استخدام غسول الفم بات عادة شائعة في روتين العناية اليومية للفم والأسنان، خصوصاً ذلك الذي يحتوي على مواد مضادة للبكتيريا، مثل الكلورهيكسيدين، المستخدم على نطاق واسع لأكثر من 6 عقود.
ورغم الفوائد التي يوفرها هذا العنصر في تقليل التهابات اللثة ومكافحة الجراثيم الضارة، فإن الدراسات الحديثة تدق ناقوس الخطر بشأن تأثيره السلبي على الصحة العامة، خصوصاً على توازن الميكروبيوم الفموي.
الميكروبيوم الفموي: نظام دقيق وحيوي
الميكروبيوم الفموي مجتمع ميكروبي متوازن، يتكون من تريليونات الكائنات الدقيقة التي تعمل بتناغم لحماية صحة الفم والجسم. ولكن، عند استخدام غسول الفم الذي يحتوي على مبيدات حيوية، مثل الكلورهيكسيدين، يُمكن أن يحدث اضطراب خطير في هذا التوازن.
وقد أظهرت بعض الدراسات أن هذه المواد قد تقتل ما يصل إلى 90 في المائة من البكتيريا الحميدة في الفم، ما يترك المجال مفتوحاً لتكاثر البكتيريا الضارة.
ونتيجة ذلك، يرتفع خطر الإصابة بمشكلات مثل التهاب اللثة وتسوس الأسنان، إضافة إلى تأثيرات أوسع على الميكروبيوم في أجزاء أخرى من الجسم، ما قد يُعزز الالتهابات، ويضعف جهاز المناعة.
تأثيرات على الجهازين المناعي والهرموني
ويلعب الميكروبيوم الفموي دوراً مهمّاً في تنظيم الجهاز المناعي، فالجراثيم الحميدة تُسهم في تحفيز الاستجابة المناعية الطبيعية للجسم، وتدميرها من قِبَل غسول الفم، ما يجعل الجسم أكثر عرضة للأمراض. كما أن تأثيرات هذا الاختلال تمتد إلى التوازن الهرموني، ما يعكس الأهمية الحاسمة للحفاظ على الميكروبيوم الفموي سليماً.
تحذيرات جديدة
وذكر البروفسور أندرو سيتون، رئيس الجمعية البريطانية للعلاج الكيميائي المضاد للميكروبات ومستشار الأمراض المعدية في مديرية صحة كلاسكو الكبرى (NHS Greater Glasgow and Clyde)، في مقالته المنشورة في المجلة الطبية البريطانية الشهر الماضي: «خارج مجال الرعاية الصحية، فإن فوائد المبيدات الحيوية على أفضل تقدير، تعد تكهنات. ولكن الأضرار المحتملة كبيرة، ولا رجعة فيها. إذ إن الاستخدام غير المميز للمبيدات الحيوية لديه القدرة على رفع مقاومة المضادات الحيوية، وذلك عن طريق تعطيل الميكروبيوم البشري بشكل مباشر، وكذلك نظامنا البيئي الهش».
غسول الفم وزيادة خطر السكري
وكانت دراسة مثيرة للجدل أجرتها جامعة هارفارد في 2017، كشفت عن وجود علاقة بين استخدام غسول الفم بانتظام وزيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
وأظهرت الدراسة، التي شملت أكثر من 1200 شخص من غير المصابين بالسكري أو أمراض القلب، أن الأفراد الذين استخدموا غسول الفم مرتين يومياً كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكري بنسبة تصل إلى 55 في المائة خلال 3 سنوات، مقارنة بمن لم يستخدموه.
وأوضحت الدراسة أن المبيدات الحيوية الموجودة في غسول الفم، ورغم فاعليتها في قتل البكتيريا الضارة، فإنها لا تفرق بينها وبين البكتيريا الحميدة التي تُسهم في تنظيم مستويات السكر في الدم. وهذا التأثير السلبي يضع مستخدمي غسول الفم المفرطين، في دائرة الخطر، خصوصاً في ظل ارتفاع معدلات السمنة والمشكلات الأيضية الأخرى.
نصائح العناية بالفم
وينصح الخبراء بضرورة مراجعة ممارسات العناية بالفم بعناية. في حين يُعدّ استخدام غسول الفم في الحالات الضرورية أمراً مفيداً، على أن يتم بإشراف طبيب الأسنان؛ حيث إن أغلب أنواع غسول الفم التي لا تحتوي على مبيدات حيوية قد تكون حامضية، بحيث تؤدي إلى ذوبان مينا الأسنان، أو تحتوي على كحول، وهو من مسببات سرطان الفم. والاستخدام المفرط أو اليومي قد يحمل مخاطر غير متوقعة. ويوصي الأطباء بتبني وسائل تنظيف طبيعية، تعتمد على الفرشاة؛ فرشاة ما بين الأسنان والخيط الطبي، مع التركيز على نظام غذائي صحي يعزز صحة الميكروبيوم.
وتُسلط هذه التحذيرات الضوء على أهمية التفكير بعناية قبل استخدام المنتجات التي قد تؤثر على توازن الجسم الطبيعي. وتُظهر البحوث المتزايدة حول علاقة الميكروبيوم بالصحة العامة أن الحفاظ على هذا التوازن أمر لا يستهان به في رحلة الحفاظ على الصحة.
“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}