يقول باحثون إن خوارزمية جديدة يمكن أن تحول كيفية اكتشاف الزلازل من خلال الاستفادة من شبكة كابلات الإنترنت الشاسعة في العالم. ويمكن لهذا النهج المبتكر، المفصل في دراسة نشرت يوم 3 فبراير/شباط في مجلة “جيوفيزيكال جورنال إنترناشونال”، أن يحسن كثيرا أنظمة الإنذار المبكر ويساعد في مراقبة النشاط الزلزالي المرتبط بالبراكين والمواقع الحرارية الأرضية وحتى الأنهار الجليدية.
تتمتع كابلات الألياف الضوئية المستخدمة في أنظمة الإنترنت والتلفزيون والهاتف بالقدرة على العمل كآلاف من أجهزة الاستشعار الزلزالية، وقد أتاحت التطورات التكنولوجية الأخيرة إمكانية استخدام هذه الكابلات للكشف عن اهتزازات الأرض، ولكن حتى الآن كان تحويل هذه الإمكانية إلى حل عملي أمرًا صعبًا.
نهج هجين
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة توماس هدسون -الباحث في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ- إن الدراسة الجديدة تقدم خوارزمية بسيطة ولكنها قوية تعتمد على الفيزياء، تجمع بين البيانات من كابلات الألياف الضوئية وأجهزة قياس الزلازل التقليدية، بحيث يمكن أن يجعل هذا النهج الهجين اكتشاف الزلازل أسرع وأكثر دقة.
يقول هدسون في تصريحات للجزيرة نت “لقد ألهمت القدرة على تحويل كابلات الألياف الضوئية إلى آلاف من أجهزة استشعار الزلازل العديد من الأساليب لاستخدام الألياف في الكشف عن الزلازل. ومع ذلك، فإن الكشف عن الزلازل باستخدام الألياف الضوئية ليس تحديا سهلا للحل”.
ويوضح “تجمع طريقتنا بين فائدة الآلاف من أجهزة الاستشعار مع نهج بسيط قائم على الفيزياء للكشف عن الزلازل باستخدام أي كابل ألياف ضوئية في أي مكان”.
تستخدم كابلات الألياف الضوئية بالفعل في تقنية تسمى الاستشعار الصوتي الموزع تكتشف الإشارات الصوتية والاهتزازات، ويمكن للاستشعار الصوتي الموزع مراقبة خطوط الأنابيب والسكك الحديد وحتى الحركات تحت الأرض. وبالاستفادة من هذه التكنولوجيا، يمكن للباحثين تحويل شبكات الألياف الضوئية التي تنقل البيانات بسرعة البرق إلى أدوات لقياس النشاط الزلزالي.
يضيف الباحث “أحد أكثر جوانب هذا البحث إثارة هو قدرته على تعزيز أنظمة الإنذار المبكر بالزلازل الحالية. ومن خلال دمج بيانات الألياف الضوئية، يمكن لهذه الأنظمة توفير تنبيهات أكثر تفصيلا وفي الوقت المناسب، مما قد يؤدي إلى إنقاذ الأرواح والحد من الأضرار”.
![EDINBURGH, UNITED KINGDOM - FEBRUARY 27: Staff at the British Geological Survey, in Edinburgh look at the graph showing the earthquake which occurred at Market Rasen in North East Lincolnshire February 27, 2008 in Scotland. The tremor the biggest in the UK for nearly 25 years was felt by people as far away as Cumbria and also in the Midlands and London. (Photo by Jeff J Mitchell/Getty Images)](https://nasmisr.com/wp-content/uploads/2025/02/زلزال-توقع-1695814373-1695890342.jpg)
شبكات معقدة
يكمن التحدي في تعقيد شبكات الألياف في العالم الحقيقي؛ فغالبا ما توضع هذه الكابلات في أنماط معقدة، ولا يملك علماء الزلازل أي سيطرة على تصميمها. وبالإضافة إلى ذلك، تتعرض كابلات الألياف الضوئية في المناطق الحضرية لكثير من الضوضاء الخلفية، مثل حركة المرور والبناء، مما يجعل من الصعب التمييز بين إشارات الزلازل والاضطرابات اليومية، وفقا للمؤلف الرئيسي للدراسة.
هناك مشكلة أخرى وهي أن كابلات الألياف الضوئية حساسة فقط للإجهاد على طول محورها، بعكس أجهزة قياس الزلازل التقليدية التي تقيس حركة الأرض في 3 أبعاد.
وهذا يعني أن كابلات الألياف الضوئية أفضل في اكتشاف الموجات الثانوية الأبطأ (التي تنتقل عبر المواد الصلبة) من الموجات الأولية الأسرع (التي تنتقل عبر السوائل والمواد الصلبة). وتعدّ الموجات الأولية بالغة الأهمية للكشف المبكر عن الزلازل لأنها تصل أولا.
وتعالج الخوارزمية الجديدة هذه التحديات من خلال الجمع بين البيانات من كل من كابلات الألياف الضوئية وأجهزة قياس الزلازل، وهي تعمل عن طريق تحليل الطاقة المكتشفة في نقاط مختلفة على طول الكابل وتتبعها عبر المكان والزمان لتحديد مصدر الاهتزازات. وهذه الطريقة فعالة بشكل خاص في البيئات الصاخبة لأن إشارات الزلازل أكثر تماسكا من الضوضاء العشوائية.
وقد أظهرت الخوارزمية أيضا نهجا واعدا في اكتشاف النشاط الزلزالي المرتبط بالبراكين المتفجرة والآبار الحرارية الأرضية والزلازل الجليدية، وهذا يجعلها أداة متعددة الاستخدامات لمراقبة مجموعة واسعة من الظواهر الطبيعية.