تسهم صناعة التكنولوجيا بنحو اثنين إلى ثلاثة في المئة من الانبعاثات الكربونية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة، وهي نسبة قابلة للزيادة مع تغلغل التكنولوجيا في جميع مناحي الحياة.
وتشير التقديرات إلى أن صناعة التكنولوجيا ستشكل نحو 15 في المئة من الانبعاثات العالمية بحلول عام 2040، وهو ما يعادل نصف انبعاثات قطاع النقل (الأكثر تلوثاً) في العالم بأكمله.
ومع التحول العالمي نحو عالم أكثر اخضراراً، تسعى العديد من شركات التكنولوجيا إلى تقليص بصمتها الكربونية عبر استخدام مواد صديقة للبيئة ومستدامة في عمليات التصنيع والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بنسبة أكبر في تصنيع منتجاتها، تمهيداً للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي.
فما الحياد الكربوني؟
يعني «الحياد الكربوني» وجود توازن بين انبعاث الكربون وامتصاص الكربون من الغلاف الجوي، لتقليص الانبعاثات الضارة بالبيئة.
وتتبنى العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى خططاً لتقليص الانبعاثات الكربونية بأكثر من النصف بحلول عام 2030.
ومن أبرز هذه الشركات:
أمازون
في عام 2019، شاركت شركة «أمازون» في تأسيس صندوق «تعهد المناخ»، الذي يهدف للوصول بالانبعاثات الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2040.
واستثمرت الشركة الأميركية مليارَي دولار في هذا الصندوق حتى الآن.
وفي عام 2022، كان 90 في المئة من الكهرباء التي استهلكتها «أمازون» من مصادر متجددة، وتستهدف عملاق تجارة التجزئة رفع هذه النسبة إلى 100 في المئة بحلول عام 2025، وفقاً للموقع الإلكتروني للشركة.
ولتحقيق هذا الهدف تتوسع الشركة في استخدام وسائل النقل الخالية من الانبعاثات مثل شاحنات التوصيل الكهربائية، والدرّاجات الإلكترونية لنقل البضائع، وعمليات التسليم سيراً على الأقدام.
ومن بين شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى (أبل، وأمازون، وألفابت، وميتا، ومايكروسوفت)، تعتبر أمازون أكبر ملوث للبيئة.
وأنتجت الشركة أكثر من 16 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون في عام 2021، ما يقرب من 20 ضعف البصمة الكربونية لشركة «مايكروسوفت»، التي كانت الأقل تلويثاً من بين الشركات الخمس الكبري، وفقاً لتقرير صادر عن شركة «إلكترونيكس هب».
سامسونغ
في عام 2011، أصدرت «سامسونغ» الجهاز «إن سي 2015»، وهو جهاز كمبيوتر محمول يعمل بالطاقة الشمسية ولا يحتاج إلى شحن كهربائي.
وتوسعت الشركة في استخدام الطاقة المتجددة في مواقع عملها بمقدار ثلاثة أضعاف في عام 2020 مقارنة بعام 2018، كما أعادت تدوير 95 في المئة من نفايات التصنيع، إلى جانب تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 250 مليون طن عن مستويات عام 2009.
وفي عام 2020، حددت «سامسونغ» هدفاً لتوليد 100 في المئة من الطاقة المستخدمة في مواقع عملها في الولايات المتحدة وأوروبا والصين من الطاقة المتجددة، كما تستهدف جمع 7.5 مليون طن من النفايات الإلكترونية بحلول عام 2030.
وتخطط شركة صناعة الإلكترونيات الكورية الجنوبية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وتعهدت بإنفاق أكثر من خمسة مليارات دولار لإزالة الكربون من عمليات الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية الخاصة بها.
وتنتج سامسونغ ثاني أكسيد الكربون أكثر من أي شركة تكنولوجيا أخرى.
توشيبا وفودافون
حققت شركة التكنولوجيا العملاقة «توشيبا» ومزود خدمات تكنولوجيا المعلومات «أكسنتشر» أكبر انخفاض نسبي في انبعاثات الكربون منذ عام 2017. وقد خفضت الشركتان إجمالي انبعاثات الكربون الخاصة بهما بنسبة 64 في المئة.
وتعتبر شركة الاتصالات البريطانية «فودافون» من بين أفضل الشركات أداءً من حيث التخفيض النسبي للكربون، إذ خفضت انبعاثاتها الكربونية بنسبة 26 في المئة منذ عام 2017.
ورغم ذلك فإن الشركة من بين أكبر الشركات المسببة لانبعاثات الكربون إذ أنتجت عشرة ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2021.
ميتا
خفضت الشركة المالكة لتطبيقات التواصل الاجتماعي فيسبوك و إنستغرام وواتساب انبعاثاتها التشغيلية بنحو 94 في المئة عن خط الأساس لعام 2017، من خلال دعم مراكز البيانات والمكاتب بالطاقة المتجددة بنسبة 100 في المئة.
وأسهم التحول نحو الطاقة المتجددة في خفض انبعاثات الشركة بأكثر من 12.3 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون منذ عام 2018.
وتهدف الشركة إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
تحديات تواجه التحول الأخضر لشركات التكنولوجيا
يمثل الحد من انبعاثات «النطاق 3» التحدي الأكبر أمام إزالة الكربون من صناعة التكنولوجيا؛ وانبعاثات «النطاق 3» هي الانبعاثات التي يمكن للشركات التأثير عليها، ولكن لا تمتلك سيطرة مباشرة عليها.
وفي حين أن العديد من شركات التكنولوجيا تمكنت من خفض انبعاثاتها عن طريق التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، فإنها غالباً ما تكون لديها «نقاط كربون ساخنة» في «النطاق 3»؛ وقد يشمل ذلك المواد والخدمات التي يشترونها، أو السلع الرأسمالية مثل معدات التصنيع، أو استخدام منتجاتهم من قبل العملاء بمجرد بيعها.
ويمكن للشركات التي تسخر الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات أن تجعل الطاقة النظيفة أكثر قابلية للتطبيق بشكل عام، فمن خلال إدخال الذكاء الاصطناعي في عمليات توليد الطاقة المتجددة ونقلها وتوزيعها، يمكن للمرافق التنبؤ بشكل أفضل بأنماط الطقس مقدماً، ما يمنحها رؤى أفضل حول إنتاج مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.