رغم التوقعات المرتفعة التي صاحبت الإعلان عن طرح الفيلم المصري “رهبة” قبل 3 أسابيع، خاصة مع نجاح كل من الأغنية الدعائية “إمبابة أجمل من باريس” لأحمد الفيشاوي ومسلم، والإعلان التشويقي للعمل في جذب أنظار الجمهور؛ مما بشّر بنسب مشاهدة مرتفعة في دور العرض، لكن سرعان ما جاءت الإيرادات مُحبطة.
فالفيلم لم يستطع أن يحصد إلا 1.5 مليون جنيه (الدولار يساوي نحو 31 جنيها) -حتى الآن- فيما تفوق عليه فيلم “شوغر دادي” الذي جنى إيرادات بلغت 5.2 ملايين جنيه في مصر و164 مليون جنيه في السعودية.
مع ذلك، وبعيدا عن لغة الأرقام، يظل فيلم “رهبة” تجربة تستحق الالتفات إليها، بسبب محاولة صانعيها تقديم مغامرة فنية جديدة بعيدا عن الابتذال، فهل نجحوا في مسعاهم أم حالفهم الفشل ماديا ومضمونا؟
فيلم “رهبة: ورا مصنع الكراسي” عمل درامي-كوميدي بطولة كل من أحمد الفيشاوي، ونسرين أمين، وسماء إبراهيم، ومحمود البزاوي، ومصطفى غريب، وأحمد رمزي، وفرغلي إسماعيل، ومحمد لطفي، ومحمد القس.
أما التأليف فكان لمحمد علام في أول عمل فني يكتب قصته بالكامل وليس فقط السيناريو والحوار، والإخراج لرضا عبد الرازق في أول تجربة إخراجية له بعد العمل مساعد مخرج منذ 2007.
يحكي العمل قصة سيد رهبة، البلطجي الذي يعيش في أحد الأحياء الشعبية ويُسيطر على الجميع مُعتمدا على إخافة الآخرين بنفسه أو بواسطة الرجال الذين يعملون تحت إمرته.
لكن حادثا غير متوقّع يتسبب في قلب حياة رهبة تماما، إذ يتحول بعده من رجل لا يعرف الرحمة إلى إنسان مرهف الحس ويحترم الجميع؛ الأمر الذي يُغضب كافة من حوله حتى عائلته، وينتج عنه كثير من المواقف الطريفة.
مع اني شفته غصب بس غيّر جوي كثير #فيلم_رهبة pic.twitter.com/sHXVzrgU32
— حيَاة (@ztiq_) June 11, 2023
كوميديا البارودي
فكرة العمل قد تبدو ساذجة أو مكررة بالنظر إلى تشابهها بتصرُّف مع قصة فيلم “قلب أمه” لهشام ماجد وشيكو، الذي صدر عام 2018، وتمحور حول رئيس عصابة يُصاب في إحدى العمليات الإجرامية وحين يُنقل إلى المستشفى في حالة خطيرة يضطر الطبيب إلى نقل قلب سيدة إليه، مما يجعله فجأة شخصا حنونا خاصة على ابن تلك السيدة.
غير أن صانعي فيلم “رهبة” لم يكن هدفهم الأساسي تأكيد أن داخل كل إنسان مهما بلغ من شر بعض الخير الذي يحتاج فقط إلى تنميته والاستثمار فيه ليزدهر ويتضاعف، إنما قرروا صُنع فيلم “بارودي”، والمقصود بذلك تقديم عمل يُحاكي بشكل تهكمي أعمالا فنية أخرى شهيرة، حيث يُعاد تقديم أهم مشاهدها من زاوية كوميدية.
وهو ما جرى في النصف الأول من العمل في إطار فانتازي، إذ تمت السخرية من الأعمال الدرامية المصرية الهابطة أو تلك التي تتمحور حول البلطجة، وبرزت خلال ذلك بعض قدرات رضا عبد الرازق الإخراجية الذي حاول إبراز المواهب الكوميدية للأبطال.
أما النصف الثاني من العمل فاتسم بالملل والتطويل، ورغم إمكانية استغلال الحبكة لخلق حالة درامية حقيقية مع جرعة قوية من الكوميديا، لكن جاءت الأحداث رتيبة خاصة في وجود خطوط درامية عديدة كان يمكن الاستغناء عنها، أبرزها الوجود النسائي بأكمله الذي لم يُضف لأصحابه فنيا، سواء نسرين أمين أو ثراء جبيل أو سماء إبراهيم، وكان من الأفضل تكثيف الأحداث خلال خطوط درامية محدودة وموظفة بذكاء وحرفية بدلا مما تم تقديمه في العمل.
عودة قوية ولكن إلى الخلف
على مستوى التمثيل برع كل من الممثل مصطفى غريب الذي شارك في العديد من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات هذا العام رغم قصر مشواره الفني، وأحمد رمزي الذي أتى من عالم “تيك توك” ومنصات التواصل ليشارك في أول تجاربه السينمائية بعد ظهور سابق في المسلسل الكوميدي “في بيتنا روبوت”.
الحمدلله حتي يبلغ الحمد منتهاه 🤲
أول تجربة ليا في السينما .. دا بفضل ربنا عليا ثم دعم أهلي و دعمكم ♥️ .. يارب تكون خطوة لنجاحات كتير جاية .. ربنا يجعل في وشنا القبول و إن شاء الله الفيلم يعجبكم♥️
فيلم ( رهبة ) بجميع دور العرض السينمائي في مصر و الوطن العربي يوم ٢٤ مايو ٢٠٢٣ . pic.twitter.com/Th9NTE424u
— Ahmed Ramzy (@aahmedramzyy) May 12, 2023
أما الأفضل من بين فريق العمل هو النجم أحمد الفيشاوي، الذي قدّم شخصيتين متناقضتين، ومع ذلك حرص على أن يكون الأداء في كل منهما كوميديا من دون أي مبالغة أو افتعال، مُحاولا العودة إلى الخلف والسير على خطى تجربته الناجحة في فيلم “الحاسة السابعة” التي جمعت بين الكوميديا والفانتازيا، وما زالت قريبة من قلب الجمهور رغم مرور نحو عقدين كاملين عليها.
من زمن فات | جائزة مالية قدرها 40 جنيهًا تُخصم منها الضرائب والدمغات لبطل مصري.. مشهد من فيلم “الحاسة السابعة” pic.twitter.com/v6A8iDo64D
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) May 24, 2023
أمل أخير
فيلم “رهبة: ورا مصنع الكراسي” عمل كوميدي خفيف يجمع بين الدراما والفانتازيا، يمكن تصنيفه بالعمل غير الناجح وفقا للإحصاءات والأرقام، لكن ذلك لا ينفي أنه خارج النمطية المعتادة للأعمال السائدة والمنتشرة في السنوات الأخيرة، خاصة أنه شهد قدرا لا بأس به من طموح صانعيه، وهو ما يجعل كثيرين يعتقدون أنه سيُحقق شعبية أفضل عند عرضه في المنصات أو على شاشة التلفزيون.