المؤتمر الدولي لتمويل التنمية
مدريد – قنا
اختتم المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في مدينة إشبيلية الإسبانية أعماله، بإعلان خطة شاملة تهدف إلى معالجة أعباء ديون الدول وتعزيز الاستثمارات المستدامة، وذلك عبر تبني حزمة من المبادرات التمويلية والسياسات الضريبية العادلة التي من شأنها إعادة تحفيز مسار التنمية العالمية وتحقيق أهدافها بحلول عام 2030.
وأكدت أمينة محمد نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، في الجلسة الختامية للمؤتمر، أن الأزمة الإنسانية الناتجة عن أعباء الديون المتزايدة والتوترات التجارية وانخفاض المساعدات الإنمائية، قد تم تسليط الضوء عليها بوضوح خلال فعاليات المؤتمر.
وقد توج المؤتمر بوثيقة نتائج موحدة تعكس التزام الدول المشاركة بروح التعاون متعدد الأطراف، وتؤكد على أهمية تنسيق الجهود الدولية في إدارة الدين وتنشيط التمويل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
من جهته، أكد كارلوس كويربو وزير المالية الإسباني أن مؤتمر إشبيلية سيكون نقطة انطلاق للعمل الجاد لتحسين حياة الملايين حول العالم، معربا عن ثقته في قدرة التعددية على تحقيق نتائج ملموسة تعيد التنمية إلى مسارها الصحيح.
وأشار لي جونهوا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن الأمم المتحدة تجاوزت كونها مجرد منصة للحوار لتصبح قوة فاعلة تقدم حلولا حقيقية، معبرا عن إرادة دولية موحدة لمواجهة التحديات التمويلية المعقدة.
واشتمل التزام إشبيلية على خطة عمل واضحة تتضمن دفعة استثمارية كبرى لسد الفجوة التمويلية، وخطوات ملموسة لمعالجة أعباء الديون غير المستدامة، فضلا عن تعزيز دور الدول النامية في صنع القرار المالي العالمي.
وفي إطار منصة عمل إشبيلية، تم إطلاق أكثر من 100 مبادرة جديدة، منها مركز عالمي لمقايضات الديون، وتحالف لوقف مدفوعات الديون أثناء الأزمات، بالإضافة إلى فرض ضرائب تضامنية على الطائرات الخاصة ورحلات الدرجة الأولى لدعم أهداف المناخ والتنمية.
وفي سياق الدعم الدولي، التزمت عدة دول بإجراءات ملموسة مثل تحويل الديون إلى استثمارات تنموية، وتعزيز التمويل المستدام، وفرض ضرائب عادلة على الأثرياء، بالإضافة إلى توسعة آليات تمويل الكوارث وتعزيز الخطط الوطنية للتمويل.
على صعيد القطاع الخاص، تعهدت الشركات المشاركة في المنتدى الدولي للأعمال بزيادة استثماراتها المؤثرة، وعرضت مشاريع بقيمة 10 مليارات دولار تعزز التنمية المستدامة.
وعلى الرغم من الترحيب بنتائج المؤتمر، حذرت منظمات المجتمع المدني من أن التقدم الحقيقي يعتمد على استمرار الالتزام السياسي والعمل العملي، مشددة على ضرورة تدخل الدول الغنية لمعالجة أوجه عدم المساواة الهيكلية التي تعيق التنمية في الدول الفقيرة.
وأكدت باولا سيفيلا ممثلة المعهد الدولي للبيئة والتنمية أن قمة إشبيلية جاءت في وقت حاسم لاستعادة الثقة في التعاون الدولي بعد جائحة (كوفيد-19)، مشددة على ضرورة مواجهة أعباء الديون الخارجية واستغلال التمويل المختلط لتوجيه الموارد للمجتمعات الأكثر حاجة.
وأشارت إلى أن القمة أغفلت معالجة أزمة الإسكان رغم تصاعد تكاليف المعيشة عالميا، داعية إلى فرض ضرائب عادلة ومكافحة التهرب الضريبي، ومحذرة من أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة بات مهددا في ظل غياب الإرادة السياسية اللازمة.
يذكر أن التزام إشبيلية حدد خريطة طريق عالمية تهدف إلى تعبئة الموارد المالية اللازمة سنويا لتحقيق التنمية المستدامة، مع التركيز على بناء أنظمة ضريبية أكثر عدلا، وتحسين إدارة الديون، وتعزيز دور بنوك التنمية، وجذب الاستثمارات الخاصة، بالإضافة إلى تطوير نظام مالي عالمي أكثر شمولا ومساءلة من خلال تنسيق فعال ومشاركة أوسع من مختلف مكونات المجتمع.
وتتضمن خطة عمل إشبيلية أكثر من 130 مبادرة لتحويل الالتزامات إلى نتائج فعلية على الأرض، مع السعي لتوفير تمويل مستدام يسهم في تحسين حياة ملايين الأشخاص حول العالم.