تتعدد أوصاف ودرجات البخل عند العرب، وبعضها أوردوها في أشعارهم، مثلما فعل عمرو بن كلثوم في معلقته. كذلك اشتهرت العرب بالحكمة، ومما قالوه في ذلك: “الحكمة ثمرة قلب سليم وذوق كريم”.

وقالوا في درجات البخل: “رجل بخيل، ثم مُسُك إذا كان شديد الإمساك لماله، ثم لَحِز إذا كان ضيق النفس شديد البخل، ثم شحيح إذا كان مع شدة بخله حريصا، ثم فاحش إذا كان متشددا في بخله، ثم حِلِزٌّ إذا كان في نهاية البخل”.

وقد جاءت بعض هذه الأوصاف في معلقة عمرو بن كلثوم حين قال: “ترى اللحز الشحيح إذا أمرت عليه لماله فيها مهينا”، ويعني هذه الخمر التي كان يصفها يقول حتى اللحز وحتى الشحيح الذي هو على درجة بعيدة من درجات البخل سوف يهين ماله إذا ما رأى هذه البضاعة أو هذا المنتج من أجل أن يقتنيه أو من أجل أن يشتريه.

وعادة البخيل ألا يهين ماله، بل هو مستعد أن يهين نفسه من أجل أن يعز ماله ويتركه عزيزا في الصندوق.

وفي فقرة “قصة وعبرة”، تناولت حلقة (2025/5/13) من برنامج “تأملات” قصة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي أرسل عامر بن شراحيل -المعروف بالإمام الشعبي- إلى ملك الروم، فلما وفد عليه أعجب ملك الروم بذكائه وقوة بيانه وسرعة بديهته. وعندما أراد الرجوع إلى دمشق سأله الملك: “أمن أهل بيت الملك أنت؟” قال: “لا وإنما من جملة الناس”. ثم أذن له بالرحيل بعد ذلك، وقال: “إذا عدت إلى صاحبك وأبلغته ما يريد معرفته، فادفع إليه هذه الرقعة”.

ورجع الشعبي إلى دمشق وبادر إلى لقاء عبد الملك، وأفضى إليه بما سمع ورأى، ودفع الرقعة إليه، فقرأها عبد الملك فإذا فيها: “عجبت للعرب، كيف ملّكت عليها رجلا غير هذا الفتى؟”. فقال الشعبي: “ذلك لأنه لم يرك يا أمير المؤمنين”. فقال عبد الملك: “لا، إنما كتب إلي بذلك لأنه حسدني عليك، فأراد أن يغريني بقتلك”. فبلغ ذلك ملك الروم فقال: “لله أبوه، ما أردت غيرها”.

وفي فقرة “ما قل ودل”، تطرق برنامج “تأملات” إلى موضوع الحكمة، إذ قالت العرب: “حكمة القوي أفضل من قوة الحكيم”. وقالوا: “لولا بوادر الجهلاء لم يعرف فضل الحكماء. ولولا ظهور نقص الأتباع لم يبن كمال الرؤساء”. وقالوا أيضا: “الحكمة ثمرة قلب سليم وذوق كريم”.

وقيل لأحدهم: “من أين أخذت الحكمة؟”، فقال: “من الأعمى، لأنه لا يضع قدمه على الأرض حتى يستوثق من موضعه بعصاه”. يقول الله سبحانه تعالى في سورة البقرة: “يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب”.

شاركها.
Exit mobile version