسهم في إثراء ثقافة المجتمع، بدءا من مرحلة الطفولة، لأننا نساعد في بناء الجيل القارئ المعتد بقيمه وثقافته وأصالته، موضحة أن اختيار كتاب الطفل من حيث التقديم أو الاختيار ليس سهلا.

وأضافت أنه بوصفنا صناعا لكتب الطفل لا بد أن تكون لدينا معايير عالية في اختيار هذا الكتاب الذي نقدمه لأطفالنا، وهي أن يؤصل لثقافتنا وقيمنا الراسخة، وأن نقدم هذا الكتاب بالشكل والمظهر اللذين يليقان بأطفالنا، ولهذا فإن ولي الأمر لا بد أن يحرص على اختيار الكتاب الذي يحبب إلى الأطفال القراءة، وأن يكون مفيدا؛ فأبناؤنا يستحقون أن نقدم لهم الأفضل.

هذا الصباح – في معرض الدوحة للكتاب.. جناح الطفل تثقيف بالترفيه

صناعة كتاب الطفل

من جهته، قال الناشر محمد القاسمي مدير دار البراق لثقافة الطفل في العراق -التي تأسست عام 2003- إن الدار بدأت رسالتها في صناعة كتاب الطفل، وتسعى إلى تطوير هذا المجال لاختلافه عن الكتاب العادي، خاصة في ظل تطور هذه الصناعة، مع التطور التكنولوجي المستمر والتطبيقات على الأجهزة الذكية، حيث تتوفر صور ذات جودة عالية، بالإضافة إلى أفكار رائعة أيضا، مما يحتم على الناشر أن يطور صناعة الكتاب لتبقى علاقة الطفل بالكتاب الورقي لأنه هو الأصل.

وأكد ضرورة اهتمام الناشرين عموما وناشري كتب الأطفال خاصة بمواكبة الحداثة في هذه الصناعة المهمة.

وأوضح القاسمي أن معرض الدوحة الدولي للكتاب فرصة للتعرف على التطور الذي يقع عالميا من خلال متابعة ما يقدمه الناشرون الأجانب؛ فالمعرض ليس فرصة لبيع الكتاب فقط، بل أيضا للتعرف على التطورات العالمية في هذه الصناعة.

وأشار إلى أن الدار تحاول الوصول إلى هذه الجودة لينافس الكتاب العربي نظيره الأجنبي، لأن الطفل العربي يستحق أن نهتم به ونقدم له أفضل ما يمكن.

وأوضح أن الارتقاء بصناعة النشر في كتب الأطفال تحتاج إلى الاطلاع على التجارب الدولية التي سبقت في هذا المجال، مع تنزيلها بما يناسب بيئتنا، فضلا عن التجارب العربية الجادة والاستفادة منها، وهو ما توفره معارض الكتب، ومنها معرض الدوحة.

كتاب المهجر

بدورها، قالت نهيل الشوا -من دار نشر “كتب نون: مؤسسة ناهد الشوا الثقافية” من كندا- إن الدار حريصة على تقديم الكتاب العربي لأبنائنا في المهجر، مشيرة إلى أن إبداعات الدار حصلت على عدة جوائز أدبية، وتم تقديم عدد من الإصدارات ضمن ورش عمل في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).

وأوضحت أن فلسفة الدار تقوم على تربية طفل عربي الهوية، لديه أدوات التطور العالمية حتى لا يكون منعزلا عن العالم.

وقالت إنه لا بد أن نحترم عقول الأطفال، من خلال تقديم النص الجيد الذي يوافق عقيدتنا الإسلامية وهويتنا العربية، ونجعلهم يعتزون بعقيدتهم وهويتهم، وعلينا تقديم فكرنا إلى العالم.

وتابعت أن معرض الدوحة الدولي للكتاب محطة مهمة بالنسبة للناشرين، و”نحرص على المشاركة فيه باستمرار”.

أسلوب مبسط

أما مديرة دار حكايا للنشر من الجزائر الدكتورة آسيا موساي فأكدت أهمية تطوير صناعة كتاب الطفل عبر تقديم أعمال هادفة بأسلوب مبسط يستطيع الطفل فهمه، مشيرة إلى أن هذه المشاركة هي الثانية للدار المتخصصة في أدب الطفل بمعرض الدوحة للكتاب.

أما السيد مؤنس حطاب من دار “ألف باء تاء ناشرون” من الأردن، فشدد على معايير القيم التي ينبغي أن تتوفر في إصدارات كتب الأطفال وما تحمله من قيم، لافتا إلى أن الدار تشارك للمرة التاسعة في معرض الدوحة بوصفه من أهم المحطات الجاذبة للباحثين عن الإصدارات الجديدة.

بدورها، قالت مدير دار كتاب سامر من لبنان وفاء الحسيني إن “الدار بدأت مؤسسة صحفية تعنى بثقافة وأدب الطفل عام 1979، وكانت تصدر أسبوعيا، وألفنا عائلة من الأطفال من العالم العربي تربوا على الحب والخير والجمال وعلى الصفات العربية الأصيلة”.

وأضافت أن المجلة اهتمت من وقتها عبر كبار الكتاب العرب المختصين في أدب الطفل بتقديم القيم العربية في كتاباتهم قبل أن تتحول إلى دار نشر عام 1995.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأنباء القطرية (قنا)

شاركها.
Exit mobile version