الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
الدوحة – قنا
أسس قوية صلبة وشراكة متعددة الأوجه تعززها زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدوحة التي اعتبرها خبراء اقتصاد ومحللون نقطة تحول جوهرية في مسيرة العلاقات القطرية – الأمريكية، وحدثا تاريخيا يؤكد متانة هذه الشراكة ويدفعها نحو آفاق أرحب في كافة المجالات.
وفي تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أشار الخبراء والمحللون إلى أن هذه الزيارة تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات القطرية – الأمريكية توسعاً ملحوظاً في قطاعات الطاقة والطيران والبنية التحتية والأمن والدفاع، إضافة إلى مجالات ناشئة مثل الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي والطاقة المتجددة، لافتين إلى البيانات التي كشف عنها المجلس الوطني للتخطيط التي أظهرت أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ حوالي 20 مليار ريال خلال عام 2024، بصادرات قطرية للأسواق الأمريكية في حدود 5.2 مليار ريال، مقابل وارداتها في مستوى 14.8 مليار ريال.
وأبرزوا ارتكاز العلاقات الاقتصادية الثنائية على اتفاقيات تجارية واستثمارات بينية تغطي مختلف المجالات، حيث تسارعت وتيرة العلاقات التجارية في الاتجاهين بنسقٍ أكبر منذ توقيع اتفاقية التجارة والاستثمار (TIFA) في عام 2004، ما جعل قطر تعد شريكا تجاريا موثوقا للولايات المتحدة الأمريكية.
وفي هذا السياق، قال الدكتور رجب الإسماعيل الخبير الاقتصادي ومدير مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر في جامعة قطر، “إن زيارة الرئيس الأمريكي إلى قطر تعزز الشراكة الاستراتيجية وتعزز آفاق التعاون الاقتصادي والاستثمارات المشتركة في إطار العلاقات الثنائية الراسخة بين البلدين”معتبرا الزيارة “حدثا استراتيجيا يسلط الضوء على أهمية تطوير التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية”.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد ضمن المراتب الأولى لأكبر المستثمرين الأجانب في دولة قطر، حيث تساهم استثماراتها في الدولة بشكل رئيسي في حركة التنمية من خلال أكثر من 800 شركة أمريكية تعمل بالسوق القطرية، منها أكثر من 120 شركة برأس مال أمريكي بنسبة 100 بالمئة، وفقا لأحدث البيانات الرسمية.
ونوه إلى أن الزيارة تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات القطرية – الأمريكية نموًا متسارعًا، حيث تعد الاستثمارات القطرية في الولايات المتحدة أحد المحاور الرئيسية في العلاقات الثنائية، إذ تجاوزت قيمتها خلال السنوات الأخيرة عشرات المليارات من الدولارات في قطاعات حيوية تشمل التكنولوجيا والطاقة والعقارات والخدمات المالية.
وأضاف أن الزيارة تمثل فرصة لتعزيز التعاون في الاقتصاد الأخضر، والتحول الرقمي، والطاقة المتجددة، إلى جانب بحث فرص الاستثمار المشترك في البنية التحتية والمشاريع التنموية الكبرى التي تتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030.
كما أشار الخبير إلى أن هناك التزاما بتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي من خلال تحفيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتسهيل تدفق رؤوس الأموال، وتشجيع تبادل الخبرات والتكنولوجيا، لافتا إلى أنه من المنتظر توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تفتح آفاقا جديدة أمام المستثمرين من الجانبين.
وأكد الإسماعيل، في تصريحه لـ/قنا/، على أن زيارة ترامب للدوحة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وتمثل دفعة قوية نحو توسيع الشراكة الاقتصادية بينهما.
من جانبه، أوضح رجل الأعمال السيد علي الخلف لـ/قنا/ أن العلاقات الاقتصادية بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية ليست حديثة العهد، إذ بدأت منذ عقود عبر الاستثمارات في قطاع النفط، وتطورت لاحقًا لتشمل صناعات الغاز، ثم توسعت لتغطي مجالات التكنولوجيا والطاقة والطيران والذكاء الاصطناعي.
وأعرب عن أمله في أن تنعكس هذه الزيارة على تواتر الاستثمارات وتشجيعها وزيادتها، وفي نفس الوقت تساهم في تحفيز التبادل التجاري بين البلدين، مبينا أنه متى ما تم تحفيز وتشجيع وتنشيط الاتفاقيات القائمة بين قطر والولايات المتحدة، وتوجيه المستثمرين إلى الفرص السانحة في البلدين، فلا شك أن هذا الأمر سيزيد من التعاون التجاري والاستثماري البيني.
بدوره، رأى تامر حسن المحلل الاقتصادي، أن هذه الزيارة تأتي انطلاقا من الدور المحوري للدوحة كوسيط دبلوماسي فاعل ساهم بشكل عملي في تسوية عديد الملفات والنزاعات في المنطقة والعالم، مشددا على أن علاقة الصداقة القوية والطويلة الأمد بين الولايات المتحدة ودولة قطر أثبتت في العديد من المحطات التاريخية فائدتها الكبيرة لكلا البلدين بفضل ما حققته ولا تزال تحققه من مصالح ومكتسبات للشعبين الصديقين، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالفوائد الجمة للشراكة الاقتصادية والاستثمارات المشتركة والتعاون في مجال الطاقة وغيرها، أو فيما تحققه في ضمان الأمن والاستقرار الإقليمي أو تعزيز السلام والازدهار على الصعيد العالمي.
وأبرز أن قطر تعتبر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي /الناتو/، وهو ما يعكس نتيجة طبيعية لما حققته الروابط المتينة بين البلدين والشراكة الاستراتيجية من نجاحات وإنجازات مشهودة في تحقيق الاستقرار وحماية الأمن المتبادل، وليس آخرها الدور الكبير الذي نهضت به قطر في عمليات الإجلاء من أفغانستان ووساطتها الناجحة في عدد من الملفات بالمنطقة والعالم.
وتوقع تامر حسن أن تشهد الزيارة توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدد من المجالات أبرزها قطاعات الطاقة والطيران والتكنولوجيا، مشيراً إلى أن العلاقات القطرية الأمريكية شهدت تناميا كبيرا في كافة مجالات التعاون، لا سيما الدفاعية والأمنية وقطاعات التجارة والاستثمار، حيث توجد لدى كل من الدوحة وواشنطن الرغبة الأكيدة لدفع العلاقات إلى آفاق أرحب تحقق طموحات الشعبين الصديقين نحو مزيد من الرخاء والأمن والسلام.