مراسلو الجزيرة نت
Published On 31/8/2025
|
آخر تحديث: 23:02 (توقيت مكة)
برشلونة- في تمام الساعة الثالثة من عصر الأحد، اشتعلت المحركات، وأطلقت السفن أبواقها، معلنة بدء المهمة، لكن هذه المرة ليست سفينة واحدة منفردة، بل العشرات من سفن أسطول الصمود العالمي، التي تزينت بالأعلام الفلسطينية، واعتلاها المئات من المشاركين.
ومُلئت السفن بمساعدات إنسانية وغذائية وطبية عاجلة، ومن قبل ذلك بالهمة العالية والحماس الذي لا يتوقف، والوجهة واحدة؛ غزة، والهدف، كسر الحصار عنها.
ومن ورائهم، وعلى طول رصيف ميناء برشلونة الإسباني وقف آلاف الأشخاص الذين قدموا من مختلف الجنسيات والمناطق الإسبانية، لوداع ومؤازرة زملائهم، وعائلاتهم، أو لنشطاء لا يعرفونهم، لكنهم قدموا لإظهار دعمهم لحرية فلسطين، وللمطالبة بكسر الحصار عن غزة.
هنا، علت أصوات المشاركين بهتافات لطالما صدحوا بها في الشوارع، “الحرية لفلسطين، من النهر للبحر”، “إنها ليست حربا، إنها إبادة”، “إسرائيل ليست دولة، إنها احتلال”.
بكل اللغات
أصوات الحضور لم تتوقف على مدى 5 ساعات كاملة، فالكل يهتف رغم درجة الحرارة المرتفعة، أما أشد ما يلفت الانتباه فكان تنوع لغات الحاضرين، فهذا شخص يهتف باللغة الإنجليزية، وتلك فتاة تصرخ بالعربية، ومجموعة على الطرف الآخر بالفرنسية، وأخرى بالإيطالية.. لقد بدا الوداع عالميا بامتياز.
ولم يقتصر الأمر على الهتافات، فاللوحات الموسيقية بمختلف أشكالها الشعبية كانت حاضرة أيضا، وكان الجميع يحاول أن يوصل رسالة واحدة، ولسان حالهم يقول: إننا مهما اختلفت ثقافاتنا وأشكالنا وجنسياتنا، نحن هنا متفقون على شيء واحد؛ الحرية لفلسطين، وأن تتوقف الإبادة في غزة، وأن يكسر الحصار الإسرائيلي عنها.

دموع الفخر
“غزة.. نحن قادمون ولن نتوقف، وإذا أوقفونا سنعود مرة أخرى، وسنستمر حتى نكسر الحصار، نحن لا يمكن إيقافنا”، بهذه الجملة أنهى المشارك الفرنسي آدريان بيردهيل لحظاته الأخيرة في الميناء قبل صعوده نحو أحد قوارب الأسطول.
وأضاف للجزيرة نت “إبحارنا لا يعني أنه لا يمكن عمل شيء إضافي، علينا أن نعمل معا، وأن نستمر بالضغط على الحكومات المتواطئة في الإبادة، القوارب شيء مهم، لكن التحرك المجتمعي هو أمر مهم أيضا، وعلينا أن نستمر بالحراك”.
وإلى جانبه وقفت الطبيبة الفرنسية جويل تسشاتسير، والتي سبق أن زارت غزة 3 مرات، وقالت للجزيرة نت إن ما شاهدته خلال الحرب دفعها لبذل مزيد من الجهد لمحاولة فك الحصار عن غزة، وأنها تتمنى أن تصل إلى هناك مرة أخرى.
ودَّع كل من آدريان وجويل ذويهم ومحبيهم، ومضوا إلى سفنهم، ليتكرر مشهد الوداع المؤثر المليء بدموع الفخر مع العشرات من المتطوعين والمشاركين الآخرين، لكن تصفيق الجمهور وتشجيعهم كان كفيلا برفع حماس المشاركين وتحفيزهم ليستمروا بما بدؤوا به.
الناشطة السويدية غريتا تونبرغ عن انطلاق “أسطول الصمود العالمي” في محاولة لكسر الحصار عن #غزة: الجديد في هذه المهمة هو حجمها وطبيعتها وعودتنا لكسر الحصار كانت بمثابة وعد قطعناه#حرب_غزة pic.twitter.com/8wo6Djmpcf
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 31, 2025
فلسطين بكل مكان
حرص العديد من الإسبان المقيمين في محافظات ومدن أخرى أن يكونوا جزءا من لحظات الوداع الأخيرة للأسطول، فاحتشدوا منذ ساعات الصباح الباكر في الميناء، رافعين أعلام فلسطين ولافتات كتبوا فيها شعارات الدعم والتحفيز للأسطول، بينها لوحة كتب عليكم “شكرا لأنكم كنتم صوتنا”.
تقول آنا سانشيز، القادمة من مدريد، للجزيرة نت “كان الأمر مؤثرا للغاية، شعرت وكأنني أعيش لحظة تاريخية، لم أستطع حبس دموعي، كل ما أتمناه أن يصلوا بسلامة”.
أما صديقتها جوليا فتذكرت تلك اللحظات التي كانت فيها ضمن المسيرة العالمية نحو غزة في يونيو/حزيران الماضي، وقالت للجزيرة نت إنه مقارنة بين الفعالتين “فالأمور هنا أكثر إثارة وحماسة، أعلام فلسطين في كل مكان، إنه شعور لا يمكن وصفه، لم نشعر بذلك عندما كنا على بُعد عدة كيلومترات قليلة من غزة”، مؤكدة أن مستوى التضامن في الميناء كان عظيما جدا.

وتزامنا مع انطلاق عشرات السفن من ميناء برشلونة نحو المياه الدولية في البحر المتوسط باتجاه غزة، نظم نشطاء في عدة مدن إسبانية الأنشطة تضامنية أخرى، جمعت أولئك الذين لم يتمكنوا من السفر إلى برشلونة لوداع الأسطول.
وكانت أحد هذه الأنشطة التضامنية بعنوان “من نهر مدريد إلى بحر غزة” والتي حرص فيها المشاركون على إرسال رسائلهم التضامنية أيضا من مدنهم.