في اكتشاف يُعيد تشكيل فهمنا لمصير الكواكب بعد موت نجومها، رصد تلسكوب «هابل» الفضائي التابع لوكالة «ناسا» جسماً شبيهاً بكوكب قزم على غرار «بلوتو»، وهو يتفكك ويُبتلع تدريجياً من قِبل نجم ميت يُعرف باسم القزم الأبيض، وذلك على بُعد نحو 260 سنة ضوئية من الأرض.
وأوضح الباحثون، بقيادة جامعة وُورويك في بريطانيا، أن «هابل»، بفضل قدرته الفريدة على الرصد بالأشعة فوق البنفسجية، كان الوحيد القادر على تحديد حدوث هذا «الالتهام الكوني»، ونُشرت النتائج، الخميس، بدورية الإشعارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية.
ويصف العلماء الظاهرة بعبارة «الالتهام الكوني»، في إشارة إلى الطريقة التي يجذب بها القزم الأبيض الأجسام الجليدية الكبيرة، ويمزقها بفعل جاذبيته الهائلة قبل أن يبتلعها تدريجياً. ولا يقتصر المشهد على كونه حدثاً مثيراً بصرياً، بل يحمل قيمة علمية كبيرة، إذ يكشف عن التركيب الداخلي لتلك الأجسام الغنية بالماء والمواد المتطايرة، ما يُعد دليلاً مباشراً على أن أنظمة كوكبية أخرى تمتلك أجساماً قادرة على نقل الماء، وربما المكونات العضوية، إلى الكواكب الصخرية، وهو ما يُعزز فهمنا لآليات نشوء الحياة في الكون.
وحسب الفريق، فإن هذا القزم الأبيض هو بقايا نجم تبلغ كتلته نحو نصف كتلة الشمس، لكنه مضغوط في حجم يُقارب حجم الأرض. ويرجّح العلماء أن جاذبيته الهائلة سحبت جسماً جليدياً شبيهاً بـ«بلوتو» من نسخته الخاصة من «حزام كايبر» الجليدي المحيط بنظامنا الشمسي، ثم مزقته وبدأ ابتلاع شظاياه.
وتوصّل الباحثون إلى هذه النتائج بعد تحليل التركيب الكيميائي لبقايا الجسم المتحطم أثناء سقوطها على النجم؛ حيث رصدوا مواد متطايرة منخفضة درجة الغليان مثل الكربون والكبريت والنيتروجين، إضافة إلى نسبة مرتفعة من الأكسجين تُشير إلى وفرة كبيرة من الماء.
وبالاعتماد على جهاز التحليل الطيفي للأشعة فوق البنفسجية في «هابل»، كشف الفريق أن الشظايا المتساقطة مكوَّنة من نحو 64 في المائة من الماء الجليدي. كما اكتشف العلماء نسبة غير مسبوقة من النيتروجين، هي الأعلى التي رُصدت حتى الآن في أنظمة الأقزام البيضاء.
وقالت الدكتورة سنهالاتا ساهو، الباحثة الرئيسية من جامعة وُورويك: «لقد فاجأنا هذا الاكتشاف، إذ لم نتوقع العثور على هذه الكمية من الجليد والمواد المتطايرة، لأن مثل هذه الأجسام عادةً ما تُطرد من أنظمتها الكوكبية، مع تحوّل النجوم إلى أقزام بيضاء».
وأضافت عبر موقع الجامعة: «دراستنا ترصد دليلاً مباشراً على بقايا غنية بالمواد الطيارة، وهو أمر مهم لعلماء الكواكب الخارجية».
ويُرجح أن النيتروجين المكتشف يُشبه الغطاء الجليدي الذي يكسو سطح «بلوتو»، ما يشير إلى أن القزم الأبيض ابتلع أجزاء من قشرة وغلاف جسم كوكبي قزم.
ويرى العلماء أن ما رُصد اليوم قد يعكس مستقبل نظامنا الشمسي؛ فبعد مليارات السنين، عندما تتحول الشمس إلى قزم أبيض، قد تلقى أجسام «حزام كايبر» المصير ذاته، لتتحول إلى «وجبة كونية» للنجوم الميتة.
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}