سوريا
دمشق – قنا
طالب خبراء اقتصاديون وأكاديميون بضرورة رفع العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على سوريا، والتي فرضت على البلاد خلال فترة حكم النظام السابق، وأصبحت تشكل عائقا أمام جهود إعادة الإعمار والتنمية في سوريا.
وأكد المتحدثون في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا سيؤدي إلى انتعاش التجارة والاستثمارات، كما ستستعيد دول العالم الثقة بالاقتصاد السوري، مما سيعزز العلاقات التجارية مع الأسواق الخارجية ويحفز نمو القطاعات الإنتاجية، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا.
وأوضحوا أن رفع العقوبات سيسمح أيضا بعودة النشاط المصرفي والتحويلات المالية، حيث ستتمكن البنوك السورية والمصرف المركزي من إعادة الاندماج في النظام المالي العالمي (سويفت)، مما يسهل تحويل الأموال وفتح الاعتمادات، وتسهيل الحصول على القروض والمساعدات الدولية لإعادة الإعمار.
وفي هذا السياق، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن العالم متأهب لدخول السوق السورية، ولا ينقصها إلا زوال هذه العقوبات، التي تعتبر العائق الرئيسي أمام أي استثمار حقيقي في البلاد.
وشدد على أن العقوبات، وخاصة تلك المفروضة على البنك المركزي، تقف حاجزا أمام أي مشروع اقتصادي مهما كان صغيرا، مما يعني منع خلق فرص عمل وتدهور مستوى معيشة المواطنين، وهو ما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار وربما اضطرابات اجتماعية كبيرة.
وأضاف قائلا: “أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستتخذ القرار السليم برفع العقوبات قريبا جدا، لأن ذلك يصب في مصلحة الشعب السوري أولا، ومصلحة الاستثمارات الأمريكية والغربية والعربية التي ينتظرها السوريون. بعد ستة عقود من تدمير الاقتصاد السوري، حان الوقت للتعافي الحقيقي وبناء شراكات اقتصادية مع دول العالم، والتركيز على التنمية الاقتصادية لمدة نصف قرن قادم على الأقل، لتعويض ما فاتنا على مدى أكثر من 20 جيلا منذ تأسيس سوريا”.
وبدوره، قال الباحث الاقتصادي في مركز عمران للدراسات السيد مناف قومان في تصريح مماثل لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ ، تعليقا على قرار الاتحاد الأوروبي في أواخر يناير الماضي بتعليق جزئي ومؤقت للعقوبات عن سوريا، إن رفع العقوبات على حركة الطيران والشحن والبنية التحتية المصرفية والطاقة سيلمس المواطنون آثاره الإيجابية خلال فترة وجيزة. وأوضح أن صيانة خطوط ومحولات الكهرباء المعطلة عبر شركات أوروبية، وعودة المصارف السورية للعمل في المنظومة الدولية، سيسمح بتدفق العملات الأجنبية إلى البلاد مما يساهم في تعافي الليرة السورية على المدى المنظور.
وفي هذا السياق، أكد أستاذ الإدارة المالية في جامعة باشاك شهير بإسطنبول الدكتور فراس شعبو، أن رفع العقوبات عن سوريا سيؤدي إلى انتعاش التجارة والاستثمارات، حيث ستستعيد الثقة بالاقتصاد السوري، وتحسن العلاقات التجارية مع الأسواق الخارجية، مما يعزز نمو القطاعات الإنتاجية، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مشاريع البنية التحتية والطاقة، مما يعيد بناء الاقتصاد، ويحسن قطاع النقل والتجارة الخارجية عبر إعادة تشغيل الموانئ والمطارات بشكل كامل، وتحسين العلاقات الدولية، مما قد يفتح أبوابا جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي.
وأضاف الدكتور شعبو في تصريح لـ/قنا/، أن رفع العقوبات سيؤدي إلى عودة النشاط المصرفي والتحويلات المالية، حيث ستتمكن البنوك السورية والمصرف المركزي من إعادة الاندماج في النظام المالي العالمي (سويفت)، مما يسهل تحويل الأموال وفتح الاعتمادات المستندية، وتسهيل الحصول على القروض والمساعدات الدولية لإعادة الإعمار، بالإضافة إلى الحصول على مساعدات فنية وتقنية من المؤسسات المالية الدولية لإصلاح المصارف السورية وإعادة هيكلتها.
وأشار إلى أن قطاع الطاقة والصناعة سيشهد تحسنا، حيث سيؤدي رفع العقوبات إلى تسريع عملية إعادة إعمار البنية التحتية، وتمكين الدولة من إصلاح واستغلال الموارد الطبيعية (نفط، غاز، فوسفات) بشكل أفضل، مما سيزيد الإيرادات الحكومية، ويدعم الاقتصاد الوطني، ويمكن من استيراد تقنيات حديثة لتطوير أنظمة الطاقة، مما يقلل تكلفة الإنتاج، ويحسن القدرة التنافسية للمنتجات.
من جهته، أشار السيد يونس الكريم، المدير التنفيذي لمنصة “اقتصادي”، لـ/قنا/ إلى أن تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا يمكن أن يحرك النشاط الاقتصادي بشكل إيجابي، مؤكدا أن رفع العقوبات بشكل تدريجي هو الحل الأمثل لتجنب تفاقم الفجوة الاجتماعية. ودعا إلى ضرورة صياغة دستور جديد يحدد ملامح الاقتصاد السوري ويضمن استقرار العملة وحرية تداول العملات الأجنبية.
وبالنسبة لنموذج السوق الحرة الذي أعلنت عنه الحكومة، يرى السيد يونس أن هذا النموذج يتطلب وجود عدة معايير، أهمها وجود دستور واضح، واستقرار العملة، وحرية تداول العملات الأجنبية. ورغم هذه الوعود، يبقى تحقيق اقتصاد حر مرتبطا بالاستقرار السياسي.
كما اقترح عدة إجراءات لتحسين الوضع الاقتصادي، مثل السماح بالدولرة الجزئية، وإلزام التجار بالتعامل بالليرة السورية لشراء السلع الاستراتيجية، وإصدار نشرة أسعار لصرف العملات تكون واقعية ومنطقية.
ويشهد الاقتصاد السوري تحولات كبيرة، حيث يسعى إلى الانتقال إلى نموذج اقتصادي جديد. ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهه، إلا أن هناك بعض المؤشرات الإيجابية التي تشير إلى إمكانية تحقيق استقرار اقتصادي في المستقبل. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الاستقرار يتطلب اتخاذ إجراءات جذرية وإصلاحات هيكلية.
وفي أواخر يناير الماضي، علق الاتحاد الأوروبي بشكل جزئي ومؤقت العقوبات عن سوريا، وهي خطوة رحبت بها الحكومة السورية، معتبرة أنها “تمهد الطريق للتعافي الاقتصادي وتعزز الاستقرار”. إلا أن مسؤولين ومراقبين سوريين أكدوا أن هذه الخطوة غير كافية، وأن رفع العقوبات بشكل كامل، وخاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، هو أمر ضروري لتحقيق تعاف اقتصادي حقيقي.